إن من نعم الله على هذه البلاد المباركة، منذ أن نشأت وإلى يومنا هذا أن جعلت القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة منهجاً ونبراساً تسير وتستضيىء بها في جميع نواحي الحياة. ومن مظاهر ذلك انتشار مدارس تحفيظ القرآن الكريم بجميع المراحل في ربوع بلدنا الحبيب للبنين والبنات وكذلك حلقات تحفيظ القرآن الكريم والدور النسائية لهذا الغرض. ورصدت وصرفت ملايين الريالات للنهوض بها. وتخرج منها آلاف الطلبة والطالبات ممن أنعم الله عليهم بحفظ كتابه أو أجزاء منه. إلا أن المتأمل لمدارس تحفيظ القرآن الكريم التابعة لوزارة المعارف وأخص منها المرحلة الثانوية ليرى أنه في السنوات الأخيرة إنصرف الكثير من الطلاب عن الالتحاق بها وهذا أولى بدوره إلى انحسار وتقلص أعداد مدارس تحفيظ القرآن الكريم للمرحلة المتوسطة والثانوية. ولعل من أهم الأسباب التي أدت إلى حدوث ذلك أن بعض الكليات أحجمت في السنوات الأخيرة وأخص منها الكليات العسكرية مثلاً عن قبول خريجي ثانويات تحفيظ القرآن الكريم،. وفي المقابل يتم قبول خريجي الثانويات العامة (قسم العلوم الشرعية)، مع العلم أن المواد المنهجية متطابقة في ثانويات التحفيظ وقسم العلوم الشرعية، مع زيادة في حصص القرآن الكريم وعلومه في مدارس التحفيظ. وكان بإمكان طلاب السنة النهائية (الثالث ثانوي) في مدارس التحفيظ في السابق التحول إلى قسم العلوم الشرعية للحصول على فرص أكبر مستقبلاً، حتى جاء قرار وزارة المعارف في العام الماضي (1422ه) بمنع ذلك إلا في ظروف قاهرة حددتها الوزارة. وهذا ما زاد الخناق على خريجي ثانويات تحفيظ القرآن أكثر. ولما سبق ذكره تتبين الحاجة الماسة للأخذ بأيدي هؤلاء النخبة المباركة من المجتمع، كيف لا وقد أكرمهم الله بحمل كتابه ورفع من شأنهم، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم خير الناس(خيركم من تعلم القرآن وعلمه). وإلا ، فسوف نودِّع هذا النوع المتميز من المدارس والتي قدمت لمجتمعنا مئات الحفظة من كتاب الله الكريم، فحفظ الله بهم أغلى ثروة أعطانا الله إياها، وساهموا في خدمة مجتمعهم في كثير من نواحي الحياة. والله من وراء القصد.. سعد بن حمد الراشد/الرياض