الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب، ليكون للعالمين نذيراً، يرفع به من آمن.. ويهدي به من ضل.. وينير به أغوار النفس.. ويكشف ظلمات الحياة.. ويقيم سلطان العدل والدين. والصلاة والسلام على الهادي البشير، الذي أرسله ربه الى الناس كافة.. فكان رسولهم وقدوتهم وإمامهم.. خلقه القرآن يتلوه آناء الليل وأطراف النهار.. فأنشأ دولة.. وأقام مجتمعاً.. وأحيا أمة.. ووطد فكراً، ونشر عقيدة.. وأرسى حضارة سمتها القرآن تتنفس به.. وتعيش له وعليه.. وبعد.. فماذا أرى؟ هذه وفود الشباب تترى.. وقوافل الايمان تتوالى.. وحلق الذكر تتسع.. ومواكب الرحمة تتنزل.. ونسائم الجنة تهب.. الى روضة وارفة الظلال، وحديقة فواحة العطر، ومائدة منوعة الأصناف أقامها أمير الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحملة كتاب الله من الشبان والشابات. وحديقة الفرقان ضاحكة الربا بالترجمان شذية غناء والوحي يقطر سلسلاً من سلسل واللوح والقلم البديع رواء والعرش يزهو، والحظيرة تزدهي والمنتهى «والسدرة» العصماء يالله.. إني أتملاها على البعد، منذ أنشئت قبل أربع سنوات، فتلوح لي من خلال السنين بأعطافها الموشاة بعمل الخير، المطرزة بطلب الأجر، المزينة ب«اقرأ» و«المزمل» فتملكني الفرحة، وينتابني الفخر، ويهز أعطافي الاعجاب، وتكتحل عيني بالسعادة، وتمتلىء أرواني بالثناء، ويفيض لساني بالدعاء.. وأسافر مع الأمل.. ثم أدنو.. فإذا بها في عامها الرابع، قد بلغت الرشد، واستتم لها البناء واكتمل لها التكوين، وامتدت أضواؤها في الاعلام المحلي والعالمي كواحدة من أعظم الجوائز لحفظ القرآن الكريم.. فلترتفع يا أشرف الأشياء أفديك صاعداً الى السماء كطائر من الجنان يطاول السحاب والأجواء ولا ريب.. فقد نشأت في كنف سلمان الخير، ودرجت من على كفه.. وصافحت وجدانه، وانبعثت من فكره، وانطلقت من رحابه، وكبرت برعايته، وامتدت تحت رواقه.. واستقامت بعطائه الثر. مليون ونصف مليون ريال.. جوائز المتسابقين.. وفي هذا فليتنافس المتنافسون!!. يا رياح الجنة هبي.. ويا طاعة الله أقبلي.. ويا معاشر الشبان هيا الى رايات المجد، وأعدوا العدة للسباق، وتنافسوا في مجالات الخير والعطاء.. أليس هذا هو الوفاء؟! * الوفاء لهذاالدين الذي قامت هذه البلاد على أساسه، منذ قام الملك عبدالعزيز بتوحيد البلاد ونشر راية الاسلام، واعلاء منارة الدين فيه. * الوفاء لهذا الوطن الذي أحبه سلمان منذ طفولته فأنفق عمره وجهده في خدمته، ويرد الى الشباب ما أخذه أضعافاً مضاعفة. * الوفاء للطفولة لتنشأ في محضن القيم والأخلاق، وتتربى على هدى القرآن الكريم ونفحاته القدسية. * الوفاء لهذا الشعب الذي يريد له المسؤولون في هذه البلاد الرقي والتقدم والازدهار. ولله درك يا سلمان على نبل خلقك، وعمق رأيك، وبعد نظرك وصدق عزيمتك، وصفاء طويتك. وقد أحسن الشاعر عبدالمجيد العُمري في وصف الجائزة وصاحبها حين قال: الله كرَّم سلماناً وشرفه في خدمة الدين والإسلام، معوان أبا اليتامى رعاك الله من رجل أقولها داعيا، بوركت سلمان خصصت جائزة للذكر دائمة فكم لها في السما أجر وميزان إن الكرام اذا عدوا خصالكم حتما سيرهقهم عد وإحسان سلمان نهر من الإحسان يقصده في ثلة الأمر، محتاج وظمآن مناصر لكتاب الله محتسب في موقع الخير معطاء له شان آل السعود ورب البيت شرفهم في خدمة الذكر أعوان وإخوان لقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالخيرية لاثنين: من تعلم القرآن. فقال:«خيركم من تعلم القرآن وعلمه». وتعليم القرآن أوسع من مجرد القيام بعملية التعليم، أنه يشمل صوراً متعددة ووجوهاً كثيرة، ومساحات واسعة من تهيئة السبل، ورفع المعونات ورصد الجوائز، ودعم المؤسسات من أجل هذه الغاية. *** ومنذ مشى محمد على وجه الزمان.. وأضاء برسالته حوالك الظلم، ونصب للعالم مناراً للهدى.. وهذه البلاد حادية الركب، وقائدة المسيرة، وسائقة الرعيل.. تعثرت حيناً فجاءت هذه الدولة السعودية الفتية فتلقفت الراية فأقامت ساريتها، ونفخت في شعلتها، وأعلت منارها.. وجعلت شعارها الركن الأولى من أركان الاسلام. وكان عبدالعزيز المؤسس الباني والموحد لهذه البلاد على بصيرة من أمر دينه ودنياه. حدد هدفه بدقة ورسم اليه الطريق بخط مستقيم لأنه أقصر الوسائل الى الهدف. على الصعيد الداخلي عمل على أمرين محوريين: * توحيد البلاد من الفرقة والشتات والتناحر. * تطبيق شرع الله فهو الوسيلة للأمن والاستقرار والتقدم. فاتخذ من كتاب الله مرجعا وهاديا. وكان كثير الملازمة له، يتلوه تلاوة تدبر وتمعن، وله منه ورد في الصباح، وورد في المساء، وورد في جوف الليل، ولطالما بكى عند تلاوته تضرعاً وخفية وكان لا يفارقه في قيامه أو قعوده، ولا في سلمه أو حربه، ولا في حله أو سفره. فإذا أحس بالوحشة، أو شعر بالجفوة، أو اشتدت عليه الأزمات، أو خاض الناس عنده في الحديث دعا من يرطب مجلسه بالذكر ويندي القلوب بالآي، ويقطع الحديث بالتلاوة. {إنَّمّا پًمٍؤًمٌنٍونّ پَّذٌينّ إذّا ذٍكٌرّ پلَّهٍ وّجٌلّتً قٍلٍوبٍهٍمً وّإذّا تٍلٌيّتً عّلّيًهٌمً آيّاتٍهٍ زّادّتًهٍمً إيمّانْا وّعّلّى" رّبٌَهٌمً يّتّوّكَّلٍونّ} [الأنفال:2]. وما أجمل أن يكلف بالتلاوة أحد أبنائه.. في هذه الربوع المنعمة بالايمان.. الزاخرة بالذكر.. المعطرة بالآيات، الندية بالخشوع.. التي تحفها الملائكة، وتغشاها الرحمة، وتتنزل فيها السكينة ويذكرها الله فيمن عنده.. نشأ سلمان فرضع حب القرآن، ولقن أحكام التجويد، وأنس بالترتيل، وارتوى من حياض التقوى، وألف الترنم بآيات الذكر الحكيم. فلا تعجبوا أن تروه اليوم على باب هذه المسابقة يلوح بيده داعياً فتياننا وفتياتناالى هذا المحفل العظيم وهذه المائدة القرآنية، انه يجد صورته في كل حافظ للقرآن، ويلمس وجوده في كل نابغ من هذا الشعب ويسعده ان يتنافس الناشئة على هذه الحياض الكوثرية. ومن الطريف ان تشمل هذه الجائزة الجنسين الذكور والإناث من ابناء هذا الوطن إيمانا منه حفظه الله بحق كتاب الله عليه، ودور المرأة أما وأختاً، ،وزوجة وبنتاً في العلم، وبناء المجتمع وحقها في التربية الاسلامية الصحيحة. والمتتبع لدور هذه الجائزة يلمس الأثر البالغ الذي يثته في همم الشباب والشابات وترغيبهم في الحفظ والمثابرة عليه، وارتياد جمعيات التحفيظ التي تنتشر في كل أنحاء البلاد، ومدارس التحفيظ التي تلقى من الدولة حفظها الله الدعم والتشجيع.ولا يرتاب متحقق ولا منصف في دور الجائزة في احتضان الشباب ورعايتهم وشغل أوقاتهم بما يعود عليهم بالنفع، ودورها الكبير في اكتساب الخلق الحميد والقيم الراسخة والفضائل الحسنة والاخلاق العالية في حكمة القرآن واعتداله دون شطط أوغلو أو جنوح. وهذه اليد البيضاء التي يسديها سلمان حفظه الله للشباب امتداد لأعماله الخيرة الكثيرة التي يشهد بها القاضي والداني.. وما دعمه لاسر المجاهدين في فلسطين ثم في الصومال، والبوسنة والهرسك، وكوسوفا وأفغانستان عنا ببعيد. واذكر المراكز الاسلامية والمساجد ودور العلم التي يقوم بافتتاحها في الشرق والغرب في كبريات العواصم والمدن.. وتحدث عن المشافي والمصحات وإيواء العجزة والمسنين التي تمثل القلب الرحيم الذي يتسع لآلامهم ويواسي وحدتهم ويخفف من جور الزمان عليهم. زانتك في الخلق العظيم شمائل يغرى بهن ويولع الكرماء الحسن من كرم الوجوه وخيره ما أوتي القواد والزعماء أسأل الله العظيم ان يديم على هذه البلاد أمنها واستقرارها ورخاءها وان يحفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وان يؤيد حكومتنا الرشيدة ويسدد خطاها انه ولي ذلك والقادر عليه.