البديوي: إحراق مستشفى كمال عدوان في غزة جريمة إسرائيلية جديدة في حق الشعب الفلسطيني    منع تهريب 1.3 طن حشيش و1.3 مليون قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    جمعية(عازم) بعسير تحتفل بجائزة التميّز الوطنية بعد غدٍ الإثنين    مراكز العمليات الأمنية الموحدة (911) نموذج مثالي لتعزيز الأمن والخدمات الإنسانية    الهلال يُعلن مدة غياب ياسر الشهراني    جوائز الجلوب سوكر: رونالدو وجيسوس ونيمار والعين الأفضل    الفريق الفتحاوي يواصل تدريباته بمعسكر قطر ويستعد لمواجهة الخليج الودية    ضبط 23194 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود.. وترحيل 9904    بلدية محافظة الاسياح تطرح فرصتين استثمارية في مجال الصناعية والتجارية    حاويات شحن مزودة بنظام GPS    الأونروا : تضرر 88 % من المباني المدرسية في قطاع غزة    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب الفلبين    مهرجان الحمضيات التاسع يستقبل زوّاره لتسويق منتجاته في مطلع يناير بمحافظة الحريق    سديم "رأس الحصان" من سماء أبوظبي    أمانة القصيم توقع عقد تشغيل وصيانة شبكات ومباشرة مواقع تجمعات السيول    «سوليوود» يُطلق استفتاءً لاختيار «الأفضل» في السينما محليًا وعربيًا خلال 2024    الصين تخفض الرسوم الجمركية على الإيثان والمعادن المعاد تدويرها    المكسيك.. 8 قتلى و27 جريحاً إثر تصادم حافلة وشاحنة    بعد وصوله لأقرب نقطة للشمس.. ماذا حدث للمسبار «باركر» ؟    الفرصة مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    انخفاض سعر صرف الروبل أمام الدولار واليورو    أدبي جازان يشارك بمعرض للتصوير والكتب على الشارع الثقافي    دبي.. تفكيك شبكة دولية خططت ل«غسل» 641 مليون درهم !    «الجوير».. موهبة الأخضر تهدد «جلال»    ابتسامة ووعيد «يطل».. من يفرح الليلة    رينارد وكاساس.. من يسعد كل الناس    رئيس الشورى اليمني: نثمن الدعم السعودي المستمر لليمن    مكي آل سالم يشعل ليل مكة بأمسية أدبية استثنائية    جازان تتوج بطلات المملكة في اختراق الضاحية ضمن فعاليات الشتاء    الرويلي يرأس اجتماع اللجنة العسكرية السعودية التركية المشتركة    مدرب ليفربول لا يهتم بالتوقعات العالية لفريقه في الدوري الإنجليزي    رئيس هيئة الأركان العامة يلتقي وزير دفاع تركيا    لخدمة أكثر من (28) مليون هوية رقمية.. منصة «أبشر» حلول رقمية تسابق الزمن    السعودية تقدم دعمًا اقتصاديًا جديدًا بقيمة 500 مليون دولار للجمهورية اليمنية    ضبط 3 مواطنين في نجران لترويجهم (53) كجم "حشيش"    وزير «الشؤون الإسلامية»: المملكة تواصل نشر قيم الإسلام السمحة    خطيب الحرم: التعصب مرض كريه يزدري المخالف    مآل قيمة معارف الإخباريين والقُصّاص    الصندوق السعودي للتنمية يموّل مستشفى الملك سلمان التخصصي في زامبيا    مهرجان الرياض للمسرح يبدع ويختتم دورته الثانية ويعلن أسماء الفائزين    عبقرية النص.. «المولد» أنموذجاً    مطاعن جدع يقرأ صورة البدر الشعرية بأحدث الألوان    99.77 % مستوى الثقة في الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية    أميّة الذكاء الاصطناعي.. تحدٍّ صامت يهدد مجتمعاتنا    نائب أمير مكة يفتتح ملتقى مآثر الشيخ بن حميد    «كليتك».. كيف تحميها؟    3 أطعمة تسبب التسمم عند حفظها في الثلاجة    فِي مَعْنى السُّؤَالِ    دراسة تتوصل إلى سبب المشي أثناء النوم    ثروة حيوانية    تحذير من أدوية إنقاص الوزن    ضرورة إصدار تصاريح لوسيطات الزواج    رفاهية الاختيار    وزير الدفاع وقائد الجيش اللبناني يستعرضان «الثنائية» في المجال العسكري    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الاجتماع الاستثنائي ال (46) للمجلس الوزاري لمجلس التعاون    حلاوةُ ولاةِ الأمر    منتجع شرعان.. أيقونة سياحية في قلب العلا تحت إشراف ولي العهد    نائب أمير منطقة مكة يطلع على الأعمال والمشاريع التطويرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور خالد بن علي الغامدي المسلمين بتقوى الله في الحل والترحال والإسرار والإعلان لأن التقوى هي النجاة والسعادة ، وأساس الولاية والريادة ، وما استجلبت رحمة الله وفتحت أبواب كرامته بمثل تقواه سبحانه , قال تعالى "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" .
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام : الفرح حالة من سرور القلب وابتهاج النفس تغمر الإنسان بسبب نيل مطلوب أو تحقيق لذة ، والأشياء المفرحة في حياة الناس متنوعة ، وهي تختلف باختلاف مشاربهم وقناعاتهم ومنطلقاتهم ، وكثير من الناس يظن أن الفرح الحقيقي هو الفرح بالأموال والجاه والمناصب والمراكب والدور وغير ذلك من متع الدنيا ، والحقيقة أن هذه أفراح قاصرة ناقصة مشوبة ٌبالمنغصات والأكدار لا تصفو ولا تدوم لصاحبها ، بل قد تكون هي سبب الشقاء والآلام والأحزان في أحيان كثيرة قال تعالى " مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ", وأكثر الناس غافلون عن أن هناك نوعاً من الأفراح لا يشبهه شيء من أفراح الدنيا التي يلهث خلفها اللاهثون ، فرح عجيب له جلالته وحلاوته ونداوته إذا تعللت نسماته القلوب ، وعبقت برائحته النفوس ، وتشربت بطلاوته الأرواح ، إنه الفرح بالله والسرور بالرب سبحانه جل في علاه ، الفرح بالله وبكل ما يأتي من الله ، الفرح بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم وبشريعته ، الفرح بالقرآن والصلاة والصيام والصدقة وأعمال الخير كلها التي ترضيه سبحانه ، هذا هو الفرح الحقيقي الذي يثمر حالة الحبور والسرور والأنس ، هذا هو الفرح الدائم الذي لا يزول ، والسعادة التي من لم يذق طعمها فما ذاق شيئاً من النعيم ، وليس في التعبير عن الفرح بالله إلا حروف وكلمات قاصرة لا توفيها حقها ولا تستطيع وصفها على الحقيقة "وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ "، "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ" , " قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَالِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ", وفضل الله هنا هو الإسلام ورحمته القرآن كما قال ذلك جمهور المفسرين ، والمعنى يقول سبحانه :افرحوا بالإسلام وبالقرآن فهو خير مما يجمع الناس من الدنيا وأزكى وهو الأحق بالفرح.
وأضاف فضيلته " إن الفرح بالله وبكل ما يرضي الله من الأقوال والأعمال عبادة عظيمة لطالما غفل كثيرالوعاظ والمصلحون عن إرشاد الناس إليها وتذكيرهم بها ، فهي عبادة منسية مع أن فيها شفاء الأرواح من آفاتها ، ودواء القلوب من أحزانها ، وبلسم النفوس من همومها وآلامها ، وتنشط الجسد وتقويه وتخلصه من آفات الملل والفتور ، يقول ابن القيم رحمه الله :" من أعظم مقامات الإيمان الفرح بالله والسرور به فيفرح به إذ هو عبده ومحبه ، ويفرح به سبحانه رباً وإلهاً ومنعماً ومربياً أشد من فرح العبد بسيده المخلوق " .
وأضاف الشيخ الغامدي قائلا : إن العبد إذا أيقن أن له رباً وإلهاً ومدبراً ورازقاً وملكاً قاهراً بيده كل شيء ولا يعجزه شيء تطمئن نفسه ويفرح بهذا الرب سبحانه أشد الفرح ، وتتواصل أفراحه ويكمل سروره إذا استشعر هذه الحالة واستحضرها في كل زمان ومكان ، إن المؤمن يفرح بربه وسيده ومولاه أشد من فرح العبيد بأسيادهم , قال تعالى " "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ " .
// يتبع //
14:42ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة أولى
وبين أن المؤمن يفرح حينما يشعر أن الله معه ينظر إليه ويسمع كلامه ويعينه ويؤيده ويكون سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ، فما أسعد عيش هذا المؤمن وما أطيب حياته ، وما أقواه وأحراه بالنصر والتأييد ولو كادته السموات والأراضين ومن فيهن ، يفرح المؤمن حين يخلو بربه في هزيع الليل الآخر يتلو كلامه ويتدبر خطابه ويستمد منه سبحانه مدد القوة واليقين والصبر , قال عزوجل "تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ" ، ويفرح المؤمن بفضل الله ومنته وتوفيقه له للثبات على دينه وأمره وطاعته والبعد عن معاصيه ومساخطه في وقت هوى كثير من الناس في قاع الشهوات وتساقطوا في الفتنة وتهاونوا بالفرائض والواجبات واستهانوا بالعزائم والمبادئ والمسلمات ، يفرح المؤمن بأن جعله الله من أمة سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم وشرفه باتباع سنته وهديه يوم أن أضل عن ذلك أقواماً ابتدعوا في دين الله ما لم يأذن به الله وخالفوا سنته صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى "أولئك الأخسرون أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً " .
وتابع فضيلته قائلا: يفرح المؤمن حين يتواضع للناس صدقاً لا تصنعاً ولا تكلفاً ، ويرحمهم ويحسن إليهم ويسعى في حوائجهم ونفعهم ، ويطعم جائعهم ويقضي دينهم ويعينهم على نوائب الدهر ، طاهراً قلبه وسالماً صدره من آفات الحسد والحقد والغل والشحناء والتكبر والترفع والعصبية المقيتة ، وتفرح المؤمنة بحيائها وحجابها وحشمتها وطاعتها لزوجها وقرارها في بيتها وأدائها لرسالتها الحقيقية في الحياة الخالدة التالدة التي شرفها الله بها وهي كونها مدرسة الأجيال ومربية الرجال وصانعة القدوات ،وكل هذه الأفراح وغيرها كثير هي من الفرح بالله ومن أجل الله وبكل ما يرضي الله ، فلا تسل عن ألوان السعادة والحبور والسرور التي يعيشها المؤمن في هذه الحياة فهو في أفراح متواصلة ونعيم لا ينقطع ، ولذة وبهجة لا يجدها ولا عشر معشارها من خطئ طريق الفرح بالله ، وذهب ينشد السعادة في سراب ظنه ماءً ، وصحراء قاحلة يحسبها واحة غناء , قال عزوجل "وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ" .
وأردف قائلا : إن الفرح بالله من أعلى منازل الإيمان وأعظم أبواب الإحسان لأنه في الحقيقة ثمرة ونتيجة مقامات إيمانية جليلة من المحبة والرضا واليقين والصبر وحسن الظن بالله ، وما فتح الله على عبده من ختم الخير وكنوز الإكرام بمثل أن يمتلئ قلبه فرحاً بربه وفاطره ومولاه فهناك تقر به العيون وتأنس به الأرواح ، وتجله النفوس ، ويجمع الله على شمله ، يجعل غناه في قلبه وتأتيه الدنيا وهي راغمة واستمعوا إلى ابن مسعود رضي الله عنه يقول كلاماً كأنه كلام الأنبياء في بيان كأنه تنزيل من التنزيل أو قبس من نور الذكر الحكيم ، "إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله وأن تحمدهم على رزق الله ، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله ، وإن رزق الله لا يسوقه إليك حرص حريص ، ولا يرده عنك كراهية كاره ، إن الله بقسطه وعدله جعل الروح والفرح في الرضا واليقين ، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط " أخرجه البيهقي في الشعب .
// يتبع //
14:42ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثانية
وأبان فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام أن الفرح بالله تعالى هبة ربانية وعطية إلهية لا يوفق لها إلا عباد الله الصادقون وأولياؤه المخلصون الذين عاشوا ليلهم ونهارهم مع ربهم سبحانه ، واستحضروا قربه ومعيته ، فالحياة مع الله أسمى ألوان الحياة والعيش مع الله أرقى أحوال العيش , وكم من الناس حرموا من هذه الحياة الطيبة وخذلوا وهم لا يشعرون بمرارة خذلان الله لهم ، ولا يحسون بألم إعراض الله عنهم ، وفرحوا في هذه الحياة الدنيا ، ولكنه كفرح الأطفال بلعبهم ، لا كفرح الكبار بالمهمات الكبار ، فرحوا بأموالهم ومناصبهم وجاههم لا فرح الشكر والحمد لله بل فرح الأشر والكبر والغرور فهم في سكرتهم يعمهون كما طغى قارون وبغى ، فرحوا بما يأتون من القبائح والمخازي والمعاصي القولية والفعلية ، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوه ، فجمعوا بين فعل الشر والمنكر وقوله والفرح به وبين محبة المدح على الخير الذي لم يفعلوه , قال تعالى "فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم" ، فرحوا بالمصائب والكوارث التي تنزل بإخوانهم المسلمين وتمنوا زوال نعمة الله عنهم فكانوا كما وصف الله المنافقين , "إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَّهُمْ فَرِحُونَ " .
واستطرد فضيلته قائلا : أما المؤمنون الصالحون فلهم أفراح لا تشبه أفراح التائهين الحائرين الهالكين في أودية الدنيا فأفراحهم متصلة بالله وبكل ما يرضي الله سبحانه ، يستبشرون بها ويتنعمون بروحها ولذتها ، كما فرح صديق هذه الأمة أبو بكر رضي الله عنه بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة وبكى من شدة الفرح ، وما فرح الصحابة بشيء أشد من فرحهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي : " أنت مع من أحببت " وانظروا إلى فرح أبي بن كعب رضي الله عنه حينما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم سورة البينة وقال له : إن الله أمرني أقرأها عليك ، قال أبي : وسماني لك ؟ قال : نعم فبكى أبي من شدة الفرح أن الله سماه باسمه في الملكوت الأعلى ، وما ألذ فرح التائبين بتوبة الله عليهم ، فقد خرّ كعب بن مالك رضي الله عنه ساجداً لله من شدة الفرح لما بشروه بتوبة الله وقال النبي صلى الله عليه وسلم له ووجهه يبرق من الفرح والسرور : "أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك " ، وهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنه يقول : " ما فرحت بشيء من الإسلام أشد فرحاً بأن قلبي لم يدخله شيء من هذه الأهواء .
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام : وما لنا ألا نفرح بربنا سبحانه الذي وسعت رحمته كل شيء ، والذي هدانا سبلنا وآوانا وكفانا وأطعمنا وسقانا ، اشعروا أنفسكم بقربه وإحاطته وظنوا به خيراً فهو عند ظن عبده به ، واستغنوا به سبحانه عن الناس فهو الغناء كل الغناء وأشغلوا أنفسكم بذكره وتلاوة كلامه تسعد أرواحكم وتطب أيامكم .
وتابع يقول : وما لنا ألا نفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الخلق وأكرمهم على الله ، الذي بعثه الله رحمة وهدى للعالمين ، اقرؤوا سنته الشريفة وعيشوا مع سيرته المباركة ، واتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم وأحبوه صلى الله عليه وسلم كما كان الصحابة يحبونه بلا غلو ولا إطراء ولا تنقص ولا جفاء ، وماكان شيء أكره إلى نبينا صلى الله عليه وسلم من البدعة في الدين والغلو والإطراء .
وأردف فضيلته قائلا : أمة الإسلام افرحوا بفضل الله وبرحمته فالإسلام دين الأفراح والسرور والحنفية السمحة ،وما دعا إلى رهبانية أو ضيق أو حزن ، بل ما ذكر الحزن في القرآن إلا منهياً عنه ، عددوا نعم الله عليكم وتوقعوا الخير منه سبحانه وارضوا بما قسم الله لكم ، وتفاءلوا بالخير وأبشروا واستبشروا ولا تيأسوا ولا تحزنوا ، فمن فرح بالله لم يحزن على ما فات ولم ييأس من واقع ولم يسخط على حال، ومن فرح بالله لم يجزع لمصيبة ولم يخضع لمخلوق ولم ينهزم لأول عارض ولا تستفزه الأحداث لأنه مع ربه في ليله ونهاره يمده بعونه وتوفيقه ويذيقه لذة الأنس به والركون إليه ، ويطعمه من أفراح الأرواح ونعيم النفوس ما ينسيه كل هم وحزن وضيق ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يبيت عند ربه يطعمه ويسقيه ويفيض عليه حتى غدا صلى الله عليه وسلم أشرح الناس صدراً وأسعدهم قلباً وأقواهم يقيناً , قال تعالى "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَاۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ " , وقال عزوجل " الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" .
// يتبع //
14:42ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثالثة واخيرة
وفي المدينة المنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد النبوي : إن الموت نهاية كل ابن آدم ونهاية كل حي في هذه الدنيا , وكل يسعى في هذه الحياة لمنافعه وإصلاح أموره ومطالب معاشه فمنهم من يصلح دينه مع إصلاح دنياه وهؤلاء من أتاهم الله في الدنيا حسنة والآخرة حسنة ووقاهم عذابا , ومنهم من يسعى للدنيا ويضيع نصيبه في الآخرة ويتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مصيرهم , فكل عمل له أجل ينتهي إليه , فسبحان الرب الذي جعل في كل قلب شغلا وأودع في كل قلب همّاً وخلق لكل أحد إرادة وعزما , وإرادة الله تعالى ومشيئته فوق كل إرادة ومشيئة قال تعالى ( وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ).
وأضاف إمام وخطيب المسجد النبوي أن الموت غاية كل مخلوق على الأرض والموت نهاية كل حي في هذه الدنيا وقد كتبه الله حتى على الملائكة جبريل وميكائيل عليهم السلام وملك الموت يموت قال تعالى ( كل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام) , فالموت آخر الحياة الدنيا وأول الدارة الآخرة إذا به ينقطع متاع الحياة الدنيا .
وأوضح فضيلته أن الميت يرى بعد موته إما النعيم العظيم وإما العذاب الأليم , فالموت آية من آيات الله الدالة على قدرة الله عزوجل وقهره لمخلوقاته قال تعالى ( وهو القاهر فوق عباده ) , والموت عدل من الله سبحانه وتعالى تستوي المخلوقات فيه قال تعالى ( كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون ) , والموت يقطع اللذات وينهي من البدن الحركات ويفرق الجماعات ويحول دون المألوفات .
وبين الشيخ الحذيفي أن الله تعالى تفرد بالموت مع الحياة فالموت لا يمنعه باب ولا يدفعه حجاب ولا يغني عنه مال ولا ولد ولا أصحاب , لا ينجو منه صغير ولا كبير ولا غني ولا فقير ولا خطير ولا حقير قال تعالى (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ ).
وأكد فضيلته الشيخ الحذيفي أن الموت يأتي بغتة بأجل قال تعالى (وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون) , ولا يستأذن على أحد إلا الانبياء لكرامتهم عند الله -عليهم السلام- , فاستأذن على كل أحد منهم وفي الحديث الشريف " ما من نبي إلا خيره الله بين الخلود في الدنيا ثم الجنة أو الموت فيختار الموت " .
وأشار إمام وخطيب المسجد النبوي أن الموت مصيبة لا بد منها وألم الموت لايقدر أحد أن يصفه لشدته فالروح تنزع به من العروق واللحم والعصب وكل ألم شديد هو دون الموت وأن الله تعالى شاء أن يخرج بن آدم من الدنيا بالموت ليقطع علائقه منها فلا تحن شعرة منه إليها إذا كان مؤمنا.
وقال فضيلته " إن السعادة كل السعادة والتوفيق كل التوفيق والفوز كل الفوز بالاستعداد للموت فالموت أول باب للجنة وأول باب للنار والاستعداد للموت يكون بتحقيق التوحيد لله رب العالمين بعبادة الله لا يشرك به شيئا وبحفظ الحدود والفرائض وباجتناب كبائر الذنوب والآثام وأن يكون ابن آدم متأهباً لنزوله في أي وقت والشقاوة كل الشقاوة هي الذهول عن الموت ونسيانه وترك الاستعداد له والجرأة على المعاصي والذنوب وتضييع توحيد الله رب العالمين والعدوان والظلم وسفك الدم الحرام وتضييع حقوق الخلق والانغماس في الشهوات والمحرمات حتى ينزل الموت فلا ينفع الندم ولا يتأخر الأجل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.