بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون. الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى الحمد الله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير. الحمد لله الذي له ما في السماوات و ما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له: في حكمه. ولا ملكه. ولاطاعته. ولاشريك له في الأفلاك و الأملاك لاشريك له من قبلُ ومن بعدُ لاشريك في ألوهيته ولاربوبيته ولا أسمائه ولا صفاته و أشهدُ أن محمدا عبده ورسوله : بلغ الرسالة. و أدّى الأمانة. ونصح الأمّة. و جاهد في الله حق جهاده. رجلٌ بألف رجل. وسيد الأولين و الآخرين حبيبي وقدوتي ومثلي من البشر على ظلمِ عندي وجهل وإسراف. صلى الله عليه و على أله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا، و إن الله عزو جل هو الإله وهو المألوه في السماوات والأرض، الله سبحانه وتعالى الذي خلق السماوات والأرض ومابينهما. خلق العرش ومن يطوفُ به ومن يحمله. سبحانه خلق جبرائيل وميكائيل واسرافيل. خلق البيت المعمور ومن يطوفُ به. فما أقواه و ما أقدره وما أعلمه وما أحكمه ، حكيم عليم خبير وبصير. قرأنا وسمعنا بأن شرف العلم من شرف المعلوم به، و إنّ من أعظم ما يمكن أن تتعرف عليه وتعلمه هو ربنا عز و جلّ. هذا الإله العظيم ومعرفته جالبة للخير والطمأنينة والسكينة والسلام . تتوه العقول، وتغفل القلوب، وتسيح في الأرض تبحث عما يشبع فضولها وتريد شيئا يسعد روحها، وتفتش في كتْبِ الأولين والآخرين من أجل أن تسعد وتطمئن، ولن و لا يمكن أن تجد ذلك إلا في أن تكون هذه القلوب متجهة وفقط إلى( علاّم الغيوب). ( الله ) الذي كان ولايزال هو القوي الأقوى والعظيم الأعظم، والكريمُ الأكرم، ولو قرأتُ وإياك في جميع الكتب والمجلات والصفحات وغيرها مّما سطره الأولون و الآخرون في كرم العنصر البشري على بعضه البعض سواء في المال أو الجاه أو النفس أو العطاء، وجمعنا ذلك كله ليتم مقارنته بما عند الله تعالى من كرمِ وعظمة وجود لم يكن شيئاً مذكورا. فالله تعالى الذي من كرمه كما قال أحد القساوسة ( الله أعطانا الحياة ولم يأخذ مقابلاً قبل أن يخلقنا). الله بكرمه وجوده وعطائه العظيم منذ خلق السماوات وحتى الان وحتى يدخل الصالحين إلى جنته كريم كرماً لا يقدرُ أحدٌ قدره. ( الله ) تعالى هو الذي اتصف بالعلم و ( العلاّم) و ( يعلم غيب السماوات والأرض) ويعلم ما كان و ما لم يكن، علم مافي السماوات والأرض. يعلم العلم كله أوله و آخره وظاهره وباطنه أليس هو سبحانه وتعالى ( الأول الذي ليس قبله شيء، و الآخرُ الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء).. سبحانه وتعالى عليمٌ علماً كبيراً وعظيماً وواسعا ( وسع كرسيه السماوات والأرض). علماً تعجزُ الخلائق عن إدراكه، علماً فيه الحكمة أليس هو الحكيم؟ علماً فيه كل شيء بالتفاصيل أليس هو الخبير البصير؟ علماً فيه العظمة تبدو في معالمه وأثاره أليس هو اللطيف الخبير البصير الحكيم؟ سبحانه إن البشرية تسعى للتعلم والتطور دوماً في حياتها فيما يخص عقلها وبدنها وروحها واقتصادها وسياستها وشؤونها الاجتماعية والتاريخية، وهي تسعى في ذلك كله في الحقيقة لاتعدو أن تكسب ذلك بسمعها أو بصرها أو بقلبها ، بخبرتها أو باطلاعها، أو بمشاهدة الجديد في الحياة، وهذا كله - أعني الحياة والوسائل التي يستخدمونها – التي خلقها وفطرها وأبدعها وصورها وأحسنها وهداها وكمّلها وجعل لها القدرة على التعلم والاكتساب هو الله، اللهُ العليمُ الحكيمُ الخبير ( ألا يعلمُ من خلق وهو اللطيف الخبيرُ). العلم هو شيء أمره الله لنبيه ( قل رب زدني علماً) فالعلمُ يطلب من الله، فلا أعلمَ منه سبحانه، فسبحانه ما أعلمه وما أحكمه، وهو البصير، وكفى بربنا خبيراً وبصيرا. وتبقى البشرية قاصرة في علمها و إدراكها ومهما وصلت إليه من معلومات أو خبرات فإنها تبقى قاصرة قِصَرَ الانسان في زمانه ومكانه وسمعه وبصره وقلبه وحياته وقدراته، ولو ركب الطائرات وشقت سفنه عباب البحار، وحتى لو خرق الأرض، وشق الجبال، فسوف يبقى الانسانُ قاصراً في علمه ولا علمَ له إلا ما علمه ربه، فقد علمّ الله رب البشرية ( وعلّم آدم الأسماء كلها) وهو الذي علّم خلقه بعد ذلك، وجاء ذلك على لسان خليله عليه السلامة ( هذا مما علمني ربي) العلمُ من الأشياء التي ميّزت الانسان، ورفعت شأنه، وكان له بها السبق على بقية المخلوقات، وقد كرّم الله هذا الانسان حين وصله بأعظم كتاب ينزلُ من السماء وفيه العلم والحكمة والخبرات وفيه الهدى والشفاء وفيه العز وفيه الصدق وفيه التفصيل الغير ممل، وفيه علمُ الأولين والآخرين، بل فيه العلمُ الأعظم وهو ( العلمُ بالله) ثم الدين والإسلام والايمان والإحسان والملائكة والجن والإنس، وخلق السماوات والأرض، كتابُ العلمُ فيه والعمل به والدعوة إليه والجهادُ به، ونشره، سعادة وراحة وأنس وطمأنينة وفخر وشرف، إذن هو من الكتب التي فيها العلمُ ويحث على العلم، وخاصة العلم بالله ( فاعلم أنه لاإله إلا الله). ولك ان تتصور عظمة السماوات العظيمة السبعة، وهذه الأرضين السبعة، وتعاقب الليل والنهار ودخول كل واحد منهما في الآخر، وهذه الشمس و ذلك القمرُ والنجوم والأبراج، كل يسبح في فلكه، فهذه الأفلاك وتلك الأملاك، وما فيها من ابداع الخلق والتصوير، وقدرة الله في تسييرها بكل دقة ونظام وإبداع وحفظ ، يدلك على دلالة قاطعة على أن الذي خلقها عليم وخبير وبصير وحكيم وحفيظ وقدير. سبحانه وتعالى لم يترك( العليم الخبير) شاردة أو واردة في عقلك أو قلبك أو في ليلك أو نهارك، وحتى في اليابس والرطب، وفي البحر و الأنهار، وسحبها وضبابها، وجبالها وسهولها، إلا ذكره لك في الكتاب بشكل مباشر أو بالإشارة إليه يقوله سبحانه ( مافرّطنا في الكتاب من شيء). هذا العلمُ ليس يسبقه جهلٌ، أو علمُ يتغير أويتطور مع الزمان، فهذا شأن العقل البشري، أما الله تعالى فهو ( العليم ) عليم بكل شيء ولكل شيء و أي شيء، وهذا يشمل الزمان والمكان والملك والإنس والجان والأرض والسماوات والأمس واليوم والغد، بل هذا خلْقُه هو ، وهو أعلمُ به، وقد علم خلق السماوات والأرض والخلق كلهم وخيرهم وشرهم ، ومن يؤمن ومن يكفرُ به، وموتهم وحياتهم، وكل شيء، كل شيء خطر على بالك أو لم يخطر، وسواءَ أدركه عقلك أن قصرَ عقلك دونه، فهو سبحانه الذي لايمكن الإحاطة به، علماً إلا بما شاء ولمن شاء، وقتما يشاء، فما أعظمه، ( الله ) خبير وهو الخبير فقط، وهو العظيم ( في كونه خبيرا) سبحانه وتعالى، وكونه خبيرا ليس بمعنى اكتساب الخبرة بعد أن لم يكن كذلك، لا والله سبحانه وتعالى. بل هو الخبير اسمه ووصفٌ به بأنه يعلم ظاهر الأمور وباطنها وأولها وآخرها، وأحوالها، وأماكنها و أزمانها ، وما يصلحُ للناس وما يفسدها، ولذا فهو يقول في كتابه ( فاسأل به خبيرا). ( الله) الحكيم. وهذا الاسم، ومنه صفة الحكمة، تتجلى في جميع أفعاله سبحانه، فلا حكمةَ أعظم من حكمته سبحانه وتعالى، أبدا ً وعلى الإطلاق، الحكمة وكل الحكمة وأجمل الحكمِ و أعظم الحكم، وأفضلها وأوسعها وأجملها، هي من حق الله سبحانه وتعالى، حكيمٌ حكمة تتعجب منها المخلوقات، حكمة شملت كل شيء: 1) في خلقه الخلق. 2) في إبداعهم وتصويرهم. 3) في حياتهم وموتهم. 4) في أرزاقهم وقسمتها. 5) في كونهم رجالاً ونساء. 6) في صورهم ومحاسنها وضد ذلك وتجلي حكمته في جعل الحسن والقبيح 7) في رفع السماوات 8) في جعل الأرض بساطا، والجبال أوتادا. 9) في السهول. والبحار والأنهار والمحيطات 10) في الغابات والصحاري 11) في الليل والنهار 12) في خلق النحل والنمل والبعوض والطيور والحيوانات 13) في إنزال التوراة والإنجيل الزبور وصحف إبراهيم وموسى وفي القرءان 14) في بعث الأنبياء والرسل. 15) في تنويع الخلق( ملائكة من نور، وجن من مارج من نار، وابن آدم مما وصف لكم) 16) في الزمن الماضي والحاضر والمستقبل، في الساعة والثواني واللحظات ومادون ذلك، في السنة الضوئية، والشمسية، والسنة القمرية. 17) في خلق الأبراج والأفلاك والأملاك. 18) في جعل الحياة اثنتين ( الأولى وهي الدنيا و الثانية وهي الأخرى الباقية) و إن الناس تتفاخر بوجود الحكيم في أسرتها أو قبيلتها، ويتناقلون كلام الحكماء منهم، ويأخذونها على أنه من المسلمّات، ويؤمنون به، فأقول حتى حكمة هؤلاء هي عطاءٌ من الله تعالى، وما كان لهم أن يكونوا حكماء لولا أن الله : خلقهم و أسمعهم وأبصرهم وجعل لهم القلوب والأفئدة التي تعقلُ، وفضّلهم، وأعانهم ووفقهم، ومن حكمة الله تعالى أن جعلهم حكماء ولم يجعلهم مثلَ غيرهم. ومع ذلك فإن الحكمة المطلقة التآمة الكاملة الجميلة الشاملة المتصفة بكل فعل جميل وقول نافذ وعظيم هي لله سبحانه وتعالى من قبلُ ومن بعدُ. وصلى الله وسلم على نبينا محمد و آله ا.ه طارق بن خليفة الخليفة المملكة العربية والسعودية. الرياض. [email protected]