نظامنا التعليمي كأي نظام تعليمي آخر فيه من الجوانب الإبداعية والنقاط المضيئة وفيه ما هو خلاف ذلك. لكن الأمر المؤكد هو أن تعليمنا يبقى برغم جهود تطويره وتحديثه المتواصلة في حاجة إلى مزيد من جهود التطوير. والدواعي لمثل هذا التطوير في نظامنا التعليمي كثيرة، ولعل في إثارة الأسئلة التالية ما يكشف عن هذه الدواعي: أين يقع تحصيل طلابنا العلمي والمهاري بالنسبة لنظيره لدى طلاب الدول التي حققت سبقا تقنيا صناعيا اقتصادية مرموقاً؟. ولو توجهت بهذا السؤال إلى أي تربوي في بلادنا لأجابك وفي حلقه غصة. تذكّر عزيزي القارىء أننا في الشأن الرياضي حققنا على المستوى الأقليمي إنجازات عالية، ولكن عندما دخلنا في منافسة حقيقية مع أمم متقدمة في الشأن الرياضي انكشفت لنا الفجوة الهائلة التي تفصلنا عنهم. ويبدو بالمثل أن فجوة تعليمية هائلة لا تزال تفصلنا عن الأمم المتقدمة تكنولوجيا. نحن هنا لا نناقش ضعف تعليمنا وقوة تعليمهم، ولكننا نؤكد أهمية أن نعرف على الأقل أين نحن بالنسبة لهم في شؤون دنيانا؟، وكيف نصل إلى ما وصلوا إليه؟. هذه الأسئلة يجب أن يشارك في إجابتها كل أصحاب القرار السياسي والتعليمي في بلادنا، هذه الأسئلة يجب أن تقلق كل المثقفين والمفكرين التربويين وكل القطاعات التعليمية الحكومية والخاصة (وليس وزارة المعارف فقط). وفي كل الأحوال يجب أن نكون على يقين بأن القمة التعليمية تتسع لأكثر من أمة. من الذي يقود الآخر؟ هل التربية والتعليم في بلادنا هي التي تقود مجتمعنا وتؤثر فيه وتشكله طبقا لطموحاتنا وآمالنا، أم أن مجتمعنا بما ساد فيه وعلق بثقافته من شوائب وقيّم سالبة هو الذي يقود تعليمنا ويشكله؟.. وأعني بالقيّم السالبة هنا ضعف الالتزام، غياب الاتقان، المجاملات الاجتماعية الممجوجة والمرفوضة، ضعف أصول الحوار، القبول بالحدود الدنيا من النجاح والإنجاز، الاتكالية، عدم احترام مبدأ تكافؤ الفرص. إن الذي يبدو لي في هذا الشأن أننا ما زلنا نضع العربة (مجتمعنا) أمام الحصان (تعليمنا) أسأل الله أن يسدد جهود قيادتنا التعليمية لتحقق للوطن طموحاته.