بهذه الأبيات الرثائية تلقيت خبر وفاة الزميل الصديق الأستاذ الدكتور المؤرخ الأديب عاصم حمدان- رحمه الله-. اتصل بي أخي مشعل الحارثي بعد مغرب السبت 23-9 وبعيد الإفطار، يخبرني بهذا المصاب الجلل. فقلت الحمد لله.. بشارة خير، في الأيام العشرة الأخيرة من رمضان المبارك.. وفي ليلة وترية نحسب أنها ليلة القدر وفي ظروف استثنائية تمر بها البلاد والعباد. ثم كررت الحمد لله فحوقلت واسترجعت وذكرته بخير!! عاصم حمدان - بدون ألقاب - الطيبة والابتسامة والروح الأبوية والأخلاق الأخوية والسمات الرجولية هذه هي الصورة الذهنية التي شكلتها عنه، ولكنه فوق ذلك ابن المدينتين المدينة ومكة، كتب عنها وعن الأماكن المتشبثة في التاريخ والقيم الاجتماعية والتراث الأدبي والفكري مالم يكتبه أديب ولا مؤرخ. كان يعالج فضاءاتها بروح المؤرخ وقلم الأديب. أعاد لتلك الأماكن وهجها وتراثها الذي كاد يندثر موثقاً لكل ما فيها من حراك اجتماعي وثقافي وأدبي.. خذ مثلاً: - حارة الأغوات / صورة أدبية - حارة المناخة / صورة أدبية - أشجان الشامية / صورة أدبية - هتاف من باب السلام. عاصم حمدان -رحمه الله- كاتب أديب، ومتحدث لبق يمتلك ناصية البيان والبلاغة والإتقان كتب عن الرجال أدباء ومشايخ وعلماء، مجايليه وزملاء كتابات تنضح وفاءً وذكراً طيباً وصوراً من القيم والأخلاقيات. عاصم حمدان.. زاملته في نادي جدة الأدبي في العضوية التعيينية قبيل فترة الانتخابات فكان قمة في العلم والفكر والأدب والنقد، كلفه مجلس الإدارة برئاسة تحرير مجلة جذور تلك المجلة التراثية التي تستنطق تراثنا الخالد وتنفتح على المناهج والنظريات الحديثة وجميع الحقول المعرفية في حضارتنا الإسلامية. وكلفت معه بعضوية التحرير مع زميلي الدكتور عايض القرني. فاقتربت منه ومن فكره وروحه القيادية، وخبرته التحريرية فكان نعم الموجه والمعين، كان يحرص على أن يكتب كلمة التقديم التحريرية بصفته رئيساً للتحرير، واقترحت أن نتناوب في الكتابة التقديمية مرة هو، ومرة لي ولزميل التحرير فوافق وهذه روح ديموقراطية / ثقافية لأنه يأنس لنا وبنا ويثق في توجهاتنا التي تأكد منها طوال مسامراتنا ومجالساتنا التحريرية لإخراج هذه المجلة في ثوبها المعروف. ولا أنسى هنا أنني بادرت وكتبت لأول عدد يخرج في تلك الفترة أيقونة دالة ومعرِّفة على هذه المجلة وتوجهاتها وكانت بعنوان: تأصيل وتعريف.. استقبلها الدكتور عاصم حمدان وزميلي الدكتور عايض القرني وسعادة رئيس النادي آنذاك المشرف العام على المجلة الدكتور عبد المحسن القحطاني بالموافقة والقبول. فأصبحت هي الكلمة الجامعة المعرفة حتى مغادرتنا للنادي فترة الانتخابات وتغيير الإدارة التحريرية. وأعتقد أنها استمرت في كثير من الأعداد الجديدة في فترة الزميل الدكتور عبد الرحمن السلمي. رحم الله الزميل الصديق الأستاذ الدكتور عاصم حمدان وأسكنه فسيح الجنان وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان. والحمد لله رب العالمين ** **