في أحيان كثيرة تكون الكلمات هي كل شيء بشكل غير مباشر عندما نضعها دائما في أماكنها التي اعتدنا عليها, هكذا على مر السنوات نكون قد صنعنا بحكم العادة ميراثا كبيرا من الكلمات التي ألبسنها تجاربنا وأفعالنا والتي خاضت معنا أمر دروسنا وأتفهها أيضا.. هل فكرنا أن نحرر الكلمة من أعبائها؟ وأن نضعها في غير مواضعها التي اعتدنا عليها؟ أن نتصالح معها ومع اللغة لتفتح لنا آفاقا غير مطروقة واحتمالات يطل منها عبق الأمل؟ من المؤسف أن الكثير من كلماتنا تتحول معنا إلى أزمنة متعبة نحمّلها كل ما بذاكرتنا من إرهاق وتظل في السطور أو في الصدور مزاراً لتوقيت كل بكاء داخل الخلجات. كلمات بسيطة شكلناها أو شكلتنا على إيقاع رتيب مؤدلج سهل وخطير لأنها أخذت من حيز أملنا الكثير ورمت بنا إلى قوائم الأشياء الضائعة. من الجيد أن نجرد الكلمات المحبوسة في أفق خبراتنا من عاداتها الروتينية ودورها المؤرق ونفتح المجال أمامها إلى تجارب حياتية أوسع وأنماط من التفكير أرتب وإلى استعمالات أرقى وأنقى. كنت أتبادل الحديث مع روح أحبها حيث قالت: نثخن في الأمل! فقلت بدهشة ولم يفارقني الاستنكار: الإثخان يكون في الألم في الجرح في الدم والقطع والانتهاء! فردت علي: حرري هذه الكلمة من عبئها التاريخي وجربي أن تصنعي لها سجلاً بعيداً عن ماضيها, بعيداً عن الألم! ** **