والحروف تباريني خائفة ، تبصرني من طرف استفهامٍ وتعجّبٍ ، صرختُ بأعلى صوتي ، كسعلي خرج فجأة من مغارته، الحقيقة الكل بُهتْ ، هنا صادفت عيني حسناء مرتدية عباءة الراقصة ،ومعها طَبْلٌ أمين ، وناي سارٍ في ليل قمري ، وريح تُعكّر صفو المكان ، حيث سكن الزمان جنونه ! قالت : أنا من يقف في وجهك أيها المتغطرس بملامحه وضع الأمين الطبلة وقال بعد أن لملم بقايا ما يخرج من أنفه الكبير : خسئت يا مسليمة الكذّاب ، اقترب من سيدتي وسترى ! ووجّه الناي صفيره وسرى يعزف بألحان هجينة وقال : أنا سأفتح الرسالة من مدينة النور : أنت سعلي لكنك قزم لماذا ترفع صوتك وتضرب لغتنا ؟ أطلقت الضحكات ، هرب الجميع ، رقصت السيّدة، طبلة الأمين والشيء الغريب جدا أن الناي الساري بالركبان قال : هيت لك ! هرول السطر إلي حاسر الرأس ومعه المتن والحاشية ، يترقّب قائلا : - لماذا لطمت لغتي سيدي ؟ قلت له : بعد تفكير وسبابتي تشير للكل: لأن هذه الحروف مرّقّعة في فاصلة قديمة ،ولغتها حاسدة ناقمة ، فاشلة ، كانت ، فأصبحت لا شيء ، اختبأت في جامعة الدال العليل ، فحسبي الله ونعم الوكيل ،حاولت التقليد ففشلت ، وسارت عرجاء بمشية الغرّاب. سطر وفاصلة حين نمدح نثني بعقل ، وحين نعتب نعتب برفق وحين نهجو ننتقي الكلمات بهدوء وحكمة ،وحين نكتب نترك فرصة للآخرين أن يتمعّنوا ثم يفسّروا ثم يحكموا ! اكتب بالضمير ، وانتقد بالحكمة ، واترك للقرّاء أن يستمتعوا بالملامح والممالح. ** ** - علي الزهراني (السعلي)