عن مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية، صدر العدد الرابع من مجلة أدوماتو، وهي مجلة علمية محكمة نصف سنوية تعنى بالدراسات والبحوث الآثارية في الوطن العربي. وقد جاء العدد حافلاً بالعديد من الدراسات والبحوث التي تعالج قضايا متعلقة بالآثار في العصور المختلفة. يضم القسم العربي من العدد أربعة أبحاث، في البحث الأول عرض الباحث الدكتور العباس سيد أحمد قضية الممتلكات الثقافية بين المواطنة والاغتراب، وخلص إلى ان هناك عددا كبيرا من الآثار العربية المهمة جرى نقلها بطرق غير شرعية إلى متاحف غربية، وطالب بعودة هذه الآثار إلي مواطنها الطبيعية صاحبة الحق في الاحتفاظ بها في مواقعها، ليتسنى للباحثين والدارسين دراستها ضمن مجموعات الآثار الموجودة في مواقعها، أما البحث الثاني فكان بعنوان: «استئناس الحيوان والتحولات الاحيائية والاقتصادية الثقافية» للباحث أ.د.علي التباني ناقش فيه محاولات الانسان منذ قيامه باستئناس الحيوانات واستخدامها من خلال دراسة بقايا عظام الحيوانات في المواقع الأثرية. وفي البحث الثالث عرض الدكتور عاطف منصور نقود الخلافة العباسية اثناء فترات الاضطرابات السياسية في فارس وسجستان من خلال دراسة 57 قطعة نقدية خلال الفترة ما بين 287 307ه. أما البحث الرابع فكان بعنوان: «استبدال البلاطات الخزفية بالفسيفساء على الجدران الخارجية لقبة الصخرة المشرفة» للباحث الدكتور نزار الطرشان، أشار فيه الباحث إلى أنه جرى الاستغناء عن الفسيفساء الأموية على جدران قبة الصخرة بسبب تعرضها للسقوط بفعل العوامل الجوية خلال مراحل مختلفة. وتم ترميم جدران القبة باستخدام البلاط الخزفي. أما القسم الانجليزي من العدد فقد احتوى على ثلاثة أبحاث، البحث الأول للدكتور حسن السعدي بعنوان «نابونيدس في الجزيرة العربية: إعادة تقييم» تناول الباحث فيه الفترة التي قضاها الملك البابلي نابونيدس بالجزيرة العربية التي بلغت حوالي عشر سنوات والبحث الثاني عن الآثار النبطية من خلال الصور الجوية للباحثين د. حمد القطامين ود. ديفيد كيندي عرضا فيه لقضية عدم جدوى الاكتفاء بتفسير الآثار النبطية من خلال مدينة البتراء لوحدها فقد كشفت المسوحات الآثارية الأرضية عن مئات المواقع النبطية في كل من الأردنوفلسطين والسعودية وسوريا وأكد الباحثان ان المسح الجوي يقدم تقنية متطورة يمكن من خلالها اكتشاف وتسجيل مواقع أثرية وبكلفة أقل ويساعد في تفسير الآثار بشكل أوضح. أما البحث الثالث فكان عن حجارة التماثيل الملكية في حضارة وادي الرافدين هل جلبت من عمان، للباحثين د. باول يولي ود.أ.غوبا. وإلى جانب الأبحاث السبعة فقد احتوى العدد على عرض لبعض المجلات والكتب الآثارية إضافة إلى تقارير عن المؤتمرات والندوات العلمية المتعلقة بآثار الوطن العربي، كما ناقش الباحث د. أحمد أبو القاسم اشكالية المصطلح الآثاري: حالة الفخار. وفي افتتاحية العدد ناقش رئيس التحرير أ.د.عبدالرحمن الأنصاري عدة قضايا مهمة منها المطالبة بضرورة تفعيل الإفادة من وسائل الإعلام الحديثة وبخاصة شبكة الانترنت في التعريف بإنجازات النشر العلمي وأعمال التنقيب الأثري في المملكة، إلى جانب التعاون في مجال تبادل المعارض الخاصة بالآثار مع المتاحف العالمية وطالب بإتاحة فرص تدريبية للكوادر الوطنية لتأهيلها في مجال الآثار والإفادة من الخبرات العلمية المتوفرة. ودعت المجلة إلى حماية الآثار والممتلكات والمقدسات الإسلامية في فلسطينالمحتلة، التي تواجه عمليات تدمير وتخريب متعمد ووحشي من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي. وفي لفتة حميدة رثى رئيس التحرير عالمين آثاريين قدما خدمات جليلة في مجال تخصصهما هما المرحومان أ.د.حسن الباشا وأ.د.عبدالعزيز صالح اللذان حفلت سيرتاهما بالأعمال والأبحاث الآثارية المهمة والمتميزة إضافة إلى خدماتهما الأكاديمية في الجامعات والمعاهد المصرية والعربية على السواء. ومن الجدير بالذكر ان مجلة أدوماتو التي تصدرها مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية قد أثبتت وجودها على الساحة العلمية ليس في الوطن العربي فحسب بل وعلى مستوى المجلات العلمية الغربية، وذلك من خلال الاهتمام من قبل الباحثين العرب والأجانب على نشر أبحاثهم العلمية حول آثار الوطن العربي في هذه المجلة التي أضحت تقدم خدمة جليلة للباحثين وأساتذة الجامعات المتخصصين في الدراسات والبحوث الآثارية وقد حفل العدد بالعديد من اللوحات والأشكال والخرائط العلمية في متن الأبحاث المنشورة في اخراج متميز وطباعة راقية.