* مَنْ منا لا يحب أبناءه ومَنْ من الأولاد أكثرهم لهذا الحب؟؟ أليس من القسوة إذا قلنا ان احدنا لا يحب ابناءه وقد قال تعالى في كتابه العزيز {پًمّالٍ وّالًبّنٍونّ زٌينّةٍ پًحّيّاةٌ پدٍَنًيّا (46)} [الكهف: 46] . والأبوة مسؤولية لا تعادلها مسؤولية، والأمومة اعظم شعور تشعر به المرأة بعد ان تنجب أولادها وكم هو حال أولئك الذين لا يكتب الله لهم الانجاب لسبب من الأسباب تتكدر حياتهم ولو انهم من المجاملة يظهرون غير ما هو خاف في صدورهم، ولكن تلك ارادة الله {يّهّبٍ لٌمّن يّشّاءٍ إنّاثْا وّيّهّبٍ لٌمّن يّشّاءٍ پذٍَكٍورّ (49)أّوً يٍزّوٌَجٍهٍمً ذٍكًرّانْا وّإنّاثْا وّيّجًعّلٍ مّن يّشّاءٍ عّقٌيمْا إنَّهٍ عّلٌيمِ قّدٌيرِ (50)} [الشورى: 49 50] وبالنسبة لحب الأبناء نجد ان اجمل ما جاء في حبهم قول احد الحكماء حين سئل فقال: أحبهم إلى قلبي الصغير حتى يكبر، والمسافر حتى يعود والمريض حتى يشفى، أي انه في غير هذه المواضع يكون الجميع عنده في ميزان واحد، ولا فرق أبداً بينهم، وهذا هو ما يجب ان يكون من قبل الآباء والأمهات، فلا عواطف زائدة للصغير أو حبا جما للكبير، او تعاطفا، فالعدالة مطلوبة وبشدة لأن لها من الآثار السيئة ما ينعكس على الأسرة عند اشتداد عضد هؤلاء الأبناء وانتقام من لا يحظى بهذا الحب أو هذه العاطفة. والحقيقة الواضحة للعيان ان الابن الكبير والصغير وفي واقع الدراسات التجريبية لهما نصيب الأسد من الحب والحنان والاهتمام ودراسات علم الاجتماع الاسري توضح ذلك بجلاء تام ومما زاد الأمر وضوحا لديَّ عندما علمت بقصة احدهم، فهو الابن الاوسط يعمل ويصرف على الأهل ويرعاهم ويعترف بأن الفضل لله في ذلك ولكن لم يجد كلمة شكر واحدة ولو مجاملة ليس بحضوره او اثناء غيابه، وعندما يأتي اخوه بقطعة ثوب فإن أهله يرونها أغلى من آلاف الريالات التي يصرفها عليهم الابن الاوسط، فيقول والدموع تتحجر في مآقيه: «انني اجد الجفاء من اخوتي واهلي فأنا الأوسط ماذا افعل أرشدوني»؟! فما احوجنا الآن لأن نعدل في معاملة أولادنا وان ننثر عليهم عواطفنا بتعادل كامل، وهذه المعاملة تنطلق من جمل المسؤولية الدينية والاجتماعية، فما كان في البيت من معاملة ينعكس بالتالي على الوضع في المجتمع، فالتربية المتوازنة بين الأبناء يجني المجتمع ثمارها أيا كانت هذه الثمار.. فلنتق الله في أنفسنا، وبما ملكت أيماننا.. * وبعد.. أتهاجر بنيّ أتسافر بني.. بعد طول السنين، ليسكن في قلبي الحزن والانين اتسافر بني.. وتهاجر كما تهاجر الحمامة البيضاء وتترك اصحابها وتعبر الآفاق وحيدة تبحث عن الأحباب، عن الأصحاب.. ما أشد الغربة بني.. وما أقسى الفراق حبيبي فالفراق في جسدي يحفر اغنية، والغربة في عيني تذرف دمعة اتسافر بني.. وتتركني للعذاب.. للسهر.. للآلام.. بني.. فالحب مهما ارتدى ثياب الغائب فأنا مازلت انتظر ولا بد للمسافر ان يعود، ولابد للمهاجر ان يعود، ولا بد لقلب الأم ان تفرح بعد طول غياب.. في السفر يا بني لا تنسى أيام الطفولة.. لا تنسى اسطورة الحب الخالدة «الله، الدين، الوطن، الأهل».. في الغربة بني لا تنسى سجادة الصلاة، وصوم رمضان، والصدقة، والزكاة.. لا تنسى بيت الطفولة.. بيت الحب الذي ينتظرك، مهما طال الغياب.. وانت يا حمامتي الوديعة.. احمل على جناحك مقتي.. وارويها لابني في الغربة، وذكريه ان الحب خالد في القلوب، وان الوطن والاهل ينتظرون فلا يطيل ابني الغياب ففي البلاد احباب ينتظرون الاياب يقال: سافر ففي الاسفار خمس فوائد.. تفريج هم، وعلم، واكتساب معيشة، واكتشاف بلدان، وصحبة ماجد.. فعين الله ترعاك.. وحافظ على دينك واخلاقك فهما سلاحك في الغربة بُني. * وقفة: اعتقد ان لا شيء اكثر حاجة للصديق من الدموع، احيانا كثيرة نعتدي على خصوصية الأشياء فنسلبها حرية التمدد والنمو، وممارسة ادوارها بكل صدق. في مواسم الحزن تهطل الدموع لتغسل حرارة الألم عن الشفاه وتعبر عن عاصفة من الصفاء تجتاح المشاعر.. هل نتوقف عن منازعة الدمعة في ممارسة حقها الوجودي والمشروع كرسول للصدق. ام تمتد ايادينا لتشوه كل الأشياء حتى الدموع فنجعلها ممثلاً رديئاً في مسرحية هزيلة عنوانها «الغاية تبرر الوسيلة». يبكي ويضحك لا حزناً ولا فرحاً كعاشق خط سطراً في الهوى ومحا وسيلة محمود الحلبي ص.ب 40799