فجعت بلادنا هذه الأيام بفقدان علم بارز وشخصية فذة، ذلكم هو سماحة الشيخ محمد بن جبير رحمه الله الذي خطفته يد المنون على حين غرة دون ان يمهله المرض فسحة للعلاج مع أنه توفي وما زال يرقد في المستشفى التخصصي حين نعاه بيان الديوان الملكي بالحزن والأسى كمواطن كان ما زال يخدم شعبه من خلال أرفع المناصب وأخطرها ذلكم هو مجلس الشورى الذي ينضوي تحت لوائه من كانوا يتقلدون أرفع المناصب وأجلها فتركوها مدعوين الى هذا المجلس الوليد الذي يطرح الرؤى المتجددة للأنظمة التي عفا عليها الزمن منذ أول مراحل التأسيس. وكان الفقيد قد عزف عن الوظائف الحكومية بغية التفرغ للعبادة والتقرّب الى الله سبحانه وتعالى حتى استدعاه الواجب الوطني خدمة لدينه ولأبنائه البررة الذين يضعون على أمثاله من المشهود لهم بالسماحة والتعفف عن مغريات الدنيا والبعد عن الأضواء جلَّ آمالهم في تحقيق مكاسب للأجيال الطالعة وهي ترنو الى البعيد في طموحات الغد الباسم إن شاء الله، ومسابقة الزمن حتى تتحقق الآمال الواعدة لهذا الوطن وأبنائه من خلال رجالاته الأفذاذ كما هو الحال بالنسبة لهذا القدوة الراحل وقد كان عدد الذين شيَّعوه الى مثواه وما زالوا يواصلون العزاء في منزله ما لم يحظ به أي كبير في البلاد وذلك بسبب مواقفه الانسانية وسمعته الناصعة. وإننا في هذه الوقفة السريعة والحزينة ونحن نشارك أبناءه وأسرته في مصاب الوطن الجلل لنتضرع الى الله عز وجل ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يعوّض الوطن بمن يحمل بعض سمات هذا العلم البارز بين رجالات هذه البلاد رغم صعوبة التشابه في الثقل والمواقف.. بل السجايا والصفات.. فاللهم ارحم فقيدنا رحمة واسعة وعوّضنا بمن تتوسم به أن يقرَّ أعيننا من عبادك الصالحين ونحن نشارك أسرة الفقيد مصابها الجلل، بل ان الوطن من أقصاه الى أدناه لتتوجع مفاصله بهذه الخسارة الفادحة، فلك الحمد اللهم على ما قضيت ونسألك الرأفة بنا وأعنا على تحمّل فقد عبادك الصالحين فلك الحمد على ما تتوخاه لوطن العزة والإباء وهذه الأرض الطاهرة. أرض الرسالات ونزول الوحي.. على أشرف عبادك محمد صلى الله عليه وسلم. «إنا لله وإنا إليه راجعون».