في خبرين غير عاديين وعبر اطار تحذيري واع قدمت جريدة «الجزيرة» اضاءة هامة عن أجهزة الجوالات التي تحمل كاميرات تصوير عدد «10840» وعدد «10853» كما أفادت أن وزارة التجارة تجري حالياً مسحاً على المحلات لمراقبتها وتخاطب شركة الاتصالات السعودية لمعرفة حقيقة هذه الأجهزة ومدى أضرارها. وكما اتضح من جولات «الجزيرة» في أسواق الاتصالات فإن هناك محلات تبيعها علناً وأخرى بالدس.. مع باقة من الشكر والعرفان لوزارة التجارة الموقرة.. ولن أضيف جديداً حينما أقول: من المؤسف أن تموت القيم وتلغى الأخلاق ويداس على الأمانة لدى فئة من التجار وأصحاب المحلات لتطغى لغة الكسب السريع في مسلسل أرباح غير مشروعة تندلق من أبواب خلفية وبأساليب خفية.. ومما يزيد الألم ويؤجج الحسرة أن يكون المخرج «مواطناً» والممثلون من العمالة الوافدة في مسرح تجاري ممجوج.. ذي مشاهد خارجة عن النص. وإذا أصبح ما يقال عن تلك الجوالات القادمة فإن الأمر سيكون خطيراً وبخاصة مع وجود فئات من الشباب الفارغ فكراً وسلوكاً ممن يفتش عن كل ثغرة أو وسيلة ليمارس تحرشاته ويضايق الأسر والعوائل في الأسواق والحدائق. نعم لدينا أنواع شبابية تعيش حمّى المراهقة المعتوهة من خريجي القنوات الفضائية الذين التحقوا بمدارسها.. عفواً أقصد استراحاتها.. منذ زمن.. ولم تقصر فقد قدمت لهم ألواناً من فنون المعاكسة.. وسبلاً لقتل الفراغ.. والتجديف في بحر الحب!! فضلاً عن دورات تدريبية في أساليب جذب الجنس الآخر!! أجل.. يأتي هذا الجوال كإضافة حضارية إثمها أكبر من نفعها عندما تسافر في أيدٍ طائشة ولن تألو جهداً في التقاط الصور المخلة وملاحقة التجمعات العائلية وربما استغله بعض المراهقات لأخذ صور نساء آمنات في قصور المناسبات.. فهل يقف المجتمع مكتوف الأيدي أمام هذا الزائر الثقيل ويترك المجال مشرعاً أمام شباب تافه غارق في ممارسات صبيانية وسلوكيات انحرافية تصورها ساحات الأسواق ومعاكسات الهاتف وشاشات الانترنت.. وتلك بضاعتهم الفكرية الرديئة وثقافتهم الاجتماعية الذابلة فضلاً عن ضعف الوازع الديني وغياب الرادع الأسري.. ووزارة التجارة مطالبة بالتدخل الحاسم وتطبيق عقوبات أكثر فاعلية من اغلاق المحلات المخالفة المستوردة لأي نوع تجاري غير مصرح به أو بضاعة مغشوشة والتشهير بالتجار المخالفين.. بدلاً من عقوبات هشة.. نعم.. لقد ارتفع جشع التجار وزادت مخالفاتهم فهل ترتفع عقوبات وزارة التجارة؟ وتظل كاميرات الجوالات هاجساً مجتمعياً مقلقاً مع تزايد أعداد هذا الشباب الشارد الذي بات يمثل عبئاً ثقيلاً على مجتمعه وعالة تلاحق وميض الزيف والميوعة.. وتستمتع بالتحرشات الناعمة!! ومما ينغص على الأهالي ويفسد تجمعاتهم تسرب هذه الفئة من الشباب الطائش إلى ساحات المدن الترفيهية وبحثهم عن منافذ غير مشروعة إلى المنتزهات العائلية وقد اعتادوا التسلل بأساليب ممقوتة ممارسين معاكساتهم البغيضة المليئة بالعفن فهل من رادع لهولاء المنحرفين؟ ولعل أصحاب هذه الملاهي الترفيهية يرتقون لمستوى المسؤولية من خلال تشديد أمن البوابات والتأكد من الهوية الأسرية للداخلين ومنع شباب الضياع من الدخول.. مع حجز الكاميرات الداخلة مع الأسر.. لا يريد المجتمع أن تتحول المدن الترفيهية إلى مساحات ودوائر تعج بالفوضى والاختلاط واختلال القيم واضطراب النظام.. بدعوى التسلية والترفيه!! فهل يتجاوز أصحاب تلك المدن الاطار المادي الضيق إلى الاحساس بهموم المجتمع واحترام قيمه والتقيد بأعرافه أم تظل اهتماماتهم معلقة بخيوط المادة؟ نعم.. ليس من مصلحة الدين والمجتمع أن تتحول مدن الترفيه ودور التسلية وحدائق التنزه إلى آفاق باردة تتبعثر فيها الآداب وتموت القيم ويخدش وجه الحياء ويفتح باب السفور والتبرج.. وبخاصة مع غياب الرقابة الأسرية وضعف الرعاية العائلية.. وحتى لا تصبح الاجازات مسرحاً معتاداً للتجاوزات.. محمد بن عبدالعزيز الموسى /بريدة