ما زالت اللغة مجالاً واسعًا للذاتِ الإنسانية تتحرك فيه حرة وعظيمةً النفع والجدوى وسيكون هذا ذا أثر كبير إذا تحررت اللغة من السياق المؤدلج في الفهم العام . تحاول اللغة جاهدة أن تحرر نفسها من عدوى المعنى الجماعي وتحاول أيضاً أن تغدو نقية بريئة صافية خالصة من أي آراءً قد يُحكم عليها مسبقًا . اللغة ليست معطى جاهزاً و لكنها بحثٌ دائم مستمر لا يخضع لتأويلات أكيدة ولا يقف على عتبات رأي واحد، مرابطة على حدود الخط والنص . وهي أيضاً ليست كتلة واحدة من اليقين الصلد لأن بمقدور أي قارئ يُشكّل استنتاجاته عليها بدون الحكم على مصداقية وأهلية هذا الاستنتاج . من أكثر العوامل ضررًا باللغة الحصر وتقييدها في مجال واحد والحكم عليها بفهم وحيد يغطي الآفاق الأخرى بسلبية عريضة . من الجميل أن نستقبل أي نص بقدرية لذيذة لا نخضعه لأحكامنا ولا نحجب معانيه ليكون هذا النص مفتاحًا لجلب الكثير من المعاني والسماوات المفتوحة على معطيات مختلفة لا نعرفها كثيرًا . من الرائع أن ننظر إلى النصوص باعتبارها ذواتاً فكرية قابلة للاحتمالات جميعاً بدون فرض أو تحجيم، سيكون هذا طريقًا لانسجام هائل لمسوغات الكتابة و فتح الأبواب لشتى المعاني. ومن المُلهم أيضاً أن لا نعترض أبداً على قوة العالم الخيالي والواقعي والمحجوب أيضاً وذلك بقدرة الكلمات . فمثلاً عند كتابة حزنً ما ليس من المفترض أن يكون هناك درامًا سوداء خلف هذا النص المكتوب أو واقع حياتي قد يمثّله الكاتب ! من المفيد جداً اعتباره محاولة لاقتحام معاني خفية وجديدة قد لا تتأتى إلا بهذا الولوج نحو الكتابة أي كانت سواء رمزية أو سوداء أو حتى مفرطة في الحزن والكآبة . فهذا الإيمان بتحرير النص من قيود الفهم العام يبقي القارئ قابلاً لكل الاحتمالات بدون تبني رأي محدد لم يفصح عنه و لم يقله الكاتب، بهذا المنهجية نمنح الكلمات والمعاني أجنحة أكثر لتطير لتوجد حياة أخرى . ** **