لقد جاء المعرض الجماعي السنوي السادس للفن المعاصر والذي دأب المركز السعودي للفنون التشكيلية على تنظيمه في مثل هذه الايام حافلا بالكثير من اسماء كبار الفنانين مثل طه صبان وعبدالله يونس ونايل ملا وعبدالله حماس وغيرهم من الاسماء التشكيلية التي استطاعت رسم مسار جيد للعمل التشكيلي والتأكيد على مدى وعيها بطبيعة هذه العلاقة التي جمعت بينهم وترسيخ عطاءاتهم بشكل واضح ايجابي ينطلق من استيعابهم للمعنى الحقيقي لمفهوم الفن وهذا ما جعل اعمالهم تصل الى احاسيس المتلقي واتاحة الفرصة للمزيد من التأمل وللمزيد من التواصل والتحليق في فضاء اللوحة واللون والغوص ملياً والتعمق فيما اراد الفنان ان يقوله للجميع من خلال مفردات كل لوحة من الاعمال الموجودة. اعمال هذا المعرض كانت قوية بقوة هذه الاسماء سواء من ناحية التشكيل العالي الافكار او مضامينها التي تفاوتت بين الواقعي والسريالي والتجريدي، حتى تباين الخامات منح للجو العام ولروح المعرض خصوصية فيها شيء من الشفافية,, الاعمال في مجملها كانت جميلة. الا ان هناك عددا من الاعمال كانت مفاجأة للمعرض وخصوصا انها من التجارب التي تطبق بأنامل فنانات سعوديات ولم يسبق عرضها من قبل,, ومنها: لوحة الفنانة رنا باخشوين التي استطاعت بامكاناتها ومقدرتها الكبيرة في اعطاء الفن التشكيلي صورة جديدة للجيل الصاعد من الفنانين التشكيليين إلا انها استطاعت اثبات ذاتها واعطاء صبغة لعطائها التشكيلي ربما لا اقول هذا من فراغ ولكن لمعرفتي برنا أولاً وللامكانات التي تختص بها وتمتلكها وقبل هذا وذاك البصمة التي اضافتها للفن السعودي من خلال هذا المعرض واعتبارها أول فنانة ترسم على السجاد وليس لمجرد الرسم وإنما لتمكنها من التعامل مع هذه الخامة واتقانها التكنيكي في هذا العمل واسلوبها المميز اكد على حقيقة موهبتها في رسم البورترينة اضافة الى الامكانات العالية في تقديم عمل متكامل مشحون بمشاعر الفنان الصادق الذي يرغب في تقديم شيء جديد وبجراءة ودون انتظار النتيجة او فشل التجربة من عدمها وتكامل هذا العمل وعرضه كتجربة جديدة جاءت عبارة عن معزوفة وقطعة موسيقية لامست مشاعر الجميع وجذبت انظار الحاضرات وعلى وجه الخصوص راعية هذا المعرض سمو الاميرة سلطانة البراهيم. اما الفنانة فوزية عبداللطيف,, فقد ارادت تسخير قدرتها الابداعية بشكل مغاير عن الشكل المألوف والاستفادة منها,, في الرسم على قطع من الاثاث واختيار بعض اعمال المستشرقين لهذه القطع التي تبقى عبارة عن تحف وليس للاستعمال حتى الايحاء العام لمضمون العمل كان فيه شيء من الاسراء الذي يمكن ان يجير لصالح فوزية بعد ابرازها لهذه التجربة والتي ايدت سمو الاميرة سلطانة اعجابها بها,, هذا طبعا بالنسبة لمفاجآت هذا المعرض. الا ان المعرض لم يخل من الاعمال التي استحقت من الجميع الوقوف وكما هو الحال للوحة الفنان صادق غالب طيف الفقيد وتذكيره لنا في هذا العمل بالامير الراحل الامير فيصل بن فهد يرحمه الله ملامح هذا العمل جاءت مفعمة بالشفافية التي امتزجت فيها روح وحس الفنان واعطاء ايحاء عام جعل صورة الامير الراحل طيفا لامس مشاعر واحاسيس الجميع لان اعماله مازالت تنبض بالحياة خصوصا منها دعمه للحركة التشكيلية. اما لوحة الفنان فهد خليف (بعد المطر) فقد اعطت احساساً بالتنامي الرائع والانطلاق السريع المتناهي الذي يجعله يتناجى مع روح العمل بشيء من الحس الراقي والعطاء المتقن وخصوصا انه يعتبر من الفنانين القلائل الذين يؤكدون ولاءهم للفن, العلاقة الوطيدة التي جمعت بينه وبين التراث جعلت الغالبية العظمى من اعماله لا تنفصل عن مكنونات اصالة معانيه، هذا مما اعطاه مقدرة لتركيب المفردات التراثية بشكل سريالي جميل إضافة الى اختياره للون وكيفية التعامل معه بالشكل والصورة التي تخدم مكنونات العمل. الفنانة خديجة الجفري تعاملت مع الذات في هذا العمل بشيء من القسوة إلا ان كيفية ابرازها للايحاء العام للعمل ومقدرتها في التعامل مع الخامات التي استخدمتها في هذا العمل وطبيعة الفكرة كان فيه شيء من التكامل الذي يؤكد على ان هناك فنانة قادمة لها المقدرة على اضافة شيء جديد لأن محاولة انطلاق الفنان ببصمته الخاصة والانفراد بفلسفته تجعله يسعى الى تجسيد تجربته بشكل واعٍ. * الفنانة لاما السديري رغم أن تجربتها مازالت في مراحل مخاضها الاولى إلا أنها تسعى لبذل محاولتها الجادة والابحار في مدارات اقرب الى الحلم الانثوي والتطلع الى الابداع من نافذة تلعب مخيلة المرأة الدور الاكبر فيها,, وتحرك مفردات العمل التشكيلي بالصورة والكيفية التي من الممكن ان تروق لها. الاميرة سلطانة البراهيم اثناء جولتها بأرجاء المعرض والتي رافقتها فيها الفنانة منى القصبي تعاملت مع الاعمال الموجودة فيه من منطلق حس الفنان المبدع وخصوصا بعد كشف سموها عن الموهبة التي تتمتع بها في مجال التشكيل ومناقشة الفنانات حول اعمالهن. وعلى هامش فعاليات المعرض اقام المركز حفلاً خطابياً القت في مستهله الفنانة ونائبة رئيسة المركز السعودي منى القصبي كلمة رحبت في مستهلها بسمو الاميرة سلطانة. ونيابة عن الفنانات القت الفنانة فوزية عبداللطيف كلمة اعربت فيها عن سعادة الجميع بتشريف سمو الاميرة سلطانة البراهيم ورعايتها لهذا المعرض تحيطها مشاعر مفعمة بالحب والتقدير بهذه الزيارة الميمونة التي تشرف بها كل مشارك ومشاركة في مهرجان الفن التشكيلي وتقديم شكرها بالاصالة عن نفسها ونيابة عن الجميع لتفضلها بافتتاح هذا المعرض.