وحلُمك... وأنت... تهرب من واقعك... في تتبُّع خُطى حظِّك... وحلُمك... ألا تجد نفسك منساقاً وراء من يفسِّر لك حلمك، ويكشف لك عن سرِّ تعثُّرك، أو نجاحك؛... ألا تجد نفسك واقعاً تحت تأثير ما يقوله الناس عنك، وما يسِمونك به؛... ووقتك؛ كيف تقضيه؟ وفيما تبذله؟!... ألست ممّن يحلم يقظاً، فتذهب بك الفِكَر؟ وتأخذك الأحلام...، فتارة تبتسم؟ وأخرى تغضب، وثالثة تحزن؟ إنِّي لست محللّة نفسانية... وإلاَّ فإنَّ زملاء المهنة سيعتقدون بأنَّني أستدرجك إلى الإجابة عن «مقياس الاكتئاب» عندك... ولكن قل لي: كيف هو مزاجك؟ هل تعتقد أنَّك سعيد أم شقي؟ متفائل أم متشائم؟ إنَّك بين حلمك في اللَّيل، أو في النَّهار، أو في أطرافهما، وإنَّك بينه وبين التفكُّر في حالك الذي هو عندك دليلٌ على حظِّك...، سوف تجد أنَّك إمَّا سعيدٌ أو شقيٌ... فإن وجدت نفسك سعيداً، ذهبت تضع أحلامك في خانة سعادتك... وأخذت تسِم حظَّك بما يُبهر، ويُسْفر... غير أنَّك إن وجدت نفسك شقياً...، ذهبت تفسِّر أحلامك في خانة تعاستك... وأخذت تسِم حظَّك بما يُفجع، ويوجع... أفلا تتفكَّر في أمرك، وأمر قرنائك الذين ضيَّعوا لبن الصيف والشتاء، بين حلم وحظ؟... والزمن يركض بك، ولا تركض به...، والدليل على ذلك أنَّك لم تمض أبداً مع زمنك، وإلاَّ لماذا تهرب منه...، وتعود إلى ما ورائه؟... لماذا تختصر ما امتدَّ منه، وترفض ما عبَر فيه؟... أنت إنسان... تعيش بين مطرقة حظَّك، وسندان حلمُك... ولست واحداً... إنَّك كلِّ الناس، في زمنٍ لم تمتلئ كفَّيه بما يُشاع عنه، بل بما يُباع فيه، من كلِّ ما يغريك دون أن تجد نفسك... فهل لو طلبتُ منك أن تُلقي حظَّك وحلمَك في بئر النسيان، لتنهض فوق حافَّة البئر، وترتدي جناح العبور، بعيداً عن أودية التَّضليل بالأحلام، ودعوى الحظ...، لتحمل معول العمل...، وتحرث صدْرك، وعقلك، وتبذر فيهما الأمل، وتشحذ فيهما الرغبة في ذلك، سوف تفعل؟!... إنَّك إن فعلت، عُدْت لواقعك... ولفظت وهمك...... وهمّكَ...... وتلك هي: بارقة الغمام......