محافظة العلا الشمالية في السعودية من المدن القديمة، تضم آثاراً تاريخية تعود الى أزمنة سحيقة، ومرت في مراحل تاريخية مهمة، ففيها بعث الله سبحانه وتعالى نبي الله صالح عليه السلام الى ثمود. تشتهر العلا بوجود مدائن صالح في الحجر ومحلب الناقة والجبل الذي عقدت بجانبه ناقة صالح ومساكن منحوتة داخل الجبال كان يسكنها قوم ثمود الى جانب قصور وقلاع من أيام الدولة العثمانية. ويطلق عليها "عروس الجبال" نظراً الى جمالها وكثافة عدد الجبال الموجودة فيها. ومن أبرز الآثار في العلا سكة الحديد التي كانت تربط الشام بالمدينةالمنورة. المدينة والتاريخ وعن تاريخ المدينة يقول أميرها أحمد بن عبدالله السديري ان محافظة العلا قديمة يعود تاريخها الى عهد نبي الله صالح، وقد ذكر التاريخ القصة الشهيرة عن ثمود وسيدنا صالح عليه الصلاة والسلام. وأضاف أن أقواماً وحضارات عدة تعاقبت على المدينة لكثرة مياهها النابعة من العيون. وهي منطقة زراعية اشتهرت بزراعة النخيل والحمضيات. وأفاد أن مدائن صالح الأثرية تبعد عن المدينة عشرة كيلومترات فقط، وقد قامت الجهات المعنية بالآثار في السعودية بتوفير جميع سبل الراحة لتمكين السياح من ارتياد هذه المناطق الأثرية في مدائن صالح في الحجر والمابيات والخريبة ومحلب الناقة والجبل الذي قتلت عنده ناقة سيدنا صالح عليه السلام، ويسمى المزحة. وتمتاز العلا الأثرية بموقعها الجغرافي وطبيعتها الخلابة إذ تحتضنها الجبال من كل جانب، ومن أهمها الحرة وجبل الفيل. وقد تم شق طريق الى جبل الحرة وهو أعلى جبال العلا، وتم إنشاء منتزه سياحي فيه. ويتبع محافظة العلا 14 مركز امارة وأكثر من 55 هجرة وقرية، ومن أهم القبائل التي تسكنها اليوم عنزة والبلوي. آثار ثمود بقيت آثار ثمود في مدائن صالح، ففي تلك الجبال الشاهقة كتابات ونحوت ومساكن كانت منازل لقوم ثمود، الى جانب القلاع الكبيرة والقصور التي بنيت أيام العثمانيين اضافة الى قطع من قطار سكة الحديد الذي كان يربط بين الشام والمدينةالمنورة، ولا تزال مقدمة القطار موجودة في موقع يبعد ثلاثة كيلومترات عن مدائن صالح. مدائن صالح سكنت مدائن صالح قبيلة مشهورة يقال لها ثمود بإسم جدهم ثمود أخي جديس وهما ابنا عاثر ابن ارم بن سام بن نوح، وكانوا عرباً من العاربة يسكنون الحجر بين الحجاز وتبوك مدينة العلا، وقد مر بها الرسول صلى الله عليه وسلم في طريقه الى تبوك بمن معه من المسلمين. وقد بعث الله سبحانه وتعالى في ثمود رجلاً منهم صالح بن عبيد بن ماسح بن عبيد بن حادر بن ثمود بن عاثر بن ارم بن نوح فدعاهم الى عبادة الله وحده لا شريك له وأن يخلعوا الأصنام والأنداد ولا يشركوا به شيئاً، فآمنت به طائفة منهم وكفر جمهورهم ونالوا منه بالمقال والفعال وهموا بقتله وقتلوا الناقة التي جعلها الله حجة عليهم فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، قال الله تعالى والى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب آليم. قصة ناقة صالح وفي مدائن صالح الأثرية توجد مواقع متعددة لناقة صالح. وقصة الناقة أن ثموداً اجتمعوا يوماً في ناديهم فجاءهم نبي الله صالح ودعاهم الى الله وذكرهم وحذرهم ووعظهم وأمرهم فقالوا له "ان انت اخرجت لنا من هذه الصخرة ناقة صفتها كيت وكيت وان تكون عشراء طويلة تبعناك". وقام نبي الله صالح وصلى لله عز وجل ما قدر له ودعا ربه فأمر الله عز وجل تلك الصخرة أن تنفطر عن ناقة عظيمة عشراء وكانت أمراً عظيماً ومنظراً هائلاً ودليلاً قاطعاً وبرهاناً ساطعاً لنبوته، فآمن كثير منهم واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم وعنادهم. واتفق الحال على أن تبقى هذه الناقة بين أظهرهم ترعى حيث شاءت من أرضهم وترد الماء تشرب ماء البئر يومها ذلك، فكان قوم ثمود يرفعون حاجتهم من الماء في يومهم لغيرهم، ولما طال عليهم الحال اجتمع أمرهم واتفق رأيهم على أن يعقروا هذه الناقة ليستريحوا منها ويتوفر عليهم ماؤهم وزين لهم الشيطان أعمالهم. وجاء في الأثر أن الذي تولى قتل الناقة هو قدار بن سالف بن جندع وكان أحمر أزرق أصهب، ويقال إنه ولد زانية وهم بقتل الناقة بسبب امرأتين من ثمود اسم احداهما صدوقة ابنة المحيا وكانت ذات حسب ومال دعت ابن عم لها يقال له مصرع بن مهرج وعرضت عليه نفسها ان هو عقر الناقة، واسم الأخرى عنيزة بنت غنيم وكانت عجوز كافرة لها بنات من زوجها فعرضت بناتها الأربع على قدار بن سالف ان هو عقر الناقة، فانتدب هذان الشابان لعقرها وسعوا في قومهم بذلك فاستجاب لهم سبعة آخرون فصاروا تسعة فانطلقوا يرصدون الناقة، فلما صدرت من وردها كمن لها مصرع فرماها بسهم فانتظم عظم ساقها وجاء النساء يذمرن القبيلة في قتلها فابتدرهم قدار بن سالف فشد عليها بالسيف فكشف عن عرقوبها فخرت ساقطة على الأرض ورغت رغاة واحدة عظيمة تحذر ولدها ثم طعن في لبتها فنحرها وانطلق سقبها وهو فصيلها فصعد جبلاً منيعاً ودخل في صخرة، قال الله تعالى فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها. وأمهل الله سبحانه وتعالى قوم ثمود ثلاثة أيام بعد عقر الناقة، ولما أشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء من فوقهم ورجفة من أسفل منهم، ففاضت الأرواح وازهقت النفوس وسكنت الحركات وخشعت الأصوات وحقت الحقائق فأصبحوا في دارهم جاثمين جثثاً لا أرواح فيها ولا حراك بها. هذه هي قصة مدائن صالح التي كانت لقوم ثمود وبنوا فيها القصور وكانوا حاذقين في صنعها واتقانها ولكنهم قابلوا نعمة الله بالجحود فأنزل الله فيهم بأسه وكانت العاقبة وخيمة.