إن كانت «الاختبارات» هي واحدة من وسائل «القياس» بالمفهوم التربوي، فإنَّ القياس لابد أن تتوافر له شروط «التطابق» والتماثل لما يراد منه...، فلا أقيس الماء بالمتر، ولا أزن حجم «الكتلة» بالمسطرة... و«المنهج» التربوي الذي تدخل فيه «ضرورة» أن يكون قادراً على قياس «الخبرات» المعرفية التي يقدمها ضمن أدق عناصره «المحتوى»، لا يغفل «بالضرورة» ذاتها «الفروق الفردية» التي هي «محور» اهتمام الذين يخططون له بدءاً وفق «أهدافه» المسبقة التي يُبني «بقضه وقضيضه» عليها بل يجب ألاَّ يغفلها..، وإذا كانت «الفروق» هذه لا تنحصر فقط في فئة «الدارسين»، بل تمرَّر مظلّتها على كافة العناصر المشاركة في وضع وتنفيذ هذا «المنهج» بشقيْه التعليمي والتربوي، بدءاً بمن يخططونه، ويصمّمونه، ويضعونه، وينفذونه، ويشرفون عليه، ويقوِّمونه بمثل ما تمرُّ هذه المظلة على المستفيدين منه وهم فئة الدارسين، فإنّ لهذا المفهوم «الفوارقي» ما يضعه في أهمية الاعتبار ليس فقط أمام المعلمين الذين «يُطلب» منهم معرفة كيفية «تقنين»، و«ملاحظة»، و«مراعاة» الفروق بين «طلبتهم»، بل لابد أن «يُطلب» ذلك في الذين يشاركونهم الجزء الأكبر ممّا يدخل ضمن «عملهم» فيستلبونه منهم بعد أن يكونوا هم الذين «نفّذوا» عملية التدريس بكلِّ عناصرها وبكلِّ مسؤولياتها ومتطلباتها، فيأخذون عنهم مَهمَّة «الاختبار» أيِّ تقويم ما «قاموا» به، ومن ثمّ «تنتيجه» أي إخراج نتائجه في صورة «اختبارات» عامة تخضع لها كافّة العناصر الدارسة في كافَّة المناطق في كافَّة المدارس على اختلاف كافَّة فروق العناصر «الدارسة» والعناصر «المدرِّسة» في إغفال كليٍّ غير منطقي للفروق التي خضع لها «المنهج» بكلِّ جوانبه أثناء ممارسة تنفيذه خلال الفترة الزمنية المحددة له.. وذلك في مرحلة الثانوية العامة... وعلى الرغم من أنَّ مبدأ اختبارات الثانوية يحتاج إلى مراجعة كنت ناشدت بها منذ «زمن» ولا أزال... ولم يتحقق لها إلاَّ ما تحقق لقطرة الماء وهي تواجه أشعة الشمس إلاّ أنَّ ما «يُلاحظ» عن «أسلوب» أسئلة الاختبارات، في ردود فعلية من قبل العناصر «الدارسة» و «الخاضعة» للتقويم من قبل من لم يقم بتدريسهم، ولعدم مراعاة فروق أساليب التدريس، إلى جانب فروق ما خضع له الدارسون من كافَّة جوانب العملية «التعليمية»، إلى جانب «الفروق» غير المتماثلة بين هؤلاء وبين من «وضع» أداة التقويم بعناصر أسئلتها... أي «أسئلة الاختبارات» يؤكد على «الفجوة» «الفروقية» الخطيرة التي لا يذهب ضحيتها إلاَّ «الطلاب» إذ تؤثر نتائج التقويم باختلاف الفروق في المستوى النهائي «لمحصلاتهم» «الرقمية»، والتي لها معيار فاعل في مستقبل دراستهم. وعلى الرغم من أنّ هناك أساليب حديثة جيدة في إتاحة فرص الفروق الفردية «لمعيرة» الحصول على مقعد في الجامعات تعتمد على «القدرات» الفردية، وهو توجه حسن وفاعل وعادل من قبل وزارة التعليم العالي، إلاّ أنّ من يتقدم للدراسة الجامعية وفق «حصيلته» القادم بها من الدراسة الثانوية بل من «اختباراتها» ما هو إلا تركيبة الفروق التي خضع لها سواء في «المعرفة التي تلقاها» و«الخبرات» التي خضع لها، أو الأساليب التي تلقى عنها هذه المعرفة، وفروق العناصر البشرية التي قدّمتها له، إضافة إلى فروقه هو الذاتية بوصفه «الواحد» أو «بوصفه الجمعي» بين من شاطروه التلقّي فوق مقاعد المدرسة.إنّ العودة إلى كلّ هذه العناصر المؤثِّرة في فاعلية «القياس» التقويمي لمحصلة طلاب الثانوية.. يُرجع «اللوم» إلى نظام الثانوية في الاختبارات. هذا النظام الذي آل إلى السقوط وبدأت أنقاضه تبدو «قاتلة» ولابد له من دراسة، وإعادة بناء وليس فقط ترميماً يستر العيوب والتصدعات ومن ثمّ تعود فتهوي بمن فيها وبمن يخضع لها. والدليل على ذلك ليس أسئلة الرياضيات فقط بل أسئلة الكيمياء التي خرج الطلاب المتفوقون من الاختبار وهم لايعلمون عن غموض ما قدِّم لهم فيها، فإذا كان المعيار في القياس الطالب المتفوق، وهكذا هو حال المتفوق فما يكون حال صاحب القدرات العادية ؟!.