الأب في أحيان كثيرة وغالبة وكما تقتضي الظروف الطبيعية مركز الثقل في حياة أي فتاة، سواء كان عاملاً أو مُربياً أو جنديا.. إلخ، وأيا كان وضعه الاجتماعي والثقافي والاقتصادي. الأب الذي يُكوّن مادة مشتركة بينه وبين ابنته أكبر من حدود الحياة المألوفة، ستكون هذه المادة سببًا في أفق غير محاط بالحدود، وسببًا إلى فهم كامل وتصور معيشي آمن يقوي هذه العلاقة المقدسة. على سبيل المثال: الأب القارئ الذي يُؤْمِن بمسؤولية أعمق يشارك أولاده هذه المهمة الجليلة ويصدرها لهم لأن هذا بطبيعة الحال سيوجد في أرواحهم تكاملاً ورباطًا روحيًا وثيقًا. وحين تتجمع هذه المفاهيم في شكل بهي تكون لدينا نماذج معبرة عن منهج قد يستمر طويلاً ومثقلاً بالثمار الناضجة. الأب الذي يفّعل اهتماماته على سبيل المشاركة لا الفرض بين أولاده يُكثف من هذا الوجود الأسمى في حياتهم. المشاركة الفعلية في الاهتمامات تعاطف لا متناهٍ وتوظيف أنساق جمالية ولغوية ومهارية في إنتاج دلالة معيشية واسعة الأفق وفتح أمداها البنائية لوعي إبداعي وتأسيسي مشترك ومتأصل ومتجذر. المشاركة في الاهتمامات هي ما توظف الإبداع وتجعل من القيمة مادة معادة تدويرًا لمفهوم واقعي جميل. هذا على صعيد الاهتمامات، فماذا سيكون الواقع عندما يكون هذا الاهتمام في صلب العمل؟ ما دعاني أكتب هذه الكلمات هو وقوفي على نموذج رائع بين معلم وابنته الطالبة، وبما أني أحب مثل هذه العلاقات الأبوية النقية أستطيع استخراج معاني هذه الارتباط الغني بالمعرفة والخارج عن أدوار العلاقة الطبيعة بين أب وابنته كما هو مدون. الأب المعلم والبنت الطالبة. اللهم طيِب الأثر وحُسن الرحيل. ** **