انتشرت في الفترة الأخيرة رسائل شحذ التصويت من أجل الحصول على عيدية العيد، ولاقت هذه الظاهرة قبولاً كبيراً من التفاعل بشكل صادم، ابتكار جديد من التسول بشكل أكثر أناقة حيث إننا لا نختلف عن المتسولين سوى أننا أخذنا (حماما دافئا) لنبدو أكثر نظافة وارتدينا ثيابا أنيقة تخفي الهدف الأساسي من التصويت. (عيدية العيد) ظاهرة جديدة تعزز حمى التسول بين الناس بمباركة الأهل (صوتوا لبنتي، صوتوا لابني)، وكان الأجدر أن تربي قيمة عزة النفس بأبنائك وترفض مشاركتهم بإرسال الرسائل إلى المجموعات وإزعاج الناس في أواخر الشهر الفضيل لإلزامهم بدعم ابنك بالضغط على الرابط دون أن يكون هناك أي قيمة معنوية أو تربوية لهذا الدعم، حيث إن التنافس فيه يخلو من أي هدف، إذ إن التصويت يجب أن يكون مقابل عمل أو إنجاز أو مسابقة تعكس قيمة تربوية، سواء بفكرة، أو مشروع أو استبيان، أو حتى كتابة قصة، وفي (عيدية العيد) لايوجد أي مجهود يبذله ابنك أو ابنتك سوى استجداء الناس وإزعاجهم برسائل تافهة لإلزامهم بالتصويت للحصول على أكبر عدد من الأصوات ومن ثم الحصول على العيدية، ولكن ماذا بعد الحصول على العيدية، ما الإضافة التي سيحصل عليها ابنك أو ابنتك وما نوع النجاح الذي ستحتفون به بعد الحصول على العيدية، وما كلمة الثناء التي يستحقها الأبناء بعد الحصول على المبلغ؟ قد يعتقد بعضهم أنني أعطي الموضوع أكبر من حجمه وأنها مجرد طريقة مبتكرة للحصول على عيدية قد تدخل السرور على أبنائه، ولكن في الحقيقة التغاضي والتغافل الكبير الذي تنازلنا فيه كثيراً مؤخراً عن قيمنا التي تربينا عليها بحجة أنها بسيطة ويجب ألا نعطي الموضوع أكبر، كانت سبباً في تدهور هذا الجيل والتأسف على الأجيال السابقة، لأنها رغم بساطتها إلا أنها مؤثرة جداً على السلوك التربوي، نحن مسؤولون عن نشأة الجيل الجديد بغرس القيم والأخلاقيات العالية وإعادة ضبط منبه ميزان الأمور لدى الأبناء بقياسها مع مبادئهم التي تربوا عليها وهل تتوافق مع ذلك أم لا كي لا تنفرط السبحة أمامنا ونفقد إحكام السيطرة عليها بعد تراكمها، (لا تحقرنّ صغيرةً إن الجبال من الحصى ابن المعتز، فالأولى ألا تربي ابنك على الطلب خصوصاً بالأمور المادية كي لا يستسهل الأمر بعد أن يكبر، فيصبح السلف عاديا والدين عاديا وإراقة ماء الوجه للطلب دون حاجة أمرا عاديا، لأنك أنت من جعلته يعتقد أنه شيء عادي، فبحسب الحصى التي جمعتها حتى تراكمت سيكون شكل الجبل الذي بنيته لأبنائك فاختر ما شئت إنه نتاج تربيتك!