على الرغم من أن الفنان محمد العلي رحمه الله نجم معروف منذ ثلاثين عاماً إلاّ أنه يحمل في أعماقه بساطة «أهل التنوير» وتواضع الكبار... صارع ظروفاً كثيرة جداً، منها المالي، والفني والاجتماعي والثقافي واستطاع كمثقف ان يختار التلفزيون كمنبر وأداة لتقديم رسالته تجاه مجتمعه، ووطنه. لا أخفي سراً إذا قلت بأن محمداً رحمه الله رجلٌ يمتلك مقومات الفنان من حيث حبه لفنه، ولثقافته، وحساسيته، ورهافه مشاعره وحبه للجماهير السعودية التي أحبته.. في عام 1408 كنت في القاهرة في معرض الكتاب الدولي والتقيت به هناك في معارض الجزيرة، وأبى كرمه إلاّ أن يدعوني إلى الفندق ونتحدث في هموم الثقافة والمسرح والتنوير الاجتماعي، وأقام حفلةً لزملائه في المسرح التجريبي بالقاهرة. ودعاني مرة أخرى لمشاركتهم فرحتهم بالحصول على جائزة تقديرية في المهرجان، وكان روى لي معاناته في مناخ صعب فني لدينا، وكان دائماً يردد أن الثقافة والفن وجهان لعملة واحدة متى ما أحس كل منهما بضرورة الآخر كان رحمة الله عليه إنساناً طيباً مرحاً مبتسماً طموحاً صابراً ممتلئاً بالإحساس النبيل وعندما حصلت على الدكتوراه كان أول المهاتفين لي في لندن يبارك، كان يفرح بوجود شباب مثقف يأخذ بزمام المبادرة في مناحي الحياة.. كان متفائلاً. وقوياً من الداخل.. متنوع الاهتمامات فهو يكتب ويمثل، ويمارس دوره في النشاط السياحي والاندية الرياضية ويتابع كل ما يتعلق بالنشاط الشبابي العام.. قضى أكثر من ثلاثين عاماً وهو يعمل ويبدع واستطاع الصمود فاستحق بحق لقب عميد الفن الدرامي السعودي.. رحمك الله يا أبا عبدالإله.. كنت يوم الخميس الماضي أول ممثل سعودي يموت كما يقول عبدالله بن بخيت في «يارا» وكان يوماً غريباً بالنسبة لي وللفنانين والمثقفين، كان يوماً حزيناً ذكرني بيوسف وهبي وعادل إمام ومحمد الماغوط ودريد لحام وحسين عبدالرضا وسعد الفرج ذكرني بالرواد في عالمنا العربي في المجال الدرامي.. رحمة الله عليك يا أبا عبدالإله، ونسأل الله لك المغفرة والرحمة إنه جواد جريم.