وتمر الأيام.. وترحل مودعتي في دروب الحياة.. فأعود أقص حكايتي منذ كنت طفلاً حالماً.. وتظل في قلبي.. وفي غور الحشا.. ذكرى يطاول ذكرها شم الجبال. أبدأ بالنهاية.. ثم ادخل في عمق البداية.. وأعود من جديد.. إلى نهاية قصتي. هاهي اوراقك أحفظها.. هاهي أغراضك تملؤني.. هاهي أعمالك قد زانت.. كل الجدران بصومعتي.. قد نقشت حرفاً لن يُنسى.. قد حفرت فناً لن يُمحى.. وأعيش، أعيش ولن أنسى. أن الأحلام هي الدنيا.. أرفع عينيَّ يثاقلها.. دمع قد غطّى أجفاني.. أنظر، أتأمل ماحولي.. تنثر دمعاتي أحزاني.. فالكل هنا سيذكِّرني.. أن مودعتي قد رحلت.. * * * عامان صديقة أيامي.. عامان بلحظ الأزمان.. وأعود أقص حكايتنا.. من أول ايام العمر.. كانت أياماً كالسحر.. كانت زهراً كل الزهر.. وأدوِّن تاريخ حياتي.. مع أحلى أحلى أحلامي.. * * * قد عشت وحيدة عائلتي.. قد ذقت دلالاً لن يُنسى.. قد كنت الزهر لوالدتي.. وأبي قد كنت رفيقته.. قد كنت أثيرة جداتي.. قد كنت صغيرة عماتي.. قد كنت شقاوة خالاتي.. قد كنت حمامة أعمامي.. وملكت قلوب أصيحابي.. فسرحت بدنياهم مرحاً.. ادخلت لقلبيهم فرحاً.. وكبرت، علمت اتوأمتي.. ان الدنيا لا لن تبقى.. * * * فأخذت أفكر أتمنى.. والطفلة تحكي عن فكري.. تنسج احلاماً وردية.. لو كانت لي اختاً صغرى.. لو كانت لي حتى كبرى.. ولماذا صاحبتي رزقت؟! اخواتٍ خمساً او ستاً.. وبقيت لوحدي حائرة.. وملامح وجهي قد كسيت.. حزناً.. فبكيت ولم أسكت.. ومضيت لربي داعية.. ان تجلب لي أمي أختاً.. لكن الدار اصاحبتي.. قد ملئت أولاداً خمساً.. وبقيت لوحدي حائرة.. ومضيت حياتي باحثة.. ولربي دوماً داعية.. * * * أكبر في قلبي أمنيتي.. والزهو يخالط افكاري.. فسأصبح بنت الجامعة.. من مثلي قل لي يا جاري.. * * * في تلك الأيام تراءت.. ها هي تخطو نحو الدار.. ها هي في داري في داري.. انظر، تنظر..، تجلس قربى.. وتكلمني..، اختي اختي.. كانت اختي، كانت اختي.. كانت من تبحث يا قلبي.. كانت فكري، كانت حلمي.. كانت أمنية قد مرت.. فطواها الدهر وما مُحيت.. فتثار مشاعر كاملة.. وأبوح لها وتبوح إلي.. أنها قد كانت امنيتي.. وأنا قد كنت لها حلماً.. * * * والحفل بداري قد قالوا: كالتوأم أنتم في الشبه.. آه..، لو يدروا توأمتي.. أنك توأم قلبي الولِه.. * * * من أروع منك توأمتي؟!.. كنت كالسحر وما زلت.. من أروع منك لو تدري؟! لا أحدٌ بل أنتِ أنتِ.. قد كنت بسمة أيامي.. قد كنت أروع آمالي.. قد كنت الحلم وما زلتِ.. ما زلتِ أحلى أحلامي.. ما زلتِ أحلى أحلامي.. * * * سأحب الدنيا ما دمتِ.. سأحب الكون بك أنتِ.. سأحب الدنيا ثمراء.. باتت في القلب ولن تنأى.. باتت حباً لا لن يُنسى.. * * * الكون أشع الأنوارا.. والعهد بداخل أحشائي.. يبني ويشيد الأسوارا.. قصر أرسيت دعائمه.. لا لن يسكنه إلاكِ.. لن أفرح إلا بلقاكِ.. لن أشدو إلا بدناكِ.. لن أسعد إلا بسناكِ.. لن أكتب إلا لمناكِ.. وأعيش أعيش بدنياكِ.. من أروع منك لو تدري؟! لا أحد بل أنت أنتِ.. * * * أصديقة قلبي قد فُقْتِ.. وسكنت قلبي.. وسكنتِ.. فمودتك لا لن تُحكى.. ومكانتك لا لن تُروى.. لا لن يظهرها نُثّار.. او حتى كانوا شُعَّاراً.. لا لن يفهمها إنسان.. أو جانٌّ..، إلا هو ربي.. * * * ربي ذو العظمة خالقنا.. سبحانه ربي رازقنا.. يعلم ما تحوي حنايانا.. يعلم ما كان بنا الآنا.. يعلم من غيره بارئنا.. سبحانه ربي.. سبحانه.. * * * والفجر يلوح يذكِّرني.. والشمس تغيب تذكِّرني.. والغصن يميل.. به ذكرى.. والطير يطير.. له ذكرى.. وطلوع البدر يفجرني.. فأنا يا قلبي شاعرة.. تأبى ان تدفن لو ذكرى.. تأبى ان تخفي احساسا.. قد مازج روحي توأمتي.. من أروع منكِ لو تدري؟! لا أحد بل أنت أنتِ.. * * * وتظل الذكرى موقدة.. في القلب لها وهج ولظى.. ويظل خيالي يذكرها.. ينشد اشعاراً تذكرها.. يعزف انغاماً تذكرها.. يرسم اشكالاً تذكرها.. يبكي دمعات تذكرها.. ويقول يقول سأذكرها..