كان هذا السؤال هو ما وقعت عليه عيني حين بحثت عن موضوع الكتب الرقمية عبر شبكة الإنترنت. فمع تطور التكنولوجيا توجه الكثيرون إلى خيار القراءة الرقمية كون أجهزتهم اللوحية، أو هواتفهم المحمولة ترافقهم طيلة يومهم وصار حمل الكتاب الورقي أمرًا مستثقلاً عند البعض، خصوصًا مع ظهور العديد من التطبيقات التي تدعم مثل هذه الكتب الرقمية بإصدارات ذات جودة عالية ناهيك عن انتشار الكتب الرقمية «المقرصنة» التي يمكن الحصول عليها بسهولة ضاربة بحقوق المؤلف والناشر عرض الحائط. لو عقدنا مقارنة بين الكتب الورقية والرقمية فلكلٍ منهما مميزاته وعيوبه، ولكل قارئ طقوسه القرائية. ورقمنة الكتب صارت ظاهرة بدأ يتوجه لها الكثير من المؤلفين وكذلك دور النشر بحيث يرافق الكتب الورقية نسخة رقمية متاحة للاقتناء عبر التطبيقات ذات العلاقة. وكان الدكتور عبدالله الغذامي والدكتور عبدالرحمن الشبيلي من أبرز المؤلفين الذين أتاحوا كتبهم رقميًا (وبالمجان)، كذلك سار على خطاهما الدكتور إبراهيم التركي العمرو، سعيًا منهما لنشر المعرفة والعلم وتيسير وصولها للقارئ دون تكلفة. هذا التوجه الذي يقوده أعلام الفكر قد يجذب المؤلفين لسلك نهجهم في إتاحة الكتب الرقمية (مجانًا) وهذا ليس طلبًا مني بذلك فهو خيار يعود للكاتب الذي يرتبط بعقد مع دار النشر به بنود قد لا تمكنه من التصرف بكتابه كما يريد، لكنه بالتأكيد يملك حقوق كتبه القديمة التي انتهت فترة عقودها مع الناشر وصار حرًا في التصرف بها، بإمكانه بدلاً من طباعتها والوقوع في مأزق التوزيع أن يتيحها رقميًا ليستفيد منها الجميع بكل سهولة عوضًا عن الاحتفاظ باسمها دون قراءة أحد لها لصعوبة الوصول إليها. كما أن إتاحة الكتب رقميًا ستحد من عمليات القرصنة المنتشرة فباعتقادي أن حصل القارئ على نسخة رقمية «قانونية» لن يلجأ لتحميل النسخة المقرصنة، هذا إن كان صاحب مبدأ. الكتب الورقية عبارة عن سلعة مادية محسوسة تحتاج لنقطة بيع وإلى حملة تسويقية حتى يتسنى بيعها لتجنب تكدسها في المخازن وبالتالي تلفها وللأسف في العالم العربي يضطر الكاتب لتولي مهمة وكيل التوزيع على عكس المؤلفين الأجانب الذين لدى كل واحد منهم وكيل يتولى مثل هذه المهام بينما يتفرغ هو للعمل الإبداعي فقط. أما الرقمية لا تحتاج سوى لتطبيق وقاعدة بيانات وستنتقل معك أينما كنت هي وآلاف الكتب الأخرى الذين يسكنون جهازك المحمول دون أن يثقلوا عليك وزنًا أثناء حملهم، لكنك ستفتقد معها لذة لمس الورق وتحسس الكلمات وتدوين الملاحظات. إضافة إلى أن الرقمية لن تكبد المؤلف عناء التسويق لكتابه كي يستعيد المبلغ الفلكي الذي دفعه لدار النشر في سبيل طباعته، فلا مقارنة بين التكلفة المادية العالية لطباعة الورق وبين الكتب الرقمية التي تكاد لا تكلف شيئًا ويستطيع الكاتب نشرها بنفسه بمجرد استخراج فسح الطباعة وإيداعها لدى تطبيق يُعنى بالكتب الرقمية وسيصل للقراء في جميع أنحاء العالم بينما الورقي وعلى الرغم من حملات التسويق الضخمة والمكلفة التي يحتاجها يبقى توزيعه محدودًا في الأقاليم التي يستطيع الناشر تغطيتها. أخيرًا، إن اكتسحت الظاهرة الرقمية وغدت سائدة بين القراء ماذا سيكون مصير المكتبات المنزلية الخاصة؟ هل ستفتقد المنازل تلك الأركان الهادئة الممتلئة بالسكينة والجديرة بالتأمل وسيكتفون بزاوية صغيرة تكفي لجهازٍ لوحيٍ أو محمول؟ وهل سيسدل الكتاب الرقمي ستار النهاية على الورق؟ أم ستصمد الأوراق أمامه؟ وما هو مصير صناعة النشر إن انتصرت التكنولوجيا وسادت؟ ** ** - حنان القعود @hananauthor