السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: اكتب لكم.. تعقيبا على ما ورد في صحيفتكم الغراء بتاريخ الاربعاء 22 من شهر ذي الحجة 1422ه الموافق السادس من مارس 2002 وتحديدا تحت عنوان (عنترة العبسي أصله إماراتي) وما قاله الباحث الإماراتي (حسين البادي) من ان عنترة بن شداد العبسي أشهر الفرسان والعشاق الشعراء هو من أصل اماراتي وقد استند الباحث في هذه المعلومة الجديدة إلى ما تناقله الابناء عن أجدادهم والى وجود عشيرة القبيسات الياسية في الإمارات وهذه القبيلة العريقة يرجع اصلها الى قبيلة بني عبس وإلى وجود منطقة تعرف باسم الجواء في الإمارات وهي منطقة ورد ذكرها في شعر عنترة. وهنا أود ان ارد على الكاتب الفاضل إذ إن كل ما استند اليه لا يعزز الحقيقة التاريخية ولا يمس وجدان التاريخ بصلة.. فإن كنا سنستند في بحوثنا التاريخية الى ما يتناقله الآباء والاجداد فلن ننصف التاريخ ولن نجد الحقيقة. وليت الكاتب يزور منطقة النعي القريبة من حائل في المملكة العربية السعودية فسيجد ان الأجداد هناك يتحدثون عن قبر عنترة وأن هناك صخورا متراكمة بجوار بعضها يقولون إنها قبر عنترة وقد نشر تحقيق صحفي مدعما بالصور حول قبر عنترة في النعي وذلك في مجلة اصداف السعودية في العدد (40) سبتمبر 2001. كما أن الاجداد ايضا في بلدة عيون الجواء التابعة لمدينة القصيم يقولون بأن قبر عنترة موجود في منطقتهم. فأي الأجداد اصدق؟ وأين هي الحقيقة فيما يقولون؟؟ أما عن وجود قبيلة القبيسات العبسية في الإمارات فهناك ايضا قبيلة الرشايدة (بنو رشيد) ويرجع نسبها الى عبس أيضا والرشايدة يؤكدون وجود قبر عنترة في اراضيهم وتحديدا في علم الرشايدة وهو مجموعة من الجبال المتسلسلة وتلك الجبال تقع على ضفاف اعالي وادي الرمة من الجنوب ويرجع الرشايدة في صحة وجود قبر عنترة في أراضيهم الى سيرة عنترة حيث انه ولد ونشأ ودفن في بلاد عبس وقد اكد الاصمعي في كتابه (سيرة عنترة بن شداد) وهي السيرة الحجازية اكد ان عنترة قد دفن في العلم السعدي (الجزء الثامن من الكتاب صفحة 184) والعلم السعدي هو الذي بات يعرف الآن باسم علم الرشايدة. وكذلك الى كتاب عمر أبو النصر (عنترة بن شداد فارس العرب وبطل الصحراء) الذي يؤكد أن عنترة قد دفن في بلاد عبس التي ولد فيها (صفحة 218) والتي هي الآن موطن قبيلة الرشايدة. وبإمكانك وبإمكان كل باحث يتحرى الحقيقة ان يزور منطقة العلم وتحديدا ذروة العلم السعدي حيث توجد مجموعة من القبور!! كما ان ذلك المكان هو المتفق عليه لدى المؤرخين بأنه كان مسرحا لحرب داحس والغبراء وقد ذكر ذلك ايضا المؤرخ المصري محمد الطيب في (موسوعة القبائل العربية بحوث ميدانية وتاريخية). ومنطقة العلم تحتضن قرى الجلادان من الرشايدة. أما بخصوص منطقة الجواء فأقول للكاتب الإماراتي ان نفس التسمية موجودة في المملكة العربية السعودية فعيون الجواء بلدة تابعة لمدينة القصيم.. كما ان عنترة لم يذكر فقط منطقة الجواء في شعره بل ذكر الكثير من المواضع والأماكن وكلها تقع في المملكة العربية السعودية وتحديدا في المناطق التي يقطنها الرشايدة (بنو رشيد). ولا يمكن بأي حال من الاحوال ان نستند استنادا كاملا على مسميات المناطق والأماكن لأن التشابه موجود وأسماء الاماكن متكررة. إن الكتابة أمانة والكاتب إنسان قد يخطئ كما يصيب.. والتاريخ اجتمعت فيه الحقائق والأكاذيب والخيالات والأساطير.. والكاتب.. أي كاتب عليه ان يتذكر دائما ان كل ما سيكتبه سيكون شاهدا عليه يوم القيامة.. لذلك فإن عليه ان يبحث عن الحقيقة ولاشيء سواها.. لا ان يدلي بأقوال في صميم التاريخ تخالف ما اكده المؤرخون الثقات. وأنا هنا لست بصدد الخوض في امور لست ضالعا فيها وإنما هي غيرتي على تاريخ وثقافة أمتي.. وإعجابا بشخص ذلك الفارس الشهم الشجاع والذي جاء في الاثر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال عنه (ما وصف لي أعرابي قط فتمنيت أن أراه إلا عنترة) وهنا أتمنى من كاتبنا الاستاذ حسين البادي ان يعيد النظر في بحثه عله يصيب الحقيقة وما توفيقنا إلا بالله. عيد بن عوض بن مربح الرشيدي