الركود الاقتصادي بأبسط معانيه هو تراجع مفاجئ لاقتصاديات الدول؛ جراء انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لعدة أسباب، وما هو حادث اليوم بسبب وباء كورونا المستجد الذي طغى على كل الساحات، وانتشر هلعه في كل المحافل والأماكن، لا تكمن خطورته في كونه مُميتاً وقاتلاً متسللاً وينتشر بسرعة لبلد يصنف الأول في عدد السكان، الأول في حجم التبادل التجاري مع كافة البلدان، الأول في التصدير، الأول في التصنيع، وهذا ما يزيد الأمور صعوبة وتعقيد وهنا تتفاقم المشكلة. تخيل معي لو امتدّ هذا الوباء فعلياً داخل الصين وأوقف أو خفض النشاط العام في الصين، عندئذٍ لن تتأثر وحدها بل سيتأثر العالم أجمع، حيث تشارك الصين بنسبة 12.5 في المئة من حجم التبادل التجاري العالمي حسب إحصائيات العام 2018، وستتأثر الكثير من الدول ومن ضمنها المملكة العربية السعودية، التي بلغ حجم التبادل التجاري للربع الأول من العام الماضي 2019م بمقدار 17.5مليار، أي أنه في العام قد بلغ 70 مليار دولار تقريباً، في حين أن حجم التبادل الصيني العربي قدر بأكثر من 233 مليار دولار لنفس العام، على الرغم من أن ثلثي التبادل التجاري زاد خلال العام 2019؛ بسبب انتهاج الصين مجموعة من المبادئ تتمثل في ترسيخ الاحترام المتبادل مع جميع الدول بخصوص السيادة ووحدة الأراضي، وعدم الاعتداء والتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، واعتماد مبدأ المساواة والمنفعة المتبادلة مع الدول، وتعزيز التعايش السلمي، كما أنها أبرمت الكثير من الاتفاقيات ضمن تلك المبادئ مع العديد من الدول، ومنها المملكة العربية السعودية، وبالتالي فقد زاد حجم التبادل التجاري بين المملكة والصين بنسبة 27 في المئة عن العام 2018م وخاصة بعد الزيارة التاريخية لولي العهد وظلت النسبة في ازدياد، إلا أنه ومنذ ظهور الوباء مع بداية 2020 تقلصت بعضها وتوقف الكثير من الأنشطة التجارية؛ مما أثر في حجم التبادل التجاري بين البلدين، حيث توزعت الواردات من الصين حسب إحصائيات موقع TRADEMAP للعام 2019م، فقد كانت أهم المنتجات كنسبة مئوية كالتالي : 16.5 في المئة أجهزة ومعدات كهربائية، 11.2 في المئة آلات وأجهزة وأدوات آلية وأجزائها، 13.5 في المئة ملبوسات وأقمشة جاهزة ومنسوجات خام وأحذية، 8 في المئة أثاث منزلي وطبي وأجهزة إنارة، 5.3 في المئة حديد ومنتجاته، وبقية الواردات تمثلت بالسيارات والعربات والمنتجات الخزفية والورقية والمطاط والألمنيوم والزجاج والخشب والأجهزة البصرية والتصويرية والمراقبة، كما أن قطاع المواد الخام اللازم لتصنيع الأدوية يساهم بأكثر من 1 في المئة من حجم التبادل التجاري بين المملكة والصين، إلا أنه يمثل نسبة كبيرة لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تعتمد بنسبة 80 في المئة من المواد الخام اللازمة لتصنيع الأدوية، وفي حال امتد أمد الأزمة فإن الكارثة ستحل على العالم، وباءً وركوداً اقتصادياً مستفحلاً، حتى وإن وجد البديل فسيكون أعلى سعراً وأقل سلاسةفي كيفية التبادل، وستتكبد قطاعات كثيرة حول العالم كقطاع التصنيع والإنتاج والسياحة وصناعات الحديد وغيرها. ونحن أمام كل تلك المخاوف لا داعي لإطلاق التكهنات والتحليلات وربطها بالثواب والعقاب، فنحن في مركب واحد وإن حدثت ثغرة ما في المركب فسوف يتأثر العالم كله.