ربما يخيل للقارئ من الوهلة الأولى ان هناك خطأ مطبعياً في عنوان هذه المقالة على اعتبار أن هناك خللاً في تركيبة وطريقة طرح السؤال!! والسبب أن مفهوم السعادة المتعارف عليه! إنما هو هبة يهبها الله لمن يشاء وان الحظ عامل أساس في ايجاده! وكذلك كونها شيء يكتسبه الفرد ولا يتعلمه ولأنها غاية كل إنسان بغض النظر عن ديانته أو أيدلوجيته، فالسعادة هي الغاية من الحياة على اعتبار ان السعادة في مفهومنا الديني هي نتجه للإيمان بالله وعبادته بالمفهوم الشامل وكجزاء للأعمال الصالحة وبالتالي فالجنة هي الهدف الأسمى والأغلى لنا، وبالطبع فالجنة تعني في ثقافتنا «السعادة الأبدية». وسأحاول الاجابة على التساؤل السابق من وجهة نظر أحد علماء النفس بالرغم من معرفتي وايقاني بأن السعادة الحقيقية تنبع وتحقق من خلال الايمان الكامل بالله وأداء العبادات المفروضة بالإضافة على أن عوامل وجوانب عديدة تتداخل في تحقيق هذا الهدف وهذا الشعور الجميل. فقد حدد أحد المختصين النفسيين طريقة لتحقيق السعادة وأسلوبا تعليميا وتتمثل هذه الطريقة والتي سماها «بدائل السعادة» والتي تفترض انه لكي تحقق السعادة فإنه يجب عليك ان تضع عدة بدائل للشعور بالسعادة وانه لا يجب عليك ان «تقوقع» نفسك في بديل وشعور واحد بالسعادة، حيث تضع كل ثقلك وقوتك ولذتك وحياتك في داخله. بل يجب ان يكون لديك أكثر من بديل وبنفس القوة وان الشعور بالسعادة في هذه البدائل يجب ان تتساوى أو تتقارب بعضها مع بعض حتى لو قدر الله وفقد احد هذه البدائل فإن البدائل الأخرى توفر لك الشعور بالسعادة من خلال تعويض البديل المفقود. ولتوضيح هذه الوصفة السحرية النفسية، الرجل السعيد من وجهة النظر هذه أن السعادة ستحقق لهذا الرجل بالمثال الآتي شعوره بالسعادة في عمله (1) وأيضا شعور باللذة مع زوجته (2) شعوره بالمتعة مع أولاده (3) شعور بالراحة مع اخوته وأقاربه ووالديه (4) شعور بالسعادة بطعم الحياة (5) الخ وهكذا بشرط ان تكون جميع هذه المشاعر متقاربة أو متساوية وألا يطغى بديل على الآخر بشكل كبير وافترضنا ان هذا الرجل فقد البديل رقم (1) فإنه سيجد من البدائل الأخرى ما يعوِّضه ويخفف عليه هذا الفقدان لأنه أساسا لم يقوقع نفسه ويصور لنفسه ان العمل وحده هو السعادة!! فيما لو أن هذا الرجل أخطأ ورسم لنفسه ان السعادة هي في عمله وأن لا شيء يستحق السعادة وأن حياته هي العمل وطغى على البدائل الأخرى فإنه سيصاب بلا شك «بالتعاسة» ويفقد الشعور الجميل بالسعادة. وأعتقد انه من خلال تعليم أنفسنا على إيجاد بدائل متعددة للسعادة والموازنة بينها فإنه يمكننا ان نتعلم السعادة وأن نحصل عليها بإذن الله.