بينما كان العالم ينتفض ضد العنصرية، انتفض الأدب ضدها أيضاً، ارتعشت وأنا أفتح بريدي الإلكتروني لأجد رسالة تبدأ بالعنوان التالي: «لا أستطيع التنفس»، آخر كلمات جورج فلويد وبدأت الرسالة المؤلمة في سرد لأسماء من قتلوا علي يد الشرطة بسبب العرقية، لأصل إلى منتصف الرسالة وهنا تشتد اللغة: (يجب أن تتوقف عمليات القتل ضد ذوي البشرة السوداء). وترتفع نبرة المركز التضامنية: (يقف مركز الأدب القصصي في تضامن شديد مع كل من يندد باستعلاء البيض وعنف الشرطة، ويقف ومع كل الذين يسعون إلى تغيير نظامي في السعي لتحقيق العدالة والمساواة في أمريكا). هذه الرسالة ليست من منظمة تتبع لحقوق الإنسان لكنها من مركز ثقافي هو مركز الأدب القصصي في نيويورك (مكتبة نيويورك التجارية).. سابقاً. اتخذت الرسالة ملامح بيان تم إرساله إلى كل أعضاء المركز والذين يتجاوزون الآلاف وأكثر عبر العالم، تلك الرسالة دعت بلغة حادة وحازمة لمحاربة العرقية كما استنكرت إفلات من قاموا بانتهاك إنسانية الأبرياء من العقاب وكيف يصمت القضاء والقانون! لم يندد مركز الأدب القصصي في رسالته بما حدث لجورج فلويد فقط، بل أعلن احتفائه بكل الكتاب من ذوي البشرة السوداء وإنجازاتهم التي لا تحصى والتي ساهمت في إثراء الثقافة الإمريكية وثقافة العالم. وبدأ المركز في تنفيذ برامج، شملت توزيع كتب للناشئة والبالغين لكتاب من ذوي البشرة السوداء للتعريف بهم ونبذ العنصرية ضدهم. لا شك أسعدتني رسالة المركز، إذن إنها الثقافة الحقيقية، والأدب الحقيقي الذي لا يعني قصة أو قصيدة أو رواية، بل أكثر من ذلك، يعني أن تلك الكلمات تخرج غاضبة مدافعة عن كرامة الأبرياء المظلومين، وتعلن (موقف). وأنا أنهي قراءة الرسالة، تذكرت الكاتبة الأمريكية كيت شوبان وقصصها التي كانت تظهر فيها طيبة ورقة وصدق ذوي البشرة السوداء. وبعد، فالثقافة الحقيقية هي التي تبني الأوطان، وتحمي الشعوب من التمزق والشتات والحروب الأهلية. ** **