في العلا عروس الجبال، وعاصمة الآثار، ومدينة العيون والزراعة والثمار، وموطن الحب العذري والأشعار مدينة ذات ماضٍ تليد وحاضر مجيد ومستقبل مشرق سعيد. والعلا «المتحف الأثري المفتوح» التي لم يستطع الباحثون إلى اليوم من كشف عمقها التاريخي فمازالت كنوزا من المعلومات مطمورة تحت الأرض وموجودة في أعلى الجبال، وهي تقع في الجزء الشمالي الغربي من المملكة بين المدينةالمنورةوتبوك بين سلسلة من الجبال العجيبة التي تحدها من الشرق ومن الغرب وسط واد يعد من أشهر الأودية التاريخية في الجزيرة العربية وهو «وادي القرى» المعروف بغزارة مائه وكثرة بساتينه وخيراته، وقد كان هذا الوادي ممرا مهما للتجارة في العصور القديمة، ودربا للحاج الشامي الذي امتدت عبره سكة حديد الحجاز. واستطاع العلماء تحديد أربع حضارات قامت بالعلا وهي: حضارة ديدان وحضارة لحيان وحضارة معين وحضارة الأنباط. العلماء حددوا المنطقة المحرمة من الحجر.. وفنادق العلا تشهد إسلام الكثير من السياح أعلام نشأوا بالعلا: *، ثم قال: هذه الآية نزلت في أهل البلدة وهي بلاد ثمود فأين العيون؟ فقال له رجل: صدق الله في قوله، أتحب أن استخرج العيون، قال نعم، فاسخرج 80 عينا، فلما عاد معاوية ورأى العيون قال: «الله أصدق من معاوية». وادي القرى والحب العذري: كما أن جميل بن معمر «جميل بثينة» عاش في وادي القرى وكان الحب العذري حيث يقول: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بوادي القرى إني إذاً لسعيد أما اليوم فإن العلا تشهد تطورا مستمرا في شتى المجالات وهي محافظة من الفئة «أ» تابعة لمنطقة المدينةالمنورة وتتبعها نحو 80 قرية وهجرة ومركزاً. قالوا في العلا: قال صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض - حفظه الله -: «لو خيرت في الإقامة بمكان لاخترت الإقامة في مدينة العلا». وقال الرحالة ابن بطوطة الذي زار العلا عام 726ه: «العلا قرية كبيرة حسنة ولها بساتين ونخل ومياه يقيم بها الحجاج أربعاً يتزودون ويغتسلون ويودعون فيها ما يكون عندهم من فضل زاد ويصطحبون معهم قدر الكفاية وأهل هذه القرية أصحاب أمانة»، أما فضيلة الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله - قال عند زيارته للعلا عام 1355ه: «هذا هو وادي القرى «العلا» كما أوردته كتب التاريخ والآثار وتحاورت به ألسن الشعراء، إنه العلا ذلك الاسم الحديث الذي أطلق على وادي القرى». وقال عن العلا الدكتور عبدالرحمن الأنصاري «كبير الآثاريين»: «العلا عاصمة الآثار في المملكة العربية السعودية» أما محافظ العلا الأستاذ/ أحمد بن عبدالله السديري يقول: استطاعت العلا أن تضع لها مكانا بارزا في خارطة السياحة الداخلية والخارجية. حدود العلا، عروس الآثار وقالو في الشعر: يقول صلاح الدين الصفدي: خرجنا نحو طيبة من دمشق بافئدة للقياها حرار ولكن في العلا زدنا اشتياقا كأن قلوبنا حشيت بنار ويقول الأستاذ/ عمر علي علوان «عاشق العلا»: سأبقى للعلا ابناً وفياً وأذكر فضلها مادمت حيا وأشدوا إن اطاعتني القوافي بأمجاد العلا عهداً علي كما يقول: أزف إليك عروس الجبال ففيها الوفاء وفيها الجمال فقد صاغها مبدع الكائنات كلؤلؤة فوق جيد الشمال طبيعتها تغري العاشقين فترنو القلوب لفيء التلال وفيها لمن زارها عبرة بأعلى الجبال وفوق الرمال فآثارها ملتقى السائحين وأشياء فيها تفوق الخيال العلا اليوم تشهد مدينة العلا اليوم في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وسمو أمير منطقة المدينةالمنورة - حفظهم الله ورعاهم - نهضة تطويرية في مجالات عدة والحركة التطويرية مستمرة حتى أنك تغادرها اليوم وتعود الغد وإذا بطريق قد سفلت أو تم رصفه، وآخر تمت زراعته وإنارته. وهذا حي قد بدأ بالبناء والتعمير وآخر قد استكملت به معظم الخدمات. وتتوفر في العلا البنية التحتية والعلوية من الفنادق، والشقق المفروشة، والمطاعم، والحدائق والمتنزهات، ووجود معظم مقومات السياحة في العلا يؤهلها لتصبح في مقدمة المدن السياحية المهمة في المملكة. يقول محافظ العلا الأستاذ/ أحمد بن عبدالله السديري عن مستقبل العلا السياحي في حديث «للجزيرة»: تشهد محافظة العلا اقبالا كبيرا من قبل الزائرين لها سواء من أبناء المملكة من مسؤولين ومواطنين ومن الجاليات الأجنبية داخل المملكة وخارجها. وأكد «السديري» بأن العلا قد استطاعت أن تضع لها مكانا بارزا في خارطة السياحة المحلية والدولية، فهي ولله الحمد تملك معظم مقومات السياحة وعدد «السديري» المزايا السياحية المتوفرة بالعلا وفي مقدمتها الأثرية في مدائن صالح ووجود الرمال المتسلقة والجبال الشاهقة الارتفاع ذات الأشكال والألوان المتعددة، وقال: هذه فرصة لعشاق رياضة متسلقي الجبال ومتزلجي الرمال، وأستطيع أن أقول إن محافظة العلا تعتبر متحفا أثريا مفتوحاً. وتطرق «السديري» إلى موضوع توفير السكن المريح للزوار حيث قال: كنا نعاني في السابق من ندرة الفنادق والآن منذ ثلاث سنوات فقط نرى العديد من الفنادق والاستراحات التي أنشئت التي كان آخرها فندق مدائن صالح وفندق آراك العلا وجميعها على أحدث الطرز المعمارية التي يجد فيها السائح بغيته دونما أدنى عناء، كما يوجد عدد من الشقق المفروشة. ودعا «السديري» المواطنين إلى زيارة العلا بقوله: بما أننا مقبلون على إجازة الصيف فإنني أدعو المواطنين إلى زيارة العلا ومشاهدة آثارها وطبيعتها الخلابة ولن يندموا بل سيقولون لأنفسهم لماذا لم نزرها من قبل؟!. واضاف «السديري» اهيب بالمواطنين أن يكونوا على دراية وعلم ببلدهم فلا يندهشوا إذا أخبرتهم بأن الوافدين الأجانب لديهم معلومات عن العلا ومدائن صالح أكثر بكثير مما لدينا نحن المواطنين. أما رئيس بلدية محافظة العلا المهندس/ عبدالعالي علي الشيخ فإنه يبذل جهودا حثيثة يشكر عليها كيف لا وكل من زار العلا شهد له وعبر عن عميق شكره وتقديره فله من الجميع كل الشكر والتقدير والاحترام. التعليم بالعلا: التعليم بالعلا قديم قدم تاريخها ويوضح ذلك ماوجد من كتابات على الجبال وقد أوضح للجزيرة مدير تعليم العلا الأستاذ/ إبراهيم بن سليمان القاضي بأن التعليم بالعلا بدأ بالكتاتيب وهي عبارة عن أماكن يتعلم فيها الناس القراءة الكتابة وعلوم القرآن، وفي عام 1349ه افتتحت أول مدرسة نظامية ثم توالى افتتاح المدارس إلى أن تم في عام 1402ه افتتاح إدارة تعليم بالعلا لتشرف على مدارس العلا وقراها. آثار مدائن صالح «الحجر»: تضم محافظة العلا آثاراً غاية في الأهمية بل يعدها بعض المؤرخين متحفاً أثرياً مفتوحاً حتى يكاد لا يخلو كيلو متر مربع واحد منها من اثر أو معلم عتيق يدل ويشير إلى أن حضارات قد سادت في ذلك المكان، مما يؤكد العمق والبعد التراثي والأثري لأمم قد خلت سكنت وتنامت حضارتها في تلك البقاع كان لها اثر واضح في تتابع وتسلسل تمدن ونماء العنصر البشري الذي تواصل تاريخياً إلى أن اكتمل على النحو المشاهد حالياً.. الحجر «مدائن صالح» يقع الحجر شمال مدينة العلا بنحو «25كم» وترتبط العلا بطريق مسفلت أمر به خادم الحرمين الشريفين بعد زيارته للحجر «مدائن صالح» عام 1406ه رافقه خلالها سمو النائب الثاني وعدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء والمعالي الوزراء. والحجر هوذلك الموقع الذي عاشت فيه قبيلة ثمود فعمرت السهل قصوراً ونحتت الجبال بيوتا وقد وردت قصة ثمود في أكثر من سورة وأكثر من موضوع في القرآن الكريم. * فقد دعاهم صالح عليه السلام إلى الله بمثل دعوة الرسل، وأمرهم بالتقوى، ونهاهم عن عبادة الأوثان، فآمن معه ثلة قليلة، أما أكثرهم فكذبوه، واستكبروا عن اتباعه، وكفروا برسالته وطلبوا منه معجزة تشهد بصدقه، فجاءهم بمعجزة الناقة، التي جاءت حسب طلبهم ووصفهم لها وخرجت من جبل حدوده فقد تمخض الجبل كما تتمخض الحامل فخرجت منه الناقة المعجزة وقال لهم صالح عليه السلام { فّذّرٍوهّا تّأًكٍلً فٌي أّرًضٌ پلَّهٌ وّلا تّمّسٍَوهّا بٌسٍوءُ فّيّأًخٍذّكٍمً عّذّابِ قّرٌيبِ}، وأن يكون الماء قسمة بينهم وبينها لها شرب يوم ولهم شرب يوم واليوم الذي تشرب فيه الماء يحتلبونها فترويهم، فأصروا على العناد، وبعثوا أشقاهم فعقر الناقة، فجاء الخبر لصالح عليه السلام فقال لهم: ادركوا فصيلها لعل الله يخفف عنكم العذاب، فأسرعوا إلى الفصيل فهرب منهم حتى إذا وصل إلى جبل صغير ارتفع به ارتفاعا شاهقا لا أحد يستطيع تسلقه أو الوصول إلى قمته والذي يسمى حاليا «بالحوارة» أو «القارة» أو «الكاتبة» فرغى الحوار ثلاث رغوات فقال لهم صالح عليه السلام: «تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب»، فكانت وجوههم في أول يوم مصفرة وفي اليوم الثاني محمرة وفي اليوم الثالث مسودة فأيقنوا العذاب فكفنوا أنفسهم واستلقوا على الأرض ينظرون إلى السماء تارة وإلى الأرض تارة أخرى لا يعلمون نوع العذاب ومن أين يأتيهم ولما حان أجل العذاب أرسل الله عليهم الصيحة مصبحين «صيحة فيها صوت كل مخلوق له صوت»، فدمرتهم تدميراً، وأصبحوا في ديارهم جاثمين هلكى، وأنجى الله برحمته سيدنا صالحاً والذين آمنوا معه. وتم بذلك أمر الله وقضاؤه: سنة الله في الذين خلوا من قبل. وارتحل صالح عليه السلام، ومن معه من المؤمنين إلى مكةالمكرمة. وقد مر الرسول عليه الصلاة والسلام على الحجر في طريقه إلى غزوة تبوك، وكان اصحابه قد سبقوه ونزلوا وأعدوا فيها الطعام، فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك أمرهم بالكف عن الطبخ وأن يقدموه للإبل مع الرحيل من ذلك المكان، وقال لهم صلى الله عليه وسلم - كما جاء في صحيح مسلم «لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين، إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، أن يصيبكم ما أصابهم». ولهذا فقد اجتمع عدد من العلماء وقاموا بتحديد المنطقة المحرمة في الحجر وتم تعويض اصحاب المزارع ليرتحلوا عن تلك المنطقة التي شملها عذاب قوم ثمود. وتعتبر مدائن صالح من أهم المناطق الأثرية في المملكة بل نستطيع القول: إن لها شهرة عالمية فائقة، وزوار هذه المنطقة غالبيتهم من الاجانب وليسوا من الدول العربية أو ابناء المملكة فقط حيث يقبل عليها السياح من شتى أقطارالعالم خصوصاً أوروبا وامريكا بالإضافة إلى اليابان مؤخرا، وتحوي مدائن صالح الاثرية على بيوت نحتت بالجبال ذات تصميم هندسي من الخارج يبهر المشاهد بدقة الخطوط ودقة القياسات ودقة نحت الطيور واشكال جمالية متعددة ومن القصور قصر الصانع وقصر البنت وقصر الديوان والقصر الفريد، وهذه الاسماء جاءت عن قصص اسطورية يتبادلها الناس ومازالوا، بالإضافة إلى الخريمات. وقد اعتنت الوكالة للآثار والمتاحف بهذه المنطقة حيث تم تسويرها ووضع حراس عليها ويوجد بها مخفر للشرطة وهناك تعليمات لدخول المنطقة الأثرية من أهمها: الحصول على تصريح بالنسبة للأجانب من مناطقهم في المملكة أو من محافظة العلا. ونظرا للإقبال الكبير من قبل السياح من خارج المملكة لزيارة «مدائن صالح»، ويرافقهم مرشدون أجانب يشرحون لهم عن«مدائن صالح» ولا أحد يعلم ماذا يقولون لهم من معلومات خلال هذا الشرح، ولهذا فمن المهم تدريب مرشدين سعوديين وبلغات عدة ليشرحوا عن آثار «مدائن صالح» للسياح بسرد موجز عن قصة قوم ثمود مع نبيهم صالح عليه السلام وناقة الله. وأن قصتهم جاءت مفصلة في«القرآن الكريم» وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد مرّ بها. ونهى أصحابه عن الجلوس فيها لأنها أرض عذاب، وأن المجيء لهذه المنطقة هو لأخذ العظة والعبرة، ونستغل ذلك في اعطائهم المعلومات الصحيحة عن الإسلام ونرغبهم فيه. وان يتم أعداد كتيبات بلغات متعددة تحكي قصة صالح عليه السلام مع قومه يتم توزيعها على السياح قبل أو أثناء وصولهم مدائن صالح، كذلك يمكن أن يتم إعداد مهرجانات في العلا، تكون مناسبة للجنسيات القادمة لهذه الآثار، وأهمية فتح مكتب عند بوابة مدائن صالح يقوم بإعطاء تصاريح الدخول للأجانب مفتوحة طوال النهار في كل الأيام. ومن المهم إنشاء مطار بالعلا ليسهل وصول الزائرين إليها لأن أقرب مطار للعلا يبعد عنها نحو 800 كم «400 كم ذهابا ومثلها ايابا». وأن يتم فتح متحف العلا للآثار والتراث الشعبي في المساء وأيام الخميس والجمعة والعطل، فما الفائدة من إغلاقه في هذه الأوقات التي يتوافد فيها الزوار على العلا؟!، ويجب أن يكون المتحف هو نقطة بداية ونهاية برنامج الزيارة للقادمين من داخل المملكة أو خارجها ليتم إعطاؤهم معلومات نظرية دقيقة وصحيحة ثم يشاهدون ذلك على أرض الواقع. ولمكتب الدعوة والإرشاد بالعلا نشاط مشكور في توزيعه للكتيبات على فنادق العلا عن الإسلام بلغات متعددة خصوصا الإنجليزية، فقد أسلم ولله الحمد عدد من الأجانب داخل فنادق العلا عندما قرأوا عن حقيقة الإسلام، فهنيئا لمن كان له دور في ذلك.