«لن تقوم للوطن قائمة، ما لم يتم اجتثاث الفساد من جذوره ومحاسبة الفاسدين، وكل من أضر بالبلد، وتطاول على المال العام»، معان كاللؤلؤ خرجت من قلب ملك الحزم والعزم خادم الحرمين الشريفين حينها، معبراً بها عن آلام كل السعوديين، وحقهم المنهوب من قبل فاسدين توعدهم الأمير محمد بن سلمان بكلماته: «لن ينجو أحد تورَّط في الفساد أيًّا كان وزيرًا أو أميرًا».. أفعال لا أقوال، صدح بها الوطن في خطة عمل وصرامة ومتابعة شخصية من ولي العهد، ضد الفساد وآثاره المُدمرة في المجتمع، حتى ابتهجنا لأمر خادم الحرمين الشريفين في بدايات نوفمبر 2017؛ بتشكيل لجنة عليا برئاسة ولي العهد لمُكافحة الفساد، وإعطائها الصلاحيات كافة لحصر المُخالفات والجرائم والأشخاص والتحقيق وإصدار أوامر القبض والمنع من السفر، واتخاذ كافة ما يلزم من إجراءات.. يسرت استرداد حق الوطن والمواطن بما يزيد على 100 مليار ريال، من قائمة طالت عددًا من الرؤوس الكبيرة في سابقة «الريتز» الفريدة والشهيرة، وتمنت شعوب أن تحذو حذونا. وقد خطت المملكة خطوات كبيرة ضد الفاسدين وملاحقتهم والتشهير بهم، مهما كانت مناصبهم، ومكانتهم، عبر إصدار إجراءات تضمنت حوكمة هيئات، ودمجها وفصلها، وترتيبات تنظيمية وهيكلية من أجل إعلاء قيم المحاسبة والمساءلة والشفافية والنزاهة. ولا يمكن قراءة القرار الملكي الأخير بعيدًا عما يحوم حولنا داخلياً في مشهد أوسع، ومنحى عام مناطقي، إذ تحتاج عملية الحرب على الفساد، إرادة سياسية قوية لتنفيذها، ضد كبار القادة والموظفين، ومن وضعت فيهم القيادة ثقتها، وأولتهم شؤون المواطنين، فهي ترجمة لكلمات وأقوال ملك الحزم والعزم وولي عهده الأمين تعيد الأمور إلى نصابها تحت شعار (ألا أحد فوق القانون)، وأن قضايا الفساد لا تسقط بالتقادم؛ فالأمر ليس مجرد أقوال أو شعارات، بل أفعال وخطة عمل صارمة وحازمة، ومستمرة لاستئصال هذا السرطان الخبيث من جذوره أيًّا كان صاحبه ومنصبه، حقاً قالها سموه وفعل، والمُفسد شاهد وامتثل.