أيها المنتقدون (لإسرائيل) اخرجوا نشرت جريدة هاآرتس مقالاً للكاتب جدعون ليفي بعنوان «أيها المنتقدون (لاسرائيل)» اخرجوا، جاء فيه: لم يسمع أحد في إسرائيل عن «آنا دانيلسون» أو «إيفون فريدريكسون». أو«لارس يردين» أو «مرجريتا سودربرج». ولكن في وطنهم السويد لم يكن هناك برنامج تليفزيوني تقريبا إلا وأورد قصة الأربعة. الذين من بينهم طبيبان، كيف حبسوا بفظاظة وطردوا بخزي من إسرائيل دون أن يسمح لهم حتى بالاتصال بقنصليتهم. الأربعة أعضاء في لجنة للتضامن مع الفلسطينيين وقد أتوا من أجل تقديم العون الطبي لهم . لم تكن شعرة من شعر دولة إسرائيل ستسقط لو أنها سمحت لهم بفعل ذلك. أيضا الطبيب الياباني «توشى إينوشيما» أتى لهدف مماثل، وقد سجل عملية طرده في خطاب بعث به إلى مضيفيه أعضاء رابطة الأطباء من أجل حقوق الإنسان: «إننى آسف على عدم تمكني من دخول إسرائيل، أردت أن اساعدكم، لن أحاول مرة ثانية» . هكذا كتب. وقد انتظر مجموعة الأطباء من مدرسة صحة الجمهور بجامعة بروكسل مصيراً مماثلاً هنا. أما وفد «أطباء العالم» الموجود في إسرائيل منذ فترة. فكاد يطرد هو الآخر لولا تدخل أحد كبار المسئولين. وكأن المشاهد الصعبة التى تبثها إسرائيل إلى العالم من المناطق المحتلة غير كافية . لتأتي أفعال الطرد هذه لتضيف مزيدا من الوقود على نار النقد الموجه ضدها. فقرار وزير الداخلية . «إيلي يشاي» بعدم السماح بدخول من يشك في تأييدهم للفلسطينيين إلى إسرائيل يتم تنفيذه بحذافيره ليوجد مزيدا من سفراء النوايا السيئة. وإزاء شرطة الأفكار (النوايا) في مطار بن جوريون الدولي، فإن القلائل الذين ما يزالون يأتون مطالبون أيضا بإقناع موظفي وزارة الداخلية بمحبتهم لصهيون والأسئلة التى توجه إليهم في هذا الصدد محرجة. وبهذا أصبح وزير الداخلية ممثل الحزب المعروف بتنوره وبانفتاحه على العالم (يسخر الكاتب من حزب «شاس» اليميني المتطرف المنغلق)، عنصرا مدمرا للعلاقات الخارجية. إن إسرائيل الآن لا تدمر البيوت فقط على سكانها في جنين، وإنما تطرد أيضا ضيوفا لا يتفقون مع سياستها. وليس هكذا تسلك دولة منفتحة تتشدق بديمقراطيتها. والأمر المذهل هو أن لا أحد يعنيه، كما هو واضح، كيف تبدو صورتنا، وإلا فمن العسير فهم هذه السياسة. إن القدرة على رسم صورة إسرائيل كدولة متحضرة ومنفتحة هي ثروة لا تقل في أهميتها عن اعتقال 12 مطلوبا آخرين . فالصورة الحالية لإسرائيل كدولة منغلقة في وجه العالم، وكمهاجمة بغضب لمنتقديها وكطاردة لضيوفها، هي صورة تضرب بمصالحها ذاتها. والفائدة الوحيدة: أننا نعود إلى المكان المعروف الخاص ب«العالم كله ضدنا». إن أوربا تتحدث في السنوات الماضية لغة جديدة، ليست إسرائيل على استعداد للإصغاء إليها. فقد أصبحت حقوق الإنسان في السنوات الماضية قيمة رئيسية في الثقافة السياسية، وأصبح الحفاظ عليها هدفا رئيسيا في السياسة الخارجية. أما في نظر إسرائيل، فإن الحفاظ على حقوق الإنسان ما يزال يبدو بوجه خاص عائقا في طريق السياسة الأمنية . إن العالم الجديد ليس مستعدا للموافقة على ذلك هنا . مثلما لم يوافق عليه في البلقان. لكن إسرائيل ترد بعدوانية: فقد أصبح «تيري لارسن». صديق إسرائيل والفلسطينيين الذي كرس عشر سنوات بتفان من أجل إقامة سلام بينهما، عدو الشعب (الإسرائيلى) بين عشية وضحاها، فقط بسبب ترديده بضع كلمات انتقادية مبررة في جنين ضد منع تقديم مساعدات إنسانية للفلسطينيين (لم يقل إنه كانت هناك مذبحة). ولجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن أحداث مخيم جنين مذمومة سلفا وموصومة بأنها معادية لإسرائيل فقط لكون أعضائها خبراء في حقوق الإنسان. ومدير مكتب الصحافة الحكومية . «داني سيمان». وهو إنسان مسئول عن صورة إسرائيل، يتفوه بفاحش القول ضد مدير عام المنظمة الدولية الهامة «مراسلون بلا حدود». فقط لأن المنظمة تجرأت على انتقاد المعاملة التى يلقاها الصحفيون. فيما يطرد نشطاء حقوق الإنسان الذين يأتون إلى إسرائيل. وكل من لا يتوحد مع الصوت الأوحد لإسرائيل يتم الإعلان عنه عدوا، ومن هذه الناحية . فإن «يافاه يركوني» (مغنية شهيرة في إسرائيل انتقدت سلوك الحكومة الإسرائيلية في تعاملها مع الفلسطينيين) . ويوسي بيلين (من رموز حزب العمل المعتدلين). وتيري لارسن، والأطباء السويديين جميعهم في سلة واحدة. إن إسرائيل تتحدث الآن إلى الداخل والخارج بصوت جديد . تقشعر له الأبدان. ألا وهو: أيها المنتقدون (لإسرائيل) اخرجوا. كيف نضمن أغلبية يهودية؟ وفي صحيفة «معاريف» كتب د. غاي بيخور مقالا بعنوان «كيف نضمن اغلبية يهودية ساحقة؟ جاء فيه: لماذا يتجاهل عرفات حقوق العرب مواطني إسرائيل. ويطالب فقط بحقوق الفلسطينيين في المناطق الفلسطينية؟ بسبب التناقض بين صراعي المجموعتين. ويتحدث عرفات عن دولتين لشعبين. بمعنى دولة فلسطينية ودولة يهودية. لأن هذه الصيغة تخدم رغبته في اقامة دولة القومية الفلسطينية، وهو يتخوف من أن معارضة جزء من العرب الإسرائيليين لتعريف إسرائيل كدولة يهودية ستضر به. من المتوقع أن يختفي هذا التناقض مع اقامة الدولة الفلسطينية. فحينها ستتلاقي أهداف أوساط العرب في إسرائيل مع أهداف عرفات لتشويه هوية إسرائيل كدولة يهودية ومن هنا من الواضح أن اقامة دولة فلسطينية لن تكسبنا الاستقرار ومن المهم الاستعداد منذ الآن لتحصين الطابع اليهودي والغالبية اليهودية في دولة إسرائيل والامتناع عن أوهام جهات عربية بهذا الشأن. وعلم في الآونة الأخيرة أن وزارة الداخلية ستشدد شروط منح المواطنة لسكان المناطق الفلسطينية. بما في ذلك التي تتم تحت اسم «لم الشمل»، بشكل عام فإن هذا ليس مسألة انسانية وانما رغبة فلسطينيين كثيرين بالانتقال من العالم الثالث الى العالم الأول. وبالتالي سيتم على هذا النحو تطبيق حق العودة على حساب المجموع اليهودي. والدليل على هذا أن لم الشمل هو دائما في اتجاه واحد، نحو إسرائيل وليس نحو السلطة الفلسطينية. إن العدد الدقيق للفلسطينيين الذين حصلوا على مواطنة أو استوطنوا هنا في العقد الأخير ليس معروفا: هناك من يتحدث عن 50 ألفا وهناك من يتحدث عن 150 ألفا. وستشترط وزارة الداخلية منذ الآن منح المواطنة للفلسطينيين بأن يكون لمقدم الطلب ماض نظيف (بما في ذلك عدم الاقامة بشكل غير قانوني في إسرائيل) وبمعرفةاللغة العبرية والتاريخ الإسرائيلي حسب ما هو متبع في غالبية الدول. هذا تقدم ولكنه لا يكفي. فمن أجل القضاء على أفكار القضاء على إسرائيل ديموغرافيا فعلى الكنيست أن يحدد من خلال قانون انه ليس بإمكان الفلسطينيين من المناطق الفلسطينيية الحصول على المواطنة الإسرائيلية. إذ إن قانونا كهذا متبع في لبنان على ضوء التخوف من زعزعة الميزان الديموغرافي (ومن الحروب الأهلية) وتمنع هذه الدولة توطين الفلسطينيين على أرضها. وإذا كان الفلسطينيون أنفسهم يتحدثون عن مبدأ دولتين لشعبين. فبالتأكيد سيكون لنا مبرر لتطبيقه. إن نسبة اليهود في إسرائيل اليوم هي 82%، ومن خلال عدة قرارات موجودة بين أيدينا. ودون الحديث عن موجة الهجرة المتوقعة في الأشهر القريبة من أوروبا والأرجنتين. فمن الممكن رفع هذه النسبة الى 90% تقريبا. هناك 200 ألف إسرائيلي مسجلين كأشخاص لا دين لهم. وكلهم مهاجرون من دول الاتحاد السوفيتي سابقا. والذين عائلاتهم يهودية. ومن العدل والصحيح تسجيلهم كيهود بعد اجراء عملية تهويد سريعة على طريقة التيار الإصلاحي. وهناك ربع مليون شخص ليسوا يهودا هم سكان شرقي القدس. ومن المناسب فحص امكانية انسحاب السيادة الإسرائيلية من الأحياء السكنية لغالبية هؤلاء والاكتفاء بالسيادة على البلدة القديمة فقط. كذلك يعيش في إسرائيل 200 ألف عامل أجنبي، بشكل قانوني أو غير قانوني، وقسم كبير منهم يريدون ربط مصيرهم بإسرائيل. وهناك امكانية للسماح لهم بهذا، فإذا تهودوا ونجحوا في امتحان اللغة العبرية وتاريخ إسرائيل سيحظون بمواطنة إسرائيلية كاملة كجزء من الغالبية اليهودية. من أجل التوصل الى حل عادل من خلال تقسيم لدولتين قوميتين علينا ان نوضح للفلسطينيين وللعالم العربي دون أي اعتذارات ان إسرائيل هي دولة يهودية على استعداد للعيش الى جانب دولة قومية فلسطينية. وطالما لا نفعل هذا ولانضمن التحصين الديموغرافي الذي يلزمة الواقع، فسيستمر الجانب الفلسطيني في أن يخطئ بأحلامه في السيطرة على كل الأرض التي بين نهر الاردن والبحر الأبيض المتوسط وزعزعة كل احتمال للاستقرار.