يبدو أنه آن الأوان لشعوب منطقتنا العربية أن تتوقف عن جلد ذاتها، وتنظر إلى الجانب المضيء في حياتها، ولا سيما في صفوف الشبان العرب الذين أبدوا شعورًا كبيرًا بالمسؤولية والتضامن مع حكومات بلدانهم بالاستجابة لنصائح حكوماتهم، بل بالجهود التوعوية في مواجهة أزمة كورونا التي عرت مستوى الضحالة وعدم الشعور بالمسؤولية الذي كشفت عنه ممارسات جيل الألفية من الشبان في بلدين كبيرين كالولايات المتحدةالأمريكية والمملكة المتحدة، وفق متابعاتنا الصحفية اليومية التي نقلنا بعضًا منها هنا في صحيفة «الجزيرة» لنمنح الفرصة لعقد مقارنة بين سلوك الشبان المسؤول في بلد كالسعودية، السلوك الذي جسدته جهودهم التطوعية، وسلوك أقرانهم المتجرد من المسؤولية حول العالم، حتى نكرس لصناعة الفارق الكبير لصالح شباننا. وليس هذا رأينا في الآخر، بقدر ما هو رأي الآخر في نفسه، وشهادته على جيل الألفية في بلاده، إِذ طرح الكاتب الإنجليزي بيرس مورجان، في مقال نقلته صحيفة الديلي ميل، تساؤلاً بشأن الكيفية التي سيوجه بها جيل الألفية أزمة حقيقية، في ظل ما وصفه بالحماقة من «العديد من الطلاب الذين خرجوا في عطلة الربيع يتدفقون إلى الشاطئ في فلوريدا، وهم يعانقون ويقبلون بعضهم بعضًا مثلما اعتادوا في كل عطلة، في وقت يتأثر فيه العالم بأزمة فيروس كوفيد - 19 الذي تتسبب في وقوع أعداد كبيرة من الوفيات وتمزيق الاقتصاد العالمي إلى أجزاء، وهو سبب يدعو للشعور بالقلق لأنه أمر مخيف بلا شك ولا أحد منا، ولا حتى كبار الخبراء العلميين في العالم، يعرفون إلى أي مدى ستسوء الأمور قبل أن نتمكن من عبور هذه المحنة». يقول الكاتب: لا استطيع تصديق غباء كل أولئك الذين يتدفقون إلى الحانات في يوم القديس باتريك حول بريطانيا وأمريكا أمس، في وقت أغلقت فيه أيرلندا كل حانة في البلاد وألغت جميع العروض التي كانت تنتظرها كل مدينة في البلاد، أو تصديق الغطرسة غير الواضحة من كل الشباب الغاضبين الذين يطالبونني ب«توقف عن الوقوع في الهستيريا، إنها مجرد إنفلونزا!» على تويتر في كل مرة أحاول فيها تحذيرهم من مدى سوء هذا الوباء، ومدى الحاجة إلى ضرورة إن أخذوا الأمر بجدية أكبر». ويتساءل الكاتب: أي عقلية تلك التي تجعل الناس بلا عقل عندما نكون في قبضة التهديد الأكبر المحتمل لوجودنا منذ الحرب العالمية الثانية؟ ويعرض الكاتب موقف نجمة المدرسة الثانوية الموسيقية فانيسا هادجنز (31 عامًا)، التي تحدَّثت إلى متابعيها عبر حسابها على إنستغرام وبثت أفكارها حول الفيروس التاجي إلى 38.4 مليون من متابعيها، كثير منهم من الشباب المستعدين للتأثر بأفكارها، معلقة حول الفيروس الذي ربما سيظل يعيث فسادًا خلال الصيف بقولها: «يبدو وكأنه حفنة من الهراء. نعم هو فيروس يمكن أن أصاب به وأنا احترم هذا، ولكن في نفس الوقت، حتى لو أصيب به الجميع ومات الناس، فهذا أمر محتوم». ويعلق الكاتب: هل تفكر هذه؟ بعد ساعة، من المفترض أن تتولى الدعاية الخاصة بها المسؤولية وتنصحها بالظهور لتقول: أنا آسفة جدًا ولقد أسأت التعبير، وأنا أدرك أن كلماتي كانت غير مناسبة على الإطلاق للوضع الذي تعيشه بلادنا والعالم الآن». ويضيف الكاتب: عندما يقوم شخص لديه 38.4 مليون متابع بترديد مثل هذا الهراء الخطير، فهذا أمر خطير بالفعل. هذا جيل يستحق الرثاء.. إنهم يسخرون من الأشخاص الذين ولدوا بين عامي 1946 و1964». وضرب الكاتب مثالاً إيجابيًا بنجمة البوب أريانا غراندي التي غردت قبل أربعة أيام بالرسالة التالية لمتابعيها البالغ عددهم 72 مليونًا: «ما زلت أسمع من عدد مدهش من الناس عبارات مثل «هذه ليست مشكلة كبيرة»، «سنكون بخير»، «لا يزال يتعين علينا أن نمارس حياتنا»، وهو أمر يفاجئني حقًا. من فضلك لا تغض الطرف. إنه لأمر خطير للغاية وأناني أن تأخذ هذا الموقف باستخفاف. عقلية «سنكون بخير لأننا صغار» تضع الناس الذين ليسوا صغارًا و- أو أصحاء في خطر كبير. أنت تبدو غبيًا». ويعلق الكاتب بالقول: «يأتي الأبطال بأشكال عديدة في لحظات مثل هذه، لكن أريانا غراندي هي بطلة حقيقية فهمت شدة هذا الموقف واتخذت إجراءات لإبلاغ جيشها الضخم من المعجبين الشباب بشكل صحيح بما يجب أن يكون عليه الرد الصحيح. نحن بحاجة إلى المزيد من أريانا على وسائل التواصل الاجتماعي ذات التأثير الكبير في الوقت الحالي وعدد أقل من فانيسا. ويختم الكاتب بالقول: لقد حان الوقت لأن يتوقف العديد من جيل الألفية عن الأنانية الدموية للغاية ويسألوا أنفسهم السؤال الذي طرحه الرئيس جون كينيدي في خطابه الافتتاحي لعام 1961: «وهكذا، يا رفاقنا الأمريكيين، «لا تسألوا ما الذي يمكن لبلدك أن يفعله من أجلك، ولكن ماذا يمكنك القيام به لبلدك». قبل أن يفوت الأوان.