تسلط الصورة على عجوز تجاوزت السبعين خريفا، شهدت مجزرة دير ياسين، ومَنْ منا لم يقرأ عن تلك القرية الصغيرة وعن طبيعتها الهادئة وطيبة وبساطة أهلها الفلاحين الذين لايزيدون عن 250 نسمة، وكل امرئ يعرف ان ذلك الهجوم الذي قام به الصهاينة كان لإيقاع الرعب والهلع في قلوب الفلسطينيين، ففروا مذعورين تاركين أراضيهم وأملاكهم، فقد نزح حوالي 000 ،900 نسمة وبعد خمسة وخمسين عاماً يعيد الاسرائيليون مجزرتهم في جنين، إن الخطأ لايتكرر مرتين، فقد تعلم الفلسطينيون درسا «عش حراً أو مت». كانت تلك المرأة الناجية من المجزرة من بين ثلاثين ناجيا تصف ما رأت بعينيها وقالت إنها لاتنساها وكأنها تحدث امامها الآن وتراها كما ترى تلك الكاميرا التي تصورها، هناك ذكريات مخزنة في أعماق ذاكرتنا تعود للظهور حين الإحساس بالحزن والأسى الشديد فتخرج تلك الذكريات المؤلمة بأدق تفاصيلها، إن الشعور بالألم والاضطهاد يندحر بمقتل صاحبه، أما الشاهد على أنواع التعذيب والذل والتدمير وسماع صرخات المستغيث فهو الذي يبقى. أتنسى الأم أو الأخت أو العمة أو الجدة أو الأب أو أو.. المحتل الغاصب لأرضهم ووطنهم وأخذ ولدهم من بين أيديهم بالقوة والضرب وتكسير عظامه اليوم اسمع الأناشيد والأغاني الثورية كأناديكم، يا جماهير، الشعب العربي وين، يا قدس، أجراس العودة الخ.. طفت كلها بعد أن كانت غارقة في باطني واستشفيت أنني احفظها عن ظهر قلب، وقد كانت جميع هذه الأغاني تذاع عبر إذاعة «المرابطون» اللبنانية زمن الاجتياح الاسرائيلي وقيامه بمجزرة صبرا وشاتيلا، كما أن أبنائي الآن يحفظونها من المدرسة والتلفزيون. وفي فترة من الفترات كنت اعترض على ابنائي عند اصرارهم على شراء مسدس او ألعاب الحرب وذلك حتى يتعودوا على السلام وليس العنف، السؤال هو كيف سنربي الجيل القادم؟ وكان أجدادهم ومن بعدهم آباؤهم ممن شهدوا مجازر دير ياسين وصبرا وشاتيلا والآن جنين وغدا مجزرة اخرى بلا شك مادامت اسرائيل تعبث بأرواحنا وأرضنا، أنربي أبناءنا على ذاكرة التاريخ أم على أحداث الحاضر؟ فإن قمت بتربيتهم على أن العين بالعين والسن بالسن فهو إرهاب بنظر إسرائيل وأمريكا وعلينا محاربته، أم على رأي دعاة السلام العرب مع اسرائيل إن صفعتك إسرائيل على خدك الأيمن فقدم لها الآخر لتكمل مهمتها، أم ادفع دولارا لتقتل صهيونيا اسرائيليا أو صهيونيا مسيحيا، إن الحقد والكراهية الإسرائيلية لن تنتهي فقد أعلنته على المسلمين منذ عهد محمد صلى الله عليه وسلم وإلى زماننا هذا. رويدا سعد الله حلاق