بدأ الاقتصاد العالمي يتأثر سلبًا باستفحال هذا المتطفل غير المرغوب فيه، الذي يعد من الأوبئة الشرسة التي ما زالت البشرية تبحث عن وسائل مكافحتها والتصدي لمخاطرها؛ وذلك لظهوره في عدد متزايد من دول قارات العالم أجمع، والخلاف المتعارف على مصدره؛ ليتكالب العالم بين دروب ثلاثية (المطالب والدافع والداعم)؛ إذ أجمع كبار الباحثين والحكومات على أن الفيروس لن يتم على الأرجح اجتثاثه بشكل نهائي كما حدث مع «ابن عمه» سارس قبل 17 عامًا، بل من المرجح جدًّا أن هذا وباء يتعايش مع البشر لوقت طويل؛ ليصبح موسميًّا ومستمرًّا داخل الأجسام البشرية؛ لأنه يصيب بعض الأفراد دون أن يسبب لديهم أعراضًا واضحة؛ إذ بالإمكان نقله دون أن يتم رصده، وبغض النظر عن إجراءات الإغلاق التي شلت الاقتصاد العالمي، ولطالما تلاطمت رؤوس العالم بالصفعات التي أنهكته، وما مصدره الرئيس؟! فليس هناك حكم عدل لتلك الطامة (منشأ كوفيد19) إلا بالعلم؛ إذ نحتاج إلى الاعتماد على وجهات النظر العلمية والمهنية، وعدم استخدامها لوصم دولة لأخرى، وهو الأمر غير البنّاء مع تحول كوفيد-19 إلى وباء عالمي، طالبت الدول بسببه الصين بدفع «فاتورة كورونا»، وتطالب بتعويضات، بدءًا بدول أوروبا وألمانيا التي أرسلت فاتورة ب161 مليار دولار، ثم أمريكا تطلب دين التريليون دولار، بل دعا أغلبهم إلى سحب المصانع منها، ونقلها لدولهم، مع فرض «تعرفة وبائية» على البضائع الصينية، وعقوبات غير محددة على المسؤولين الصينيين؛ إذ تسبب الوباء وحده في فقدان أكثر من 23 مليون وظيفة بأمريكا، وإنفاق تريليونات الدولارات على حالات الطوارئ؛ لتصل خسائر العالم لأكثر من 5 تريليونات دولار، وقرابة 25 مليون وظيفة في العالم معرضة للضياع؛ لتكون -بحق- صدمة في خسائر تاريخية لأسواق الأسهم العالمية مع انتشار الوباء. ولعل تلك الإجراءات العقابية، التي أساسها الاستفادة من تنامي حالة عدم الثقة العامة في الصين، وكذلك الجهود المتزايدة لتحميلها المسؤولية عن وباء كورونا، قد تؤدي إلى إفساد العلاقات بين واشنطن وبكين، وبين أوروبا وبكين؛ ليكون حليفها فقط العالم العربي، بل أكبر اقتصادات العالم لم تجد إلا العرب. فمصر سارعت بمساعداتها إليها، وكذلك الإمارات والسعودية اللتان وقّعتا مع الصين الشعبية ستة عقود مشتركة مع شركات عالمية لتأمين أجهزة ومستلزمات طبية لمكافحة فيروس كورونا الجديد في الصين، وذلك عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، انتهت بمساعدات، كان آخرها عقدًا بقيمة 995 مليون ريال سعودي. ويأتي هذا الحرص والاهتمام الكبير من مملكة الإنسانية كونها رئيسة لقمة مجموعة العشرين لهذا العام، وقد جعلت الحفاظ على كوكب الأرض من المحاور الرئيسية للقمة؛ ليشكرها العالم الذي امتدت إليه مملكتنا بخيرات الله ثم قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين - حفظهما الله -، وهو ما يعكس ما توليه قيادتنا من حرص وعناية كبيرة بالوطن الغالي وشعبه المعطاء، وكل من يعيش على ثرى مملكتنا الطيبة، وعالمنا الذي نعيش فيه.