يمر العالم في معركة مختلفة، وأمام عدو متناه في الصغر، يملك القدرة على اختراق الصفوف بنجاح، وخلف عشرات الآلاف من الموتى، ولا يزال ينتقل من جسد إلى آخر، وقد يسبب كوارث أكثر، لولا أن علاجاً قديماً، اسمه هيدروكسي كلوروكوين، كان في حكم النسيان، أتى بما لا تأتي به المراكز العلمية الطبية المتقدِّمة، فقد لاحظ طبيب فرنسي قدرته على إيقاف الفيروس في الاختبارات المعملية، ووجد نفس التأثير على مرضاه.. كابر بعض العلماء وحاولوا التشكيك في شخصيته ونتائجه، لكن التجارب الأخرى من دول عديدة، كان أهمها الشقيقة البحرين، والتي قرَّرت منذ السادس والعشرين من فبراير إعطاء جميع الحالات الإيجابية العلاج، وكانت النتائج مذهلة، فقد تسارعت درجات الشفاء، وقلَّت الوفيات..، وعلى العالم أن يأخذ العبر من تجربة البحرين في إحكام تنفيذ إستراتيجية، فقد كانت مؤثِّرة في تاريخ مكافحة الكورونا في العالم.. لم تمر هذه الملاحظات مرور الكرام، فقد لاحظ الرئيس ترامب الأمل في العلاج، وأعطاه جرعة عالية من التشجيع، وقال بالحرف إنه هبة الله إلى الأرض، وحاول بعض العلماء المحسوبين على شركات أخرى التأثير، لكنه نجح بعد أن اتسعت رقعة الاستخدام المبكر، وقد يكون العلاج ذكرى لا يمكن محوها في العقل البشري، ولم تخف على الناس تلك المعركة الخفيَّة بين الرئيس والدكتور انتوني فاوشي، والذي كان يشكك في قدرات العلاج.. كنت دوماً أردد أنه لا يمكن أن نتعامل مع العلم مثلما يجب أن يكون التعامل مع الدين، فالعلم عالم متغيِّر، والدين ثابت لا يتغيِّر، وقد واجه قرار تفويض العلاج عند بعض العقول مقاومة شرسة، والذين برروا رفضهم للعلاج رغم إيجابيته الطاغية، أنه لا توجد دراسات علمية غير منحازة، والتي قد تحتاج إلى شهور لتنتهي، لكننا في مواجهة مع وباء شرس، ويحق للبشرية أن تحاربه ببصيص الأمل الذي وجدوه في علاج الملاريا..، بعد اكتشاف علاقة لقاح الدرن وعلاج الملاريا بفيروس كوفيد 19، ستتغيَّر مفاهيم كثيرة في العلم، وقد نبدأ في كتابة فصول جديدة في مناعة الإنسان، وكيفية عمل كثير من الأدوية.. لقد حكم تاريخ الاكتشافات العظيمة عبارة «وجدتها»، والتي تعني على وجه التحديد قوة الملاحظة، والقدرة على تمييز ومشاهدة بعض الظواهر التي قد تخفى على الجميع إلا أولئك الذين غيَّروا التاريخ بدءاً من ابن الهيثم إلى نيوتن وأنشتين، وأديسون وتسلا والسير ألكسندر فلمنج..، وسيستمر التاريخ يسجِّل للعباقرة دوماً أسبقية الاكتشاف، ونقل البشرية في رحلتهم الخالدة من زمان إلى آخر..