كان يا ما كان في سالف العصر والأوان ضمن كوكبة الإعلام المرئي السعودي قناة سعودية يقال كان اسمها (القناة الثقافية) ثم جار عليها الزمن فشاخت مبكرًا قبل أن تغادر مرحلة الطفولة المبكرة، وأجر منزلها لقناة أخرى تحاول أن ترتدي جلباب قناة أخرى وتلحق بها دون جدوى.. حين أدخل ذلك المنزل المؤجر في بعض الأحيان أقول لنفسي لعلي أجد (القناة الثقافية) عادت إلى مملكتها. كانت قناة الثقافة في مرحلة ترتيب الأفكار وتمكين التجربة، وفتح المجال لابتكار البرامج المناسبة، وتمكين عدد كبير من المعدين والمقدمين في إدارتها وجعلها وسيلة جديدة من وسائل نشر الثقافة في المملكة إلى مختلف الجماهير عبر قناة متخصصة مثل بقية دول العالم فألصقت بها تهم شتى حتى يتم التخلص منها، .. فتردد: إن مسماها ثقافية وبرامجها ليست ثقافية، وأنها لم تحقق الغاية منها وفقًا للمثل (من كرهك كثر عيوبك) ومن يراجع مسيرة الإعلام السعودي بكل أنواعه منذ أن كان (مديرية الاعلام) ومنذ أن كان يسمى مرحلة الأفراد إلى مرحلة المؤسسات وهو يعمل بمسؤولية على نشر النتاج الثقافي السعودي ودعمه فقدم المثقف وأسس كيانًا ثقافيًا ضخمًا برغم تأخر البدايات وطن كل المعارف والآداب والفنون في البلاد سار جنبًا إلى جنب مع التعليم بقيادة أدباء ومثقفين يليق بهم لقب الرواد كانوا يدركون أهمية المسؤولية الملقاة على عواتقهم دون وصاية أو تكليف، مثل (الأنصاري، العواد، العطار، ضياء، الجاسر، السباعي، وأبو مدين....) كل واحد منهم نظر إلى ثقافة بلاده بحب وشغف فاستقطب لها ما تحتاج وحفز الشباب وبث الوعي نحو الفنون المستحدثة وسوق للمعرفة بالوسائل الممكنة آنذاك مع حضور النقد الصائب والعنيف لتلك التجارب والإصلاح والتطوير دون ملل، بذلوا الجهد والوقت والمال إلى تم توطين الفنون السردية غير المرغوب فيها وفتح المسارات أمام كل الأقلام فكان الإعلام المكتوب أهم محاضن النتاج الثقافي، ويعد إلى الآن أهم مرجع لتوثيق البدايات مدعومًا من الإعلام المسموع والمرئي... وكان من أحلام المثقف متى يكون عندنا نادٍ أدبي، متى تكون عندنا دار نشر، متى تكون عندنا مكتبات عامة، متى عندنا وزارة للثقافة متى عندنا القناة الثقافية.. متى، متى...؟؟ وتحققت كثير من الأحلام وما زال العمل جاريًا على تطويرها في ظل الرؤية المستقبلية لوزارة الثقافة كما نثق بذلك .. نرجع لموضوعنا القناة الثقافية أرى أنلا يركب الكلام في مسألة وجود وزارة ثقافة ولا توجد قناة ثقافة، قناة المفترض تحمل التحدي في مرحلة هيمنة الإعلام المرئي التقليدي والإعلام الجديد لكن بسرعة تقرر فتح قناة 1431ه، وبسرعة تقرر إيقافها وإحلال قناة عامة (المستأجر الجديد) اعتقد جميع المعنيين بالأمر في حالة ترقب لظهورها مرة أخرى في مرحلة رؤية 2030 برغم وجود المؤشرات السلبية. وإذا كنا قد قرأنا آراء لبعض المتابعين لو كان المثقف والمتابع ل(القناة الثقافية) راضيًا عنها لثار لغلقها أو احتج.. ليست المسألة الاحتجاج بقدر ما هو ترقب للتجديد، وقد يكون الأمر لم يحمل محمل الجد مثلي لم استوعب حينها أن يغلق مشروع (القناة الثقافية) في هذه المرحلة من الاتساع والانطلاق والتمكن الثقافي.. لكن طال الانتظار وتسربت الدهشة. إلى وزير الثقافة ندرك تمامًا الرؤى المستقبلية للثقافة التي تحلم بها وانشغالك بالمشروعات القادمة وحماسك لها، يا ليت تكون من أولوياتها (القناة الثقافية) الحلم االقديم والقادم.. لن يغلب القائمون على إدارتها في ابتكار الوسائل المناسبة للإعداد والتقديم، بلادنا ثرية بالمخزون الثقافي القديم والحديث، والمثقف جاهز للمشاركة في إثرائها باقتدار ضعوا يدكم في يد المثقف كي يقدم خلاصة فكره.. هناك كثير من المثقفين متخصصون في مختلف المعارف (سياسة، اقتصاد، دين، علوم إنسانية، فكر، فنون) ولو قدم برنامج (في مكتبة مثقف) سنجد تنوعًا وفكرًا ووعيًا مختلفًا. المثقف ليست له مطالب باهظة فقط يريد أن يقدم ما عنده لا يريد أن يكون مشهورًا أو نجمًا وبلادنا تتكون من 13 منطقة وكل منطقة تقول للأخرى أنا عندي الأفضل وعندي عدد هائل من المثقفين ولديهم أعتقد الاستعداد للإعداد ما تحتاجه القناة من مواد ليس شرطًا أن يحمل المثقفون أعلى المؤهلات لديهم الوعي المعرفي الكافي وهم كثر... والله لو قدم أحد أصحاب الصالونات الثقافية (نساء ورجالاً) ما يقدم في صالونه بطريقة بسيطة عفوية في برنامج؛ لقدم المحتوى المطلوب ببساطة وعمق، أما الإبهار والإدهاش المرئي تتكفل به الفئة الأخرى من الإعلاميين... فيكون العمل بالتناوب بين المثقفين كل أسبوع في صالون مع وجه جديد وفكر جديد. نحرص على وجود (القناة الثقافية) وليس شطبها من الوجود... المثقف بحاجة إلى دعم وتشجيع وتحفيز حتى يخرج ما في جعبته ويكون صوتًا عاليًا لبلاده عبر التاريخ المعرفي مثله مثل بقية المثقفين عبر العصور وفي كل العالم... من ينس (أرسطو وأفلاطون وكان ظهورهم أربعة آلاف سنة قبل الميلاد.. وشكسبير وهيجو ووو إعلام رسمت صورة معرفية لعصورهم وبلدانهم. مازال المثقف ينتظر كثيراً من الأحلام المعلقة وربما لا يملك إلا الأحلام العريضة تنتظر الدور وتترقب البدء نرجو ألا يطول الانتظار.. اعتقد أن المثقف قادر على التحدي وصنع المستحيل فهو جنرال المعركة المقبلة وقائدها ومحدد مخرجاتها. ** **