وصلت الصدمة مما فعلته «الركبة البيضاء» خنقًا لذوي البشرة السوداء في دول تنادي بالحريات، وتنتقد مجتمعات ما، لتمرّ الأيام، ونيران الغضب لا تزال مستعرة لظاها، منذ اندلاع أعمال الشغب أعقاب اغتيال مارتن لوثر كينغ عام 1968؛ ليكون فلويد شرارتها في قش للعنصرية مهمل، قد تكرر لأحد عشر نفسًا، أشعلوا النقاش حول وحشية الشرطة في التعاطي مع الأقليات العرقية بالولايات المتحدةالأمريكية وفرنسا وإسرائيل وغيرها، وكأنها صدى لما يحدث وراء المحيط الأطلسي، وعلى خلفية حادث مينيابوليس في اليوم نفسه استدعت به امرأة بيضاء الشرطة خوفًا على كلبها من رجل أسود؛ لينطلق منها ركاب سياسات الخطوط الحمراء العنصرية منذ أوائل ق20 في «مفارقة مينيسوتا»، عندما لم يسمح للسود بشراء منازل في أحياء معينة. وفي ستينيات القرن الماضي قامت الدولة ببناء طريق سريع رئيسي قطع ودمر مجتمعًا أسود مزدهرًا، عرف باسم روندو في سانت بول؛ ليقف أحد تلك المجتمعات «نيومان» في حي لونغفيلو بمينيابوليس خارج قسم شرطة المدينة، وهو يشرب القهوة قائلاً بصوت مرتفع وسط ضجيج المتظاهرين وصفارات الإنذار: «يحدث ذلك يوميًّا، فكل يوم طبق فيه ضباط الشرطة هؤلاء قواعد نظامهم بطريقتهم قاد إلى هذا الوضع، هذه ليست لحظة قائمة بذاتها، إنها كارثة تمثل تراكمًا لكل ما حدث من قبل». لم يتحرك العالم لمأساة السود والأقليات، حتى كانت «اللفتة العدوانية» و(إيماءة الركب)، القطرة التي أفاضت الكأس، بل ليصور مشهدًا دراميًّا بحوار فلسفي، مدته تسع دقائق لا غير، أحيت ذاكرة الشعوب لمن فقدته في عنصرية المجتمع الغربي، بنسخة «شوفيا» الفرنسية أمام الكاميرات قرب برج «إيفل»، مطلع العام الحالي، وسحبه من دراجته وبطحه أرضًا أمام أنظار المارة، وساقاه «تلبطان» في محاولة يائسة لرفع الضغط عن صدره، حتى فارق الحياة بعدما نقلوه إلى المستشفى، وقرر الطبيب الشرعي أن سبب الوفاة اختناق مع كسر في الحنجرة.. لتعود في مسيرتها قضية الشاب الفرنسي من أصول إفريقية آداما تراوري، الذي توفي في 19 يوليو/ تموز 2016 بإحدى ضواحي باريس إثر عملية مطاردة أنهت حياته ب»عنف شرطي مفرط»، ومثلهم قتل (فيلاندو كاستيل وجوستين داموند وجامار كلارك)، والقائمة رفع من أجلها شعار «حياة ذوي الأصول الإفريقية لها قيمة»؛ ليعود إلى المشهد حراك 2013 «حياة السود مهمة blaclivesmatter»، حتى أعلنت منظمة Mapping Police Violence غير الحكومية في دراسة أجرتها أن السود يقتلون على يد الشرطة أكثر بثلاث مرات من البيض!! وأن 1014 شخصًا أسود قد قُتلوا على يد الشرطة الأمريكية عام 2019، وفق «واشنطن بوست»، وكأن السود كل منهم يصرخ في صوت واحد «أنا أسود I can not breathe!». لتنتفض مواقع التواصل الاجتماعي لانتفاض أمريكا وكأنه مرآة للثورات العربية، وما فعله «الإخوان المسلمون» بإرهابه في ثورات الربيع العربي من سلب ونهب وحرائق طالت كل متنفس للشرطة قد يخرجهم من أسوأ ذكريات الفصل العنصري؛ فالناس بلا استثناء تواقون للتغيير، و»القادة يشعرون بهذا الألم»، فمتى يمكن لأمريكا ألا تمجد العنف العنصري ضد المواطن الأمريكي والأقليات الأخرى؟ وهل فهم «الدرع الحارس» الدرس الآن؟ في ظل غياب رؤية سياسية واجتماعية واضحة، كانت سببًا أحدث انقسامات سياسية واجتماعية داخل المجتمع الأمريكي.. وأهان المكانة الأمريكية دوليًّا، حتى تعدى الأمر مسألة العنصرية، وأصبح المحتجون يستهدفون الآن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. أليس من العقلانية أن يتفاعل «بتويتة» للركبة، وتهدئة الأمور؟! وهل سيكون لون البشرة هو الحكم على أفاعيله؟ ولنتخيل أيها القارئ حكمًا قد تراه مناسبًا لرئيس يتجاهل ما يحدث ويتفوه بتراهات نيرون حتى أحرق المعبد على رأس الجميع.