سواد القلب من أبشع الأمراض وأعظمها فتكًا، وأشد وقعًا من الطاعون والسل والجدري والإيدز والسرطان وكورونا. وسواد القلب عاهة لصاحبه، وندبة بشعة له، وعلامة رديئة يمتاز بها. مفارقاته مُرة، وأعماله سيئة، وقواعده الأخلاقية غير موزونة ولا إنسانية. لديه قدرة على اللف والدوران. لغته غير أنيقة، وشخصيته مزدوجة، متذبذب، ومتغير، ومتبدل في كل وقت وحين.. يريد أن يبني له مجدًا على حساب الآخرين، ويبتغي الصعود ولو على ظهورهم وأكتافهم. له مراوغات ودسائس، ويجيد صنع المصدات والمعاقات وحفر الحفر. باهت في المنطق والقول والعمل، ليس شهمًا ولا كريمًا، ولا يمتاز بالقدرات النبيلة. متقعر، ولا يروق له سوى التقعر. يفتن، ينم، يلمز، يزرع البغضاء، يحرض على النكد، يحب الفجائع، ويغفل عن الفضائل، عنده سذاجة، وتبلُّد حس، ويكره أصحاب البر والإحسان والأعمال الإنسانية المميزة، لا يهمه أن تشب الحرائق في البيوت، ولا يحاول أن يجلب الماء ليطفئها. ينساق دائمًا وراء عواطفه ورغباته البائسة بضراوة، عنده خسة وهمجية وتخلف، ويحاول دائمًا أن (يعقد الشوش). الذات عنده مقدمة على الآخرين. صاحب القلب الأسود عدو للحياة والإنسانية والنضارة والحسن والبهاء، يكره الورد والبستان، ويحب الشوك والعليق، ينطلق من أهوائه، ويخوض غمار البحث عن ذاته، مشغول دائمًا بالتوافه من الأمور، له هوى وهدف ومزاج مغاير، مكابر حد اللا تصديق، يحاول أن يبرع في تنميق كلماته، وتلميع صورته، لكنه لا يستطيع؛ لأن إمكانياته اللغوية والفنية ضعيفة وقاصرة، وعطاءه رديء. باذخ في المظاهر والسلوك، ويحاول أن يصنع لنفسه أبهة زائفة. شيطان على شكل إنسان، لا يستطيع الانتصار على ذاته؛ لأنه أمر صعب، ولأن إرادته ضعيفة وواهنة، ولكون قلبه مشبع بالسواد والرماد. وعيه ليس عميقًا، وفكره مريض، وطرحه مجرد تنظير. إن صاحب القلب الأسود محنة على الإنسانية، والمجتمعات مبلية به؛ لأن ميزانه الأخلاقي مضطرب، وكذلك ميزانه السلوكي، مثل غراب البين، يعشش فوق أشجار الخرافة والأباطيل، ويقتات على الجيف النافقة، أفعاله ومنطقه وسلوكه مستهجن وبغيض، قلبه أسود، ووجهه غير متهلل بالبشر والطلاقة، وغير نافذ للأرواح والقلوب.