يأتي يوم محو الامية وتعليم الكبار العربي هذا العام موافقا ليوم الثلاثاء 24 شوال 1422ه وبهذه المناسبة نتحدث عن خلاصة التجارب العربية كما رصدتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في وثيقة استراتيجية تعليم الكبار في الوطن العربي. فقد ذكرت الوثيقة انه في مقدمة ما يذكر هنا هو مظاهر القصور الملموس في التعليم النمطي وتأثيرها السلبي المعروف على تعليم الكبار فمن حيث العملية التعليمية ما يزال تعليم الكبار في مجتمعاتنا عالة على نظريات التعليم العام وطرائقه ووسائله، حيث تعليم الكبار وخاصة في مجال محو الأمية بالأسلوب الذي يتعلم به الصغار ابتداء من مكان التعليم ومن معلم المدرسة الابتدائية ومن المناهج التي تشتمل على كثير من المفهومات والتصورات التي يتعرض لها الصغار الى عملية التقويم والامتحانات والى شهادة التحرير من الامية.وتذكر الوثيقة ان نشاط تعليم الكبار في المجتمع العربي اصيب بحول من دون مبالغ وهو يمد ببصره في كل خطوة الى التعليم المنمط فتأثر به الى درجة التوحد معه مع اختلاف وارد في بنائهما مما أعجزه عن قدر من النمو والتطور يتيح له الوصول الى منهج تربوي واجتماعي يتفق مع طبيعته واهدافه ويتكامل به مع التعليم العام كما ينتفع به هو من معطيات ذلك التعليم. ان العقبة الكبرى التي تعرقل جهود التخطيط لتعليم الكبار نجدها متمثلة في ندرة المعلومات وعدم دقتها بل وغيابها في بعض الأحيان سواء فيما يتصل بحصر الأفراد او الحاجات او المستويات او المجالات أو المؤسسات او الامكانات وذلك لغياب المنهج العلمي الذي يقوم عليه جمع البيانات في هذا الميدان.فالاحصاءات والمعلومات المتداولة فيه يتم الحصول عليها اما من احصاءات القبول في المدارس النظامية ومن التعداد العام وهذا هو افضل الحالات مع ما يشوب ذلك من ضعف وإما من التقديرات الإدارية.اما المنهج الذي يعرف مجال تعليم الكبار ويحدده ويختار له الادوات البحثية المناسبة فهو امر غير وارد، وتذكر الوثيقة انه من الملاحظ ان هناك غيابا واضحا لسياسة عامة لتعليم الكبار ونعني بالسياسة العامة بيان موقف المجتمع او الدولة من قضية من القضايا ويشير بصفة عامة الى نوع الحركة او العمل الذي يجسد فيه هذا الموقف ومما لاشك فيه ان هذه السياسة على جانب كبير من الاهمية على اعتبار انها تشكل الاساس الذي تترتب عليه الخطوات التالية.. وهكذا اذا نظرنا الى البرامج الحالية لتعليم الكبار في البلاد العربية من هذه الناحية فسوف نجد ان قليلا منها هو الذي يستند الى سياسة عامة مثل محو الأمية والثقافة العمالية مع اختلاف في درجة وضوح هذه السياسة العامة، اما بقية البرامج فإن مثل هذه السياسة تنقصها ويزداد النقص وضوحا اذا نظرنا الى تعليم الكبار ككل وهنا لانجد سياسة عامة بين موقف الدولة من هذا النوع من التعليم سواء من حيث اهميته او ما تريده منه او علاقته بغيره من انواع النظم التعليمية. ان وجود مثل هذه السياسة امر لا بد منه لما يترتب عليه من خطط توضع ومشروعات تنشأ لتنفيذ هذه السياسة، وتكمل الوثيقة انه بالنسبة إلى مفهوم تعليم الكبار فيكون على درجة من الوضوح والإحاطة بحيث تجعله يشمل جميع المؤسسات العاملة في الميدان ويحدد لكل منها الدور الذي تقوم به، فإننا نجد انه في كثير من الاحيان يستعمل تعليم الكبار مرادفا لمحو الأمية وبذلك يصبح الكل مساويا للجزء ومحو الأمية متردد بين الصغار والكبار، والثقافة الجماهيرية يضطرب نشاطها بين التعليم والتثقيف بين الثقافة الرفيعة والثقافة الجماهيرية بين اسلوب التثقيف ومضمونه، والثقافة العمالية حائرة بين العناصر العامة التي يشترك فيها العمال مع بقية المواطنين، والدراسات التكميلية تمارس احيانا على أنها نشاط شرعي يوضع له نظام ثابت وأحيانا على انه نشاط جانبي يتحمل الدارس وجوه مسؤولياته. وهكذا تعمل كل مؤسسة من هذه المؤسسات في ناحية من نواحي تعليم الكبار دون ان يكون هناك تصور واضح للميدان بين حدوده وحالاته وعلاقاته الداخلية والخارجية وأسسه الاجتماعية والنفسية كما يساعد على اكتشاف الفجوات التي توجد في انواع مناشطه الحالية. وللموضوع بقية وعلى رب العالمين الاتكال. *كلية التربية جامعة الملك سعود