لا أحد يتمنى الحد من حرية حركته وتنقّله ونشاطه وزياراته وحتى خروجه من المنزل للفسحة أو شم الهواء خارج المدينة؛ لكن هذا الأمر اضطراري؛ وليس اختيارياً حين تفرضه الدولة - إن لزم الأمر - بدافع الحرص على سلامة أبناء الوطن والمقيمين، وسعياً إلى محاصرة كورونا في أضيق نطاق وصولاً إلى القضاء عليه نهائيًا قريبًا إن شاء الله. الوقت المتاح للخروج من المنزل محدود بساعات أول النهار من 6-3 وهو متاح للضرورات فقط؛ كشراء مستلزمات لا بد منها للأسرة ونحو ذلك، وقد لوحظ تساهل من بعض المواطنين والمقيمين في الخروج من المنزل بدون دوافع ملحة، ومن ذلك ما نشاهده عبر مقاطع الفيديو التي تُبث في مواقع التواصل من ازدحام وطوابير طويلة على السوبر ماركت ومحلات التموين الغذائي والخضار والمخابز وبيع البيض وبنوك التحويل ونحوها، ولو تصاعد انتشار الفيروس بسبب كثرة الخروج والتجمعات البشرية المختلفة فربما تلجأ الدولة إلى اتخاذ قرار بمنع التجول أربعاً وعشرين ساعة في بعض الأحياء من أية مدينة كما فعلت في المدينةالمنورة ومكة وجدة، ثم الحظر الكامل خلال اليوم كله على المدن. ومع الأسف الشديد لا يزال كورونا يواصل انتشاره بصورة مرعبة جداً وبوتيرة عالية في الكرة الأرضية، وتجاوزت الإصابات مليوناً ونصف المليون على مستوى العالم كله، وبلغ عدد الموتى أكثر من ثمانين ألفاً، وليس في الأفق القريب خبرٌ عن اكتشاف لقاح أو دواء، وربما يستغرق الوصول إلى ذلك سنة أو سنتين كما يقول الباحثون في مجال بحوث المختبرات وشركات صناعة الدواء. وما دام أن حالة الجائحة في العالم كله على هذا النحو من سرعة الانتشار، وأن أكثر دول العالم تقدماً في المجال الطبي كأمريكا وألمانيا وفرنسا والصين وغيرها قد عجزت عن التصدي للمرض أو محاصرته؛ على الرغم مما بذلته من جهود جبارة حققت نجاحاً جيداً يستحق الثناء كالصين؛ ولم تحقق نتائج إيجابية يُشار إليها بعين الرضا في أمريكا وغيرها، وبما أن الوضع الصحي الدولي كارثي ومؤلم إلى حد الفجيعة كما في إيطاليا وإسبانيا؛ فإن من الحكمة توقي الإصابة بالفيروس قدر الوسع والطاقة من قبل المواطنين والمقيمين، واتخاذ جانب الحذر من التواصل المباشر مع البشر بالتباعد الجسدي أكثر من مترين وارتداء الكمامة عند الحديث بين الطرفين؛ لأن الأطباء يشيرون إلى أن كمية لا ترى بالعين المجردة تخرج من الفم عند النفس أو الكلام بخاصة وتنتشر في الهواء بحدود مترين ولا يشعر بها المتكلم، على خلاف العطس فإن الرذاذ قد يكون واضحاً، والحالة هذه يلزم تغطية الفم عند الخروج؛ سواء في حالة الكلام أو الكحة أو العطس. ولأنه لوحظ عدم الالتزام بالطرق الصحية للوقاية فإن الدولة - وفقها الله - قد تلجأ إلى تطبيق الحظر الكامل على المدن أربعاً وعشرين ساعة وتضع ضوابط ورخصاً وساعات محددة للتسوق الضروري، وهي الطريقة التي طبّقتها الصين في مدينة ووهان وحققت نجاحًا كبيرًا. حفظ الله الوطن وأهله، وكشف الغمة عن الأمة والعالم أجمعين.