إنّا لله وإنّا إليه راجعون.. تألمت جداً حين منعتني ظروفي الصحية من حضور عزاء الأسرة وتقديم مواساتي وتعاطفي القلبي في وفاة حبيبنا الأستاذ نجيب عبدالرحمن الزامل. نعم؛ أحب هذا الرجل الجميل -رحمه الله- وتقبله في واسع جواره الطاهر. وأعزي نفسي وذويه وزملاء مجلس الشورى الذين تزامل معهم عن قرب وكل الوطن فيه. قبل أن أتعرف على من أسميه صادقة أخي الروحي الأستاذ نجيب عبدالرحمن الزامل تعرفت على شقيقته نعيمة وهي تواصل دراستها ونحن جارتين في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. لاحقاً أنجبت ولدي هاشم وأنجبت ولدها تمام عبدالعزيز الرقطان. وتزاملا في الدراسة حتى توفي تمام فجأة بحادث مروري. اختلطت دموعنا وهي تبكي مرتجفة في حضني. موقف لن أنساه أبدا. كان الحدث الفاجع نقطة تحوّل في حياة أم تمام، حيث حولت كل حبها لابنها لتأسيس جمعية «ود « الخيرية للعمل التطوعي لتنمية المجتمع مركزة على تعليم وتدريب وتأهيل أبناء الأسر ذات الدخل المحدود جداً في حي الثقبة لكي يستطيعون رفع مستوى أسرهم ورؤوسهم عن مستوى الفقر القاتل. وما زالت تبذل مالها ووقتها في هذا المسعى النبيل. حين تعرفت بعدها على أشقائها نجيب ومحمد في مؤتمر بالبحرين شعرت حالاً بوشيجة العلاقة الأسرية الحميمة وبصدق تجسيدها لأجمل ما في مجتمعنا الخليجي من المثل السامية من المسؤولية الاجتماعية والتكافل والكرم واحترام الآخر. وتكررت لقاءاتنا في مؤتمرات شتى تتعلق ببناء الجيل القادم، واكتشفت أن لنجيب جوانب مضيئة أخرى تتجاوز ابتسامته الدائمة وإيجابية حبه لكل من حوله فهو أيضاً مهتم بفعل الخير في الجوار القريب والبعيد أسس جمعية أواصر ليبحث عن ويتقصى أحوال أبناء السعوديين في الخارج، ويحاول تجسير فجوة الإهمال والانفصال بينهم وأسرهم السعودية.. وكان مؤسساً وعضواً فاعلاً وداعماً ومشجعاً لكثير من المجموعات المهتمة بالأعمال التطوعية بشتى مجالاتها. عرفت أنه منذ صغره يعاني من أوضاع صحية مؤلمة وظل يواصل علاج نفسه وخدمة الوطن والمجتمع ببناء جيل صحي المشاعر وقوي الانتماء وصادق الإيمان والالتزام بإرضاء الله. ليس بتوجهات الغلو والإقصائية، بل بإشعال شمعة مؤنسة لكل من يحتاجها في موقف إنساني لا يعترف بالفئوية والتكتلات والفوقية الطبقية. اعترف أنني بكيت أخي نجيب الزامل بمحبة أخت لم تلدها أمه ولم استغرب اتفاق كل من سمع بوفاته عن حبهم له.. فقدناه جميعاً وسنفتقد روحه النقية وعطاءه السخي مادياً ومعنوياً. ولذلك حين تواصل معي بعض الأصدقاء الموثوق بهم يطلبون وسيلة للاتصال بأفراد عائلته الحميمة لغرض إنشاء جائزة للتطوع تحمل اسمه, استجبت فوراً، ومن مثل النجيب النبيل أخي الروحي نجيب عبدالرحمن الزامل -العامل لإسعاد كل من يستطيع دون صخب أو شكوى من آلامه الخاصة- يستاهل هذا التكريم..؟.