حين تكون «المرأة» عاصمة عُصبة، وعِصمة، وعاصِمة، وعصيَّة.. حين الكل امرأة، أمَّا، أختا، ابنة، جدَّة، حفيدةً، ورفيقة.. حين هي أملٌ، ومَعقدٌ، أحشاءٌ، محضن، ظلمة أولى، ومَيْثقُ النور.. حين هي الطاحنة، العاجنة، الغارسة، الزارعة، الوتد في المبتدأ، والسقف في المنتهى.. حين هي سيدة الحقل، والنار في رأس العلم، والمنار لاتجاه السُّفن.. حين هي البذرة، والنبتة، والطعام، والسقيا.. ولكل صفة فيها مرادفاتها، مقاصدها، معانيها، ودلالاتها، مجازاتها، مخبوءاتها، وآمادها.. كل الصفات فيها هي حقائقها الماثلة عيانا، ملمسا، حسَّا، وتفاعلا.. هي المجتمع كلِّته، والحياة مسارها، روحها النابضة أو الخافتة، مصباحها المنير أو القاتم.. عطرها الفوّاَح، أو الباهت.. كيانها الحاضر الفاعل، أو الحاضر المتواري.. المرأة عاصمة الخيوط في النسيج، وذرة الحنطة في العجين، وقطرة الماء في النهر، ومداد الكلمة في المحبرة.. هذه الآن: مذ عجنت وتشققت كفاها، وحملت وتأوهت أحشاؤها، وأرضعت وتشفَّقت عيناها، وحدبت وتقوست كتفاها، وربّت وانهمرت مقلتاها، وأشفقت وتفطرت نبضاتها، وصبرت وتنامت عطاءاتها.. حلمت وكبرت، حلمت وعملت، حلمت وبذلت، حلمت وتعلمت، حلمت وشاركت، حلمت وتفوقت.. تعلمت وعلَّمت، عملت وشاركت، شاركت وأنجزت، اجتهدت وكسبت، فكرت وأبدعت، توظفت وقادت، تفاعلت وأنتجت، من مقعد خلف السور، إلى سفيرة في سافرة النور، هذه المرأة المواطنة عاصمة بمفردات أبجدية اللغة صياغةً، وبلاغةً.. هي عاصمة القيم، هي عصبة الحلم، هي عصمة النسيج دون التشظي، حد البرزخ دون الطغيان، فاصل النور عن الظلام، العاصِمة عن الخلل، العصمة عن الزلل، العصية على الفراغ.. يحق لها محور النور في بلاد النور، تتكتل حولها الآمال، وتنبثق عنها الأحلام، وتكون عاصمة وطنها عاصمتها التي لا تحيد عن النور، تحتفي بها مكانة، ونموذجا، ومنطلقا لسعادة الحياة، ونمائها. بوركت، وبورك فيها، وبارك الله عنها ما يسعد وطنها بها..