فنانون وفنانات في المثناة: المثناة ضاحية من ضواحي الطائف كان لها مجد في العقود السابقة من تاريخ الطائف، وقد ذكر الباحث الموثق ابن الطائف البار، حماد السالمي هذه الضاحية في كتابه الذي استعرضنا منه ملاح عريض لم نكثر التفصيل فيها نظراً لظروف النشر، وهو بها أعلم، فقد ذكر أن بساتين المثناة تربو على الأربعين بستاناً، كانت تقام فيها الحفلات الصيفية التي يحضرها المصطافون من جميع مدن الحجاز والجزيرة العربية وكل من يصطاف في الطائف، من الفنانين والفنانات، من السعوديين والعرب، مثل توحة وابتسام لطفي وعتاب، ونجاح سلام، وجميلة سعد، ووديع الصافي وبشير شنان، وغيرهم، ويذكر أن أشهر صوت غنى موسيقياً العميد طارق عبد الحكيم، ابن الطائف، وابن المثناة تحديداً، والخبير بفنونها، ثم الفنان عبد الله محمد والفنان طلال مداح، والمرشدي، والجساس (علي شيخ) وغيرهم كثير من أبناء الطائف أو ممن زاروها، أو تعودوا على قضاء الصيف في أجوائها الناعمة. وللمثناة صدى تردد في كثير من الأشعار والألحان، ومن أشهرها تلك الأغنية التي تردد صداها في كل مكان، داخل السعودية وخارجها، وهي أغنية (حبيبي في روابي شهار) وتردد فيها ذكر المثناة، ومنها: ومن الأغاني التي طار صداها في الداخل والخارج بشكل كبير، أغنية (ياريم وادي ثقيف) وهي من كلمات الأمير عبد الله الفيصل. يذكر المؤلف الباحث السالمي، أن وادي ثقيف في البلدانيات القديمة، هو وادي وج، الذي تعتليه المثناة. وغنى كثير من الفنانين شعراً يصف بساتين وأجزاء من الطائف، مثل، القديرة والرقاب والشريعة، وغيرها، وقد ألمحنا إلى ذلك فيما مضى، كما ارتبط اسم المثناة بالمجرور وغيره من لحن وأداء، وبقية أجزاء الطائف. وقد حظيت فواكه الطائف، ومن أشهرها الرمان الطائفي، وقد تغنى به الفنان، فهد بلان (رمان الطائف) وتغنى بالطائف الكثير من الفنانين، مثل، أبو بكر سالم، يا مسافر على الطائف طريق الهدى. وتردد اسم المثناة في كثير من الأشعار والأغاني، وذكريات المصطافين ومن مر بالمنطقة نفسها. وإذا عدنا إلى الزمن القديم فسنجد اسم الطائف وفنونه مبثوثة في المصادر العربية القديمة، وكان للباحثين في الأدب باع يذكر في هذا الصدد، منذ زمن الأمويين والعباسيين، ومن الباحثين الذين أثروا هذه المنطقة ببحوثهم المرحوم، الأستاذ الدكتور شوقي ضيف، في مؤلفاته القيمة (الغناء في مكة والمدينة). وقد ذكر الباحثون في هذا الشأن دور مدن الحجاز الثلاث (مكة والمدينة والطائف) ويذكر الفنان طلال سليمان الطائفي أن أول من أتقن تلك الفنون هو الفنان، الشريف هاشم العبدلي، ويؤكد الباحث على أنه محدث الأغنية الحجازية. ويؤكد الباحث على جهود تلك الفئة من الفنانين والشعراء الذين كانوا يقضون حوالي أربعة أشهر في الطائف صيفاً، وكان لاجتماعهم في هذا الفصل كبير الأثر على صقل مواهبهم الفنية الإبداعية، كما فصَّل الباحث في هذه الأجيال ومن تبعها من الفنانين والشعراء على تحديث المفاهيم الشعرية والفنية بكل جديد يظهر على الساحة الفنية، في التخصصات الموسيقية، مثل، الناي والقانون والعود والآلات الوترية الأخرى، كما يؤرخ الباحث للفرق الفنية، مثل، فرقة الجيش ويقودها طارق عبد الحكيم، وفرقة موسيقى المصيف، ويقودها الفنان، يوسف محمد (أبو يعقوب) ويذكر من البيوت الفنية، بيت عباس العشي، وهو مدرس العود والكمان، وبيت السراج، وهي أسرة فنية متكاملة، وبيت زيني، فيصل وعثمان، واشتهرا بالمجرور والدانات. وهناك كثير من البيوت والأسر التي اشتهرت في ذلك الزمن بالفنون والشعر، وقبل أن نختم هذه الحلقة، أود ذكر بعض الشعراء الذين كان لهم دور كبير في الأغنية، مثل، الأديب الشيخ محمد الإدريسي، والشاعر إبراهيم خفاجي، ومحمد الفهد العيسى, وغيرهم. وسنستكمل الحديث عنهم في الحلقة القادمة بإذن الله.