لو سألت أحد الرواد في مجال الثقافة عن تكوينهم الثقافي لوجدته ينحصر غالبًا في القراءة والاطلاع والسفر إلى بلاد الله، فالكتاب وحده كان المكون الثقافي المهم والوحيد لجيلهم، بينما يختلف المكون أو المكونات الثقافية للجيل الجديد، والمصادر الثقافية المتعدِّدة، فالكتاب ليس أهمها، إذ دخلت السينما والدراما والمسرح والموسيقى والتشكيل والندوات والمقهى وغيرها، فضلاً عن مواقع التواصل الاجتماعي التي تضخ موادَ هائلةً، ليس يوميًا، بل لحظويًا، فنحن أمام مصادر ثقافية متعدِّدة، تصنع وتربي أجيالها، وبالطبع أصبح لكل إنسان مصادر تكوينه الثقافي التي يقرِّرها، ويختارها من بين عشرات، وربما مئات المصادر المتاحة. ومع عمل وزارة الثقافة، بهيئاتها الإحدى عشرة، وهيئة الترفيه، ومع الاهتمام ببرنامج جودة الحياة، أعتقد أن الجيل الشاب اليوم، يستطيع أن يستلهم الكثير مما يحيط به، أن يشاهد فيلمًا جديدًا يتم عرضه في دور السينما المحلية بالتزامن مع دور السينما العالمية، وأن ينصت لفرقة موسيقية شهيرة، تعرض في مركز الملك فهد الثقافي أو في إثراء، كما تعرض تماماً في دور الأوبرا العالمية، أن يستمتع بتأمل لوحات عالمية هنا، كما هي في متاحف العالم، ومع ذلك هل حققنا كل شيء؟ طبعًا لا، نحن نضع أقدامنا في العتبة الأولى من سلم طويل. لقد بقيت الخطوات الأكثر أهمية، وهي البدء بالبنية التحتية لقطاع الثقافة، مثل إنشاء الأكاديميات الفنية، ودور الأوبرا بمستويات عالمية، والمسارح المؤسسة فعلاً كقاعات مسرح وليست كقاعات ذات أغراض متعدِّدة، المتاحف المتخصصة في الفنون والآثار، المكتبات بمصادر وأوعية معرفة جديدة، المزيد من دور السينما، كل هذه البنى التحتية تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة، ودعم حكومي، واستثمارات طويلة الأجل، سواء من الداخل أو الخارج، مع تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، ومنحه التسهيلات المناسبة، حتى نبلغ ذروة إنجاز البنى التحتية الثقافية مع عام 2030 واكتمال رؤية المملكة التي تمنح الجانب الثقافي أهمية كبيرة.