كلنا بات يعرف اليوم ماذا نعني ب»الاحتباس الحراري»، الذي يتسبب ب»ارتفاع معدل درجات الحرارة غير المسبوق»، وسيؤدي إلى ذوبان الجليد في القطبين، مما سيزيد إلى ارتفاع منسوب المياه، الذي سيؤدي إلى تغيير في خارطة اليابسة في الكون، ولقد عاد مألوفًا الحديث عن مصطلح «تخلخل نقاء البيئة»، من خلال الحديث عن الضّرر البيئي وعلاقة الإنسان به، وعن تغليب مصلحته على مصلحة بيئته الذي يجعلنا في قلقٍ على مستقبل الكون؛ ونحن نرى الإهمال المستمر مِن قبل المعنيين والمسؤولين وأصحاب المصالح، في السيطرة على الممارسات التي تفاقمت حتى أصبحت تهدد وجودنا على هذه الكرة الأرضية. ولعلنا ونحن نتحدث عن «خطر الضرر البيئي المناخي» القادم بكل تأكيد، نستذكر حديث الأمس؛ فاليوم وبعد حوالي العام ونصف العام يُعاد الاهتمام بما كنت قد نشرته عن «الخطر البيئي»، وتُعقَد مقارنة بين الخطرين (الوبائي والبيئي) ومن أشهر مَنْ تصدّى لمحاربتهما «بيل جيتس» الذي يحذّر اليوم من كارثة «التغير المناخي» البيئية التي هي من صنع البشر، قائلاً: «إن هذه الكارثة البيئية ستكون ذات تأثير أسوأ من الجائحة التي كبّدت الاقتصاد العالمي خسائر ضخمة، وإنه مهما كان أثر الجائحة مروّعًا، فقد تكون تغيّرات المناخ أسوأ من ذلك». وقد أشرتُ في مقالي في مايو 2019 إلى أنّه وعلى مدى عقودٍ متتالية، كانت قد اتّخذت دول العالم إجراءاتٍ لمعالجة «الخطر البيئي» القادم، وهي إجراءات علاجية، ربما تساهم في إبطاء تفاقم الأذى، ولكنها لم تعالج إلا القدر البسيط من المعضلة، على أهميتها، التي منها منع استخدام السوائل المضغوطة، واستبدال المواد البلاستيكية، غير القابلة للتّحلل، بالمواد الورقية. إننا أمام مشكلة كبرى. بات العالم غير قادرٍ على تجاهلها، أو إيجاد حلّ جذري لها، كيف لا! وقد تكيّفتْ حياتنا اليومية البسيطة منها والمعقدة مع أدوات الحضارة التي تنتجها تلك المصانع على امتداد الكون والتي هي السبب الرئيس في هذه المشكلة؛ من خلال ما ينبعث منها من غازات كربونية مدمّرة للبيئة، وبالتالي ستدمر قاطنيها! وقد أسعدني أن أطَّلع هذا الأسبوع على بيان صادر عن قائد المعرفة (بيل جيتس) قارن فيه بين خسائر وباء (كورونا) في الكون والخسائر المتوقعة لتغيّر المناخ والاحتباس الحراري، قائلاً: «إن وفيات فيروس كورونا بلغت 14 وفاة لكل 100 ألف، بينما نسبة الوفيات بسبب ارتفاع درجات الحرارة على الأرض مشابهة للسنوات ال40 القريبة، وستزيد عنها بنحو 5 أضعاف بحلول عام 2100». إن العالم أمام أزمة كبرى وإن حديث (بيل جيتس) للذي كنت قد قلته سابقًا يُؤكّد أمرين: الأول نفي «نظرية المؤامرة في قصة وباء كورونا»، التي من أهمها «أنه وراء انتشارها»! و»أنه يريد التخلّص من 15 % من سكان الأرض، تحت ستار تلقيحهم»! والثاني أننا أمام أزمة حقيقيّة تتشابه مع الأزمة «الوبائية» إنها الأزمة «البيئية»، التي لا تقل خطرًا عنها، وما يختلف بين الأزمتين أن الثانية هي من صنع البشر وليس الأولى. وعلينا أن نحمي البيئة، وأن نفضل ذلك على أي هامش ربح، كما حصل مع تزوير بيانات شركة «فولكس فاجن الألمانية» لبيانات إخفاء نسبة الانبعاثات الضّارة من مصنعها؛ مما أدى إلى تعرضها إلى المساءلة القضائية، ودفع غرامات قُدّرت بالمليارات! فكيف يستقيم هذا مع إنكار الرئيس الأمريكي المشكلة أصلاً، وعدم قبولها، جملة وتفصيلا، وعدها اختراعًا صينيًّا؛ غرضه إلحاق الضّرر بالصّناعات الأمريكية! بل وانسحبت أمريكا من معاهدة باريس للمناخ، القرار الذي أقلقنا جميعًا. لقد كرّس هذا الانسحاب «الخطر البيئي»، وإننا أمام لعبة مصالح وحماية أرباح؛ مما أظهر خلال الأشهر المتلاحقة لهذا الانسحاب تحذيرات في الصحف الأمريكية والعالمية، وأخرى من عضو مجلس النواب الأمريكي السيدة «الكسندريا اوكازيو كورتيز» التي قالت: «إن العالم سيدمّر خلال 12 عامًا»! إن أسباب «الخطر البيئي» معروفة كما أن أسباب «الخطر الوبائي» معروفة، وعلينا كما احتطنا للثانية وقوّمناها أن نحتاط للأولى ونقوّمها، من خلال فريق الأممالمتحدة لمعايير المحاسبية والإبلاغ (UN ISAR) الذي تكلفت برئاسته عام 1999 من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، وكنّا قد وضعنا لهذه الغاية «معايير محاسبية للمسؤولية البيئية»، جاء ذكر لبعضها خلال ندوة بعنوان «الإشراف البيئي في العالم العربي» التي عقدت ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي، في الأردن عام 2019، وقد تداول النشطاء أهمية «حماية البيئة»، من خلال كبح كل ما يؤذي «التّوازن المناخيّ»، والتركيز على «الطاقة البديلة» والاستغناء التدريجي عن الطاقة التقليدية الملوّثة، وبث ثقافة أهمية «تدوير النفايات» وغير ذلك. وأخيراً فقد آن الأوان لرعاية فريق من خبراء «الذكاء الاصطناعي»؛ لابتكار حلول ذكيّة من شأنها تقليل أثر العوادم المصنعيّة الضّارة، لتصبحَ غير سامة تحت شعار «بيئة نظيفة لعيشٍ ذكيّ».