بعد أن فقد الآلاف أرواحهم، أصدرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية يوم الأحد تفويضًا لاستخدام طارئ لهيدروكسي كلوروكوين وكلوروكوين، وهما عقاري ملاريا عمرهما عقود دعمهما الرئيس دونالد ترامب لعلاج الفيروسات التاجية على الرغم من قلة الأدلة. وقالت وكالة HHS في بيان لها إنها سمحت ب»التبرع بالأدوية إلى المخزون الوطني الإستراتيجي ليتم توزيعه ووصفه من قبل الأطباء للمرضى المراهقين والبالغين المصابين بCOVID - 19، وأعلن فيه أن ساندوز تبرعت ب30 مليون جرعة من هيدروكسي كلوروكين للمخزون الأمريكي وباير تبرعت بمليون جرعة من الكلوروكين. من المشكلات التي يعانيها العقل الطبي في شرق المتوسط تلك التبعية العمياء للقرار الطبي الأمريكي، بينما يُنتج العلم في مختلف بلدان العالم، والإشارة إلى احتمال جدوي العلاج المذكور جاءت من فرنسا، لكنهم كانوا يرددون أنهم سينتظرون الخبر من أمريكا. لا يختلف اثنان أن الولاياتالمتحدةالأمريكية بمنزلة المركز في العالم، لكن ذلك لا يعني أن تكون بمنزلة المرجعية التي ننقاد لها بلا عقل، ثم ننتظر قراراتها، فجزء من الكارثة الأمريكية حدث بسبب التأخر في إيجاد الحلول، وإذا لم نتحرك في الشرق لنكون منتجين للعلم والطب الحديث سنكون دومًا في آخر الصفوف ننتظر السماح لنا بشراء المنتج بأغلى الأثمان. العالم تغير، والعلم أصبح حقًا مشاعًا للجميع، ويترتب على ذلك رصد جزء من الميزانية في مجالات البحث العلمي، أو نستمر عالة على الآخرين، وقد تكون منتجاتها مصدر ثراء للبلاد، حيث توجد آلاف المنتجات التي إما للتشخيص أو أدوية لمعالجة المرضى، وكلما تطورنا في إنتاجها ازدادت الثقة بين علمائنا. أبحثوا في التفاصيل وستجدون أسباب تأخرنا في مجال البحث العلمي، فالأمر يعود لتلك الثقافة التي لا تبني، ولكن تسيطر، وذلك بزيادة الإداريين وتقليص ميزانية العلماء والباحثين، ومن السهل تشخيصه فهو أوضح من الشمس في رابعة النهار. فالعالم يُقاس بسيرته الذاتية وإنجازاته، وقد نستفيد من تجارب الآخرين، ونتعاقد من مؤهلين لبناء ترسانة جديدة من العلماء في البلاد، وهو ما قد يقلل من اعتمادنا على الآخرين، ويفتح الأبواب للتفكير وإنتاج الحقائق العلمية لنا أولاً وللعالم. ما يحدث في أزمة الكورونا يدل على وجود خلل في البناء الإداري، فقد تأخرنا على الأقل في بدء دراسة سريرية على العلاج الذي أثار ضجة في العالم حول كفاءته في مكافحة الوباء في بداياته، وقد يدل ذلك على جمود العقل البحثي في المؤسسات العلمية، التي كان يجب أن تشارك من أول يوم لمساعدة الحكومة في اتخاذ القرار الصحيح. البحث العلمي لم يعد متعة أو رفاهية، ولكن ضرورة قصوى، فمن خلاله نحتصر المسافات، ولو خرج غدًا لقاح في أمريكا للكورونا، كم سننتظر لحين انتهاء تحصين الشعب الأمريكي وأوروبا الغربية، والسبب لأننا أخترنا أن نكون دومًا في المركز الأخير في مجال البحث العلمي!