الأطباء؟ التقنيون؟ الباحثون؟ العلماء؟.. الصحيح أنَّ لكل وظيفة أهميتها وحاجتها مهما بدت صغيرة أو بسيطة، لا أحد يمكنه الاستغناء عن أحد، ولكنَّ شروط شغل الوظائف، وطُرق تأدية المهام في القطاعين العام والخاص بعد انتهاء أزمة فيروس (كورونا) ستختلف -حتماً- عمَّا هو قائم الآن، ما يعني ولادة فُرص وظيفية جديدة، باستحداث وظائف مُبتكرة تختلف عن الوظائف التقليدية المُتعارف عليها حالياً، تبعاً للحاجة الفعلية والتجربة التي عاشتها مُعظم القطاعات وماتزال حتى كتابة هذا المقال، الأمر بحاجة دراسات مُستفيضة وعمليات نقاش وورش عمل لطرح أفكار مُتعدِّدة ومبتكرة تشجع وتمهد وتؤسس لبيئة عمل مرِّنة، تستطيع بها المُنشآت تجاوز العقبات والصعاب بأقل الخسائر، والتكيف مع الظروف المُختلفة بما يضمن سلاسة الأداء وتدفق الإنتاج واستمرار العمل دون انقطاع، ولعلَّ أقل القطاعات خسارة في هذه الأزمة هي تلك التي لديها فرق مُسبقة (لإدارة الأزمات)، وطواقم وظيفية (مؤهلة ومُدرَّبة) بشكل صحيح للتعامل مع التقنية والإفادة منها، وكانت تملك بيئة عمل مُكتملة (ببنية تحتية رقمية جيدة)، الأمر الذي ساهم وساعد في استمرار أعمالها عن بعد، لتحقيق أفضل أداء مُمكن في ظل الظروف الحالية التي يعيشها العالم. علينا القيام (بمُراجعة شاملة) لمُختلف الوظائف ومسمياتها ووصفها الوظيفي وأدائها الفعلي في المُنظمات أو المُنشآت، ومعرفة مدى الاحتياج الفعلي لنوع الخدمة ومواصفات الشاغل، تبعاً لنقاط القوة ونقاط الضعف في طبيعة ومهام (الوظيفة) وكيفية أداء (الموظف)، حتما سنجد أنَّ هناك مُتغيرات كبيرة يجب استحداثها بالتوسع في تخصصات مُحدَّدة، وبتعزيز مهارات جديدة ومتنوعة لدى الموظفين، والاستغناء عن بعض الوظائف التقليدية واستبدالها بوظائف أخرى أكثر فاعلية لتلبية الاحتياج، ما سيُساعد للعمل بوتيرة أسرع نحو الأتمتة، وبناء بنية تحتية رقمية شاملة وفاعلة. الحياة الوظيفية والعملية لن تبقى على ما هي عليه عقب الانتهاء من أزمة فيروس (كورونا)، القطاعان العام والخاص يجب أن يستفيدا من دروس الأزمة التي شكلت أكبر تهديد وتحد يواجه قطاع الأعمال في العالم، صحيح أنَّنا محظوظون في هذه الأزمة بالبنية (التحتية والرقمية) العامة في المملكة، والتي ساهمت كثيرا في تخفيف الآثار، وحماية الخدمات وضمان استمرارها -وهذا فضل من الله- ونتيجة التخطيط السليم، والقرارات الحكيمة والموفقة التي اتخذتها القيادة الرشيدة في الوقت المُناسب، ما يعني ثقتنا بأنَّ وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تملك من الخبرات والإمكانات ما يؤهلها (لصناعة مشهد) حقيقي وآمن (لبيئة عمل سعودية) مثالية بعد انتهاء الأزمة، نستطيع بها تجاوز وعبور أي عقبات وأخطار مُقبلة. وعلى دروب الخير نلتقي.