يحتفل العالم اليوم الأربعاء الخامس من يونيو باليوم العالمي للبيئة تحت شعار (اعط الأرض فرصة) وذلك بهدف تنبيه العالم ولفت انتباهه لحماية الموارد الطبيعية للأرض، واليوم العالمي هو مناسبة سنوية لرفع الوعي البيئي تحتفل به الدول على المستويات المحلية والوطنية والاقليمية بأشكال مختلفة كما تشكل مناسبة إعلامية تلهم الصحفيين للكتابة عن البيئة وتقديم برامج إعلامية متعددة، وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاحتفال باليوم العالمي للبيئة في عام 1972 وعهدت لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة (يونيب) بتنسيق أنشطته، وفي كل عام يختار يونيب شعاراً لهذا اليوم كما يختار مدينة لتقام فيها الاحتفالات الدولية، فشعار اليوم العالمي لعام 1994م كان (أرض واحدة أسرة واحدة) توافق مع السنة الدولية للأسرة. وشعار عام 1995م كان (نحن شعوب العالم نقف جبهة متحدة من أجل البيئة العالمية) جاء ليتوافق مع الاحتفال بالذكرى الخمسين لإنشاء الأممالمتحدة أما شعار عام 1996م فكان (أرضنا موطننا ومثوانا) وارتبط بمناسبة عقد مؤتمر الأممالمتحدة الثاني للمستوطنات البشرية الذي عقد في تركيا بهدف اعداد المجتمع الدولي للعيش على كوكب متحضر وتحذير العالم من تردي البيئة وزيادة وعي العالم بامكانات المستوطنات البشرية والمدن. الإنسان والبيئة إن مسألة البيئة هي قضية الإنسان اليوم ولا تخص دولة دون سواها فالتلوث لا يقف عند حدود سياسية أو جغرافية أو اقتصادية، وهي تؤكد أن العالم متداخل ومترابط الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود على كل الصعد حتى تنجح الجهود لمحاربة التلوث.. وفي الحقيقة ثمة تعريفات كثيرة للبيئة ومنها أنها كل ماهو (خارج عن كيان الإنسان وكل ما يحيط به من كائنات وموجودات. وإذا كانت العناصر الأساسية للبيئة هي الهواء الذي يتنفسه الإنسان والماء الذي يشربه والتربة التي يسكن عليها ويزرعها فإن المعنى الشامل للبيئة يعني انها «الإطار الذي يمارس فيه الإنسان حياته ونشاطاته المختلفة»، ويرى الدكتور أحمد محمد طحان أن البيئة هي مجموعة العلاقات والنداءات بين الإنسان والحياة والكون والنداءات هي قوانين الاتزان التي تعيش ضمنها الكائنات باتساق دقيق مع الكون، والتلوث هو الاخلال بهذه العلاقات والنداءات وغالباً ما يكون هذا الاخلال بسبب الإنسان الذي يتميز بحبه للسيطرة والتطور والاستملاك، والنظام البيئي هو عالم الكون الذي تعيش عليه الكائنات الحية ضمن القوانين الثابتة التي خلقها الله تعالى في المكونات البيئية ابتداء من النباتات الخضراء التي تحول المواد العضوية إلى مواد حية تدور بواسطة الكائنات الدقيقة المحللة للفضلات التي تحولها النباتات وطاقة الشمس بدورها الى مواد حية مرة أخرى وهكذا تستمر الحياة، ويضيف الدكتور طحان: كلما أسرف الإنسان في استهلاك موارد الطبيعة والاخلال بقوانين اتزانها وتطوير وسائله المادية بعيداً عن التخطيط والحكمة كلما تعرض للمزيد من الويلات البيئية التي قد تدمره وتزيله عن وجه الأرض ومنها: - حامضية البحيرات والشطآن وما يترتب عليها من ويلات بيئية في الغلاف الجوي وما يكلف البشرية من المال وسوء الصحة وقلة الغلال. - الاشعاعات وما تجلبه من أمراض وسرطانات والتفجيرات النووية والمفاعلات الذرية تنذر بالمزيد من المآسي سيما ونحن نتحدث عن فضلات نووية قد تكون بمفردها كافية للقضاء على الجزء الأكبر من الاتزان البيئي الذي نحلم بتحقيقه. - غازات الدفيئة أو غازات الصوبة (ومنها الأوزون وثاني أكسيد الكربون) التي ترفع درجة حرارة الأرض وتهدد اليابسة بالانحسار. وللبيئة عدة أبعاد هي: البعد الايكولوجي: ويشمل العلاقات بين الإنسان والطبيعة. البعد الاقتصادي ويتناول الجوانب المتعلقة بالموارد الطبيعية والتنمية الدائمة والتكنولوجيا الحديثة. البعد الإنساني ويتعلق بالحق في حماية البيئة وارتباطه بحماية حق الانسان في الحياة وتأمين حاجاته الأساسية. البعد الاجتماعي والثقافي ويهتم بنظام القيم الذي يجب ان يكون موجها لحماية البيئة.. وعلى ضوء هذه الأبعاد يمكن تحديد المشاكل التي تهدد البيئة وهي التلوث بصوره المختلفة واستنزاف الموارد الطبيعية ونمط الحياة الاستهلاكي. العالم والبيئة في عام 1972م عقد مؤتمر الأممالمتحدة للبيئة في السويد ويعد أبرز تجسيد للاهتمام الدولي بالبيئة ويعود انعقاد هذا المؤتمر لعام 1968م حين قدم اقتراح من المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة وأصدرت الجمعية العامة قرارها رقم 2398 الداعي لعقد مؤتمر عن البيئة الإنسانية بهدف ايقاف هبوط مستوى البيئة، وانعقد المؤتمر بين 5-16 يونيو بحضور ممثلي دول كثيرة وهيئات ومنظمات معنية وصدر عنه اعلان استكهولم للبيئة وهو شكل نقلة نوعية على طريق ابراز مسألة البيئة وكان المبدأ الأساسي في الاعلان (إن للإنسان حقا أساسيا في الحرية والمساواة وظروف الحياة اللائقة في بيئة ذات نوعية تتيح العيش حياة كريمة ومرفهة)، ومنذ صدور هذا الاعلان بات بالامكان القول ان الالتزام الدولي بحماية البيئة صار أمراً مسلماً به على المستوى العالمي وظهرت المؤسسات المختصة بالبيئة وتم احداث برنامج الأممالمتحدة للبيئة وهو يخطط ويشرف ويرعى أهم النشاطات الموجهة لحماية البيئة في العالم. اهتمام سعودي كبير أولت المملكة الجانب البيئي اهتماما كبيرا وفي عام 1990م تم تشكيل اللجنة الوزارية للبيئة وأنيطت بها مهام التنسيق بين مختلف الجهات وتطوير سياسة بيئية موحدة ويرأس هذه اللجنة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وقد شاركت المملكة في المؤتمرات البيئية العالمية وقامت اللجنة المذكورة بتطوير جدول أعمال القرن الواحد والعشرين الخاص بالمملكة واقره مجلس الوزراء الموقر كخطة منهجية لتحقيق التنمية المستدامة على المستوى الوطني ونتج عن ذلك تشكيل وحدات بيئية داخل كل إدارة أو وزارة، كما أعدت اللجنة النظام العام للبيئة والخطة الوطنية لإدارة المناطق الساحلية.. وكان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز رئيس اللجنة الوزارية للبيئة قد أعلن انه تم تطوير استراتيجية بيئية تقوم على (ان الإنسان مستخلف من الله عز وجل في هذه الأرض ليعمل على عمارتها لحاضره ومستقبله ولبني البشر جميعا)، وتعتمد الاستراتيجية على مبادئ أساسية منها: - حماية المعطيات البيئية والمقومات الطبيعية وتنميتها والمحافظة على تنوعها. - التكامل في عملية التخطيط التنموي على جميع المستويات وفق الاعتبارات البيئية المعروفة. - اعتماد التحليل البيئي وتقويم الاثار البيئة للمشاريع التنموية خلال عمليات التصميم وانتهاء بالتشغيل والصيانة مروراً بمراحل التنفيذ والتشييد. ولهذه الاستراتيجية أبعاداً منها البعد الحضري الذي يقوم على مفاهيم المدن والمراكز الحضرية المهيأة بيئياً وصحياً ويتم التأكد على ذلك في الانتاج والتوزيع والاستهلاك المرشد للمياه ولاسيما مياه الشرب وتطوير عمليات الصرف الصحي واستكمال شبكاته والمعالجة السليمة للمياه الناتجة عنه مع مراعاة شتى بدائل التقنية المتاحة التي توفر أقصى اعتبارات السلامة... والبعد الصناعي حيث تعمل السعودية على التوسع في الصناعة النظيفة القابلة للاستمرار والحد من النفايات الصناعية والبعد الزراعي إضافة إلى البعد البشري حيث يعتبر الإنسان المواطن المكون الرئيسي والأساسي لثروة الأمة بوصفه المورد الدائم المتجدد.. وتعددت أشكال هذا الاهتمام وتنوعت أساليبه ومنها على سبيل المثال عقد المؤتمرات الوطنية كمؤتمر التنمية وتأثيرها في البيئة وأسابيع الجامعة والبيئة والمسابقات البيئية ومن أبرزها مسابقة الأمير سلطان بن عبدالعزيز لخدمة البيئة وتتعلق بأربعة مجالات هي تنظيف بيئة الشاطئ والشُّعَب المرجانية والبيئة البرية ومسابقة الإنتاج الفكري. وإلى جانب الاهتمام الحكومي الكبير بالبيئة ثمة اسهامات على مستوى القطاع الخاص حيث توجد شركات مهتمة بقضايا البيئة والحفاظ عليها ليس كجزء هامشي من أعمالها بل كأساس في مجمل اعمالها، كما ان هناك مشاركات طوعية ترعاها شركات القطاع الخاص وخير مثال لها ما قامت به مجموعة الفيصلية من تنفيذ حملات للبيئة في أكثر من مدينة بالسعودية وكانت الحملة الأولى لتنظيف روضة وشعيب الخفس وتلتها حملات في جدة والشرقية وهي تقدم أنموذجاً حياً ورائداً على مساهمة القطاع الخاص في تنمية الاحساس بأهمية البيئة التي تعد قضية حيوية تهم الصغير والكبير. إن التلوث هو عدو الإنسان الأول لأنه يدمر صحته ويقتله ويلوث جمال بيئته ويدمر الغلال ويستنزف الثروات.