قدم من الجنوب بصحبة خاله المتنور إلى الرياض، بسبب بعد المدرسة عن بيتهم، ليجد تلك البيئة الباعثة للحياة والوعي والثقافة في بيت خاله، الذي يملك مكتبة أسهمت بشكل مباشر في تطور الوعي لديه ومع سماع أحاديث وحوارات بعض ضيوف البيت من كتّاب وشعراء. كان يسمع ويخزن في ذاكرته، ربما كان يعي أنه سيخرج تلك الحكايات بصياغة أخرى، كما فعل في رواياته، مدن الدخان والمكتوب مرة أخرى ووحي الآخرة وغيرها من الأعمال التي رأت النور من كاتبنا المخضرم أحمد الدويحي، الإنسان الذي ورث من جبال غامد الصلابة والقوة ورقة الإحساس ومن وديانها حبه لبيئته الجنوبية، لذلك عاشت بداخله رغم سنوات الغربة، يسرد لنا بعض حكايات تلك الأعمال وكيف تشكلت الفكرة ونمت وأصبحت في حوزتنا نقرأها ونستمتع بها.. في البداية لن أسألك سؤالاً، سأترك لك حرية الحديث، أنت تختار كيف تبدأ ومن أين تبدأ؟! * سأتذكر بلا شك بداية الروائي الرائد ابراهيم الناصر الحميدان، كان جاري وصديقي الحميم جدًا، وكان هنا مجلسه في بيتي، أتذكر اثنين من أبنائي فقدتهما في سنة واحدة، أوجعني الفقد وكتبت رواية ميتافيزيقية (وحي الآخرة) عن الفقد، ووجدت من يربط بينها وبين (رسالة الغفران) لشيخي أبي العلاء المعري. سأذكر مرة أخرى، إِذ كنا في صالون الدكتور خالد الحمودي الأدبي، وكيل جامعة الرياض، وكان معظم الحضور أساتذة جامعة وحضورًا نخبويًا، وفوجئت بأنني والدكتور عبدالله الغذامي، والشاعر عبدالله الصيخان، سنتحدث في ذات الليلة عن الحداثة في السعودية، وسأتحدث عن الرواية والتحولات في المجتمع السعودي، والدكتور الغذامي سيتحدث عن الحالة النقدية، وسيتحدث الشاعر الصيخان عن القصيدة الحديثة، قلت ليلتها إن الرواية المحلية هي بنت المدينة، وبدأت ظهورها في المدينتين المقدستين مكةوالمدينة، وكان في ذلك الزمن البعيد، وكتبها الأساتذة عبد القدوس الأنصاري والسباعي، والمغربي، وكان كل كتّاب الرواية من الآباء الذين كتبوا الرواية في الحجاز، يأخذون الرواية وينهونها خارج المملكة، وفوجئت بأن هناك أسئلة من الحضور الدبلوماسي الأجنبي بالذات، حملت كثيرًا من أوجه الدهشة والغرابة. لماذا؟ * لأنهم لم يكونوا يتوقعون أن المدن المقدسة حضارية ومدنية عريقة، أقصد الحضور الأجنبي، وعرفوا بأن الروائيين الأوائل، كانوا يتحاشون التعقيدات المجتمعية والسياسية أيضًا، ويأخذون أبطال رواياتهم معهم خارج حدود الوطن، فأتى اثنان من كتّاب الرواية، ليستنبتا الرواية في موطنها وبيئتها، وعجنها بتربة أهلها وناسها، أقصد بهما الروائي عبد العزيز مشري، وكتبها عن القرية الجنوبية، والثاني هو الأستاذ إبراهيم الناصر الحميدان، وكتبها عن مجتمع نجد، وكان رائدنا وشيخنا لما فكرنا في إنشاء، أول جماعة للسرد في المملكة قبل 30 عامًا، وقد خرجنا من جمعية الثقافة والفنون بالرياض بسبب خلاف تنظيمي، وخرجنا إلى المقاهي، وكنا أكثر من 40 قاصًا وناقدًا. وهل ممكن ذكر أسباب ذلك الخلاف؟ * الخلاف كان بسبب كتاب، كان يصدر من جريدة الرياض، وتشارك صحف عربية أخرى في إصداره، وكان ذلك الكتاب لرواية الزميلة الروائية ليلى الجهني عن روايتها الأولى الفردوس اليباب، فخرجت مشوهة وحذفت بعض فصولها، فقدمنا احتجاجًا على ذلك العمل، فجيء لنا بناقد وشاعر عراقي، كان مشرفًا على صدور الكتاب، فتصادمت معه. على ماذا كان الصدام؟ * قال لنا بما معناه: (أحمدوا ربكم ينشر الكتاب) وكأننا أقل من أن ينشر لنا، وكنا نصر على أنه يجب أن نختار، نحن كتّاب القصة الكتاب السردي المراد إصداره، وألا يحذف منه شيء، ولما رأينا سخريته منّا، اخترنا الخروج من نشاط الجمعية وكان يرأسها محمد الشدي. كم بقيتم في جمعية الثقافة والفنون؟ * كنا في الجمعية بإدارة خالد اليوسف لنادي القصة، نمارس نشاطنا فترة من الزمن بحرية، وهو عراب السرد في المملكة، وله فضل كبير على الكتابة السردية حينما كان يدير نادي القصة، ولكن القرار لم يكن قرار خالد، كان القرار بيد رئيس الجمعية محمد الشدي، وكنا أسماء ذات فعالية أذكر منهم، محمد الشقحاء، حسين علي حسين، الدكتور المناصرة، الدكتور سلطان القحطاني، والروائي عبدالعزيز الصقعبي، وبطبيعة الحال الأستاذ إبراهيم الناصر الحميدان، وأسماء كثيرة من الشباب، ولم تعجبنا فروضات الشدي. ماذا كانت تعمل جماعة السرد؟ * كنا ننفذ البرنامج نفسه الذي ينفذ في الجمعية، ولكن ننفذه خارج الجمعية، يعني نقرأ كتابًا ونتناقش حوله، نعمل ندواتنا الثقافية دون أن يمارس علينا أي سلطة، ننفذ البرنامج الذي نرغب فيه، فجاء الدكتور محمد الربيع وهو رئيس النادي الأدبي في الرياض، وقدم لنا دعوة وقال لنا: تعالوا إلى النادي، مارسوا نشاطكم الثقافي وسأعطيكم مجلة، واخصص لكم قاعة، وأمدكم بما تحتاجون إليه، وكان الروائي إبراهيم الناصر هو الوحيد الذي أصدر رواية في ذلك الوقت، وطبعت لي رواية ريحانة التي صدرت بالقاهرة، كنت أعطيتها الشاعر المصري أمجد ريان الذي أخذها معه إلى القاهرة وأصدرها هناك، المهم أننا في جماعة السرد، قبلنا بشروط رئيس النادي الأدبي، وعشنا في النادي سنوات كانت من أجمل السنوات، ونشأت بعدنا جماعة سرد في جدة، انضم لها عديد من النقاد، منهم الدكتور سحمي الهاجري، والروائي عبده خال، والناقد والروائي علي الشدوي، والدكتور حسن النعمي، وبيت السرد في الشرقية أيضًا، وأخرى في نادي أبها الأدبي، كل تلك الجماعات كانت بعد جماعة السرد بالرياض. وهل كانت نخبوية، وهل للعنصر النسائي حضور؟ * لا لم تكن كذلك، ليست نخبوية ولم يكن للزميلات حضور، ولكننا تداولنا وناقشنا أكثر من عمل لكاتبات، وكان أحد أسباب فشلها، أننا سلمناها إلى الشباب بعدنا، فطغى عليهم حب الذات والأنانية، وحاول أشخاص منهم تجييرها إلى أنفسهم، وهي إلى الآن مجيرة إلى أشخاص، كانت مع الأسف محصورة على الرجال فقط، وكنا نقرأ أعمال الزميلات ونناقشها، ولم تكن هناك أسماء نسائية كثيرة في ذلك الوقت، فهي أسماء على عدد أصابع اليد الواحدة، وأتذكر ناقشنا رواية الزميلة نورة الغامدي «وجهة البوصلة» وكانت رواية رائعة، وأذكر من الأشياء المدهشة أن تواصل معنا الروائي محمد حسن علوان، وكان للتو قد صدرت له روايته الأولى سقف الكفاية، فكتبت قراءة لها وتم مناقشها بين أعضاء الجماعة، حينها كنت أكتب روايتي الثالثة ثلاثية المكتوب مرة أخرى، وهي من أهم رواياتي، ومع الأسف نفدت نسخها من خمس سنوات ولا أملك نسخة واحدة منها، ولم أعمد إلى إعادة طباعتها. لو رجعنا إلى البداية، كيف تشكل الوعي لديك، هل من أحد يمارس القراءة والكتابة في بيتكم، فتأثرت أنت به أم ماذا؟ * أنا ابن فلاح جنوبي بسيط من الباحة، ولكن كان والدي في الوقت نفسه، يعيش في مكة وكعادة الجنوبيين، يشتغلون حينها في المهن البسيطة، مثل سقاية الحجاج، أو صبيان في البيوت، أو عمال في دكاكين، والدي كان يمتلك مقهى، فنحن عائلة تعنى بزراعة الأرض، وكان هناك من يعمل في مزارعنا، ليس بالأجرة ولكن بالإنتاج، معادلة عجيبة لتركيبة المجتمع الجنوبي في ذلك الزمن البعيد، كنت أكبر أشقائي حينما أخذت الابتدائية من مدرسة القرية، والمدرسة المتوسطة بعيدة عن القرية، ويبدو أني كنت شقيًا بما يكفي، ليدفع بي والدي إلى الغربة، ولم يكن يرغب في بقائي بالقرية، حيث كنت أقرأ واسمع حكاية الزير سالم، وتغريبة بني هلال، وكانت جدتي لأبي حكاية من طراز رفيع، نجتمع حولها في الليل لنسمع الحكايات، طبعًا الشعر الشعبي في الجنوب، حي مثل الشعر في العراق، والشعر في داغستان بلدي عند رسول حمزة توف، وكنت أحلم أن أكون شاعرًا، ولكن روح الحكاية كانت تطغى عليه، وكما أذكر كان أبي ومعه أشخاص آخرون، يستمعون للراديو ويتابعون أحداث ثورة اليمن، كان عمري 12 سنة، وكنت قد أنهيت دراسة المرحلة الابتدائية، وحينما كنت أحاول أن أشارك في الحديث، وكان أبي يسكتني، ويقول لي اسكت يا هيكل!، ولكني وجدت في الرياض في بيت خالي مكتبة رائعة بمقاييس ذلك الزمن، وهو من أوائل من حصل على شهادة جامعية، فكانت المكتبة ميداني في الغربة الجديدة المختلفة نهائيًا، عمّا عرفت وتآلفت معه في كل شيء. وهل كنت تعرف من هو هيكل؟ * لا كنت طفلاً، ولكن أبي بحكم أنه يعيش في مكة، كان يملك بعض من الوعي المكتسب، وكنت أراه قيمة ثقافية متجاوزة. انتقلت بعد ذلك إلى الرياض، فماذا حدث؟ * أخذني خالي معه إلى الرياض، وكان يعمل في جوازات المطار ليلاً، ويدرس صباحًا في الجامعة، كان معجبًا بتجربة القوميين العرب، وتأتي له الكتب من مصر في زمن الملك فيصل، وكان الحس السياسي مرتفعًا، هذا الكلام وتلك المرحلة البعيدة، أجد لها صدى في روايتي مدن الدخان، وأذكر أنه جاءني مدير القناة المصرية الثانية، كي يعمل فيلمًا توثيقيًا عن الرواية، وذهبنا للتصوير في حي العود والحلة حيث كنا نسكن، ولكن اختلفنا ولم نكمل المشروع، وقد صور المخرج بعد ذلك فيلمين وثائقيين عن المبدع الراحل عبد العزيز مشري، والشاعر الكبير محمد الثبيتي، وكنت أنا وراء تلك الأفلام الوثائقية. كيف تصف دار خالك التي عشت فيها؟ * جئت إلى الرياض، وأحسست أني مولود في مكتبة وكانت كل عالمي الجديد، وجدت أولى روايات نجيب محفوظ، وعبد القدوس الأنصاري، ويوسف إدريس، وزيدان، وعبدالله القصيمي كالعالم ليس عقلاً، وهذه هي الأغلال التي كانت صادرة حديثًا، ومن هنا نبدأ لأحمد أمين، والعقد الفريد، تلك الكتب كانت تشغلني عن الشارع، ولم يكن عندي إلا هذه الكتب في تلك المرحلة العمرية المبكرة. هل كان يوصيك في القراءة؟ * لا لم يكن يفعل، كنت أنا راغبًا في قتل الوقت، لأن القراءة هي من أنقذتني من صدمة المدينة، وتغير نسق الحياة برمتها. من أي ناحية؟ * لأني كنت أرى القرية أكثر تحضرًا من المدينة، كنا نلتقي مع الفتيات في الحقول والأودية على رؤوس الجبال، وكنا نقول شعرًا معًا، ونغني وكان صوتي جميلاً، وبعضهم لا يزال إلى الآن يذكر تلك الأيام، وقد أصبحنا الآن عجائز وشيوخًا، ولا تزال تلك المرحلة ثرية في ذهني، وتربطني بها صداقة، وتسكن الذاكرة بشخوصها ونسقها الحياتي كملهمة. كنت تقرأ لمن، وأي نوع من الكتب يستهويك؟ * يستهويني أدب السرد بشموليته، ولكن كنت أقرأ في تلك المرحلة روايات إحسان عبدالقدوس، وما زلت أذكر رواية السباعي فديتك ليلى، وأذكر أن بعض من أصدقاء خالي، يشتغلون في الصحف وأذكر من بين من يأتون لبيت خالي، الأستاذ علوي طه الصافي، وعبدالله فايز، والشاعر سعيد الرباعي، وعبدالله سعيد الجابري وأسماء كثيرة من المثقفين، ورأيت رموزًا ثقافية تشكل الوعي بمحاكاتهم، ولكن في مرحلة لاحقة، تيسر لي الاطلاع على النتاجات العربية والعالمية الأدبية والمعرفية بتوسع شديد ومن كل جهات العالم. يصح أن نقول إن وعيك الثقافي والسياسي، تشكل من محاورة تلك الشخصيات الثقافية، وقراءة الكتب المهمة؟ * ليس بالضبط، كنت أسمع حواراتهم وليس محاورتهم، لأنهم أكبر مني سنًا ووعيًا ومعرفة، كنت فقط أعمل الشاي لهم، واكتفي بسماع الحديث. كتبت مجموعة قصصية اسمها البديل، ما حكايتها؟ * كنت قد كتبت مجموعة قصصية أولى، ولم تجمع وفقدتها، وحينما بدأت أصوات القرية تعذبني، حاولت الكتابة شعريًا، ولكنها كتابة لم تنصفني، وبدأت أفقد ملامح معينة، لم أتوازن نفسيًا إلا بالكتابة، فأحيانًا الكتابة تكون دواء، وأنا عن نفسي لا أتوازن إلا بالكتابة، نرجع إلى مجموعة البديل، أرسلتها بداية إلى محمد الشقحاء وكان سكرتيرًا لنادي الطائف الأدبي ورفضها، وذات يوم كنا مجتمعين في بيتي هنا، الشاعر عبدالله الصيخان، والفنان ناصر القصبي، والشاعر محمد زايد الألمعي، والشاعر سليمان الفليح، والشاعر محمد جبر الحربي، فأخذها محمد زايد لتطبع في نادي أبها الأدبي، وكان حينها نائبًا لرئيس النادي، ولما عرضت على المستشار الأدبي في النادي، وأظنه أجنبيًا فرفض النشر للمرة الثانية، وكتب عنها تقريرًا سريًا، قال فيه: ما الذي يدعو كاتبًا محليصا ليصل إلى هذا الحد، ويكتب عبر مذهب سريالي، نشأ في فرنسا في الحرب العالمية الأولى، عندما كان الكتاب والفنانون، يشاهدون الجثث ملقاة على قارعة الطريق، ولا يستطيعون فعل شيء تجاهها، بينما الكاتب والكتاب ينتميان إلى مجتمع إسلامي متماسك؟، ولم يكن مثل هذا التقرير الظالم، ليفت في طموحي ويثني عزيمتي، لأني كنت أكتبُ رواية ريحانة ومجموعة قصصية أخرى، جاءت بعنوان (قالت فجرها) وأصدرها خالد اليوسف من نادي القصة. - الملاحظ عليك عدم متابعة أعمالك الأدبية؟ * هذه بالضبط إشكاليتي، فأنا اعتبر أن مسؤوليتي الأولى، إجادة الكتابة بمصداقية عالية ورفيعة، وتنتهي بنهاية كتابة النص، ولا أعرف كيف أتواصل مع النقاد والجوائز؟، بل إني أخجل أن أقوم بإهداء أعمالي، وتظل مشكلة عدم طباعة أعمالي في نسخ جديدة، مؤلمة وواحدة من أبرز عيوبي. - لنرجع إلى الوراء قليلاً، وأنت عند خالك، كنت تقرأ وتدرس، وماذا حدث بعد ذلك؟ * عندما أنهيت الدراسة بالمرحلة الثانوية، حاولت الالتحاق بالجامعة، ولكن كنت شابًا فقيرًا، لذلك اتجهت إلى ميدان العمل، وعملت (مونتيرًا) وتعني بالفرنسية، إعادة اللقطات المحذوفة، وكان ذلك بالتلفزيون السعودي، وكان أجري في ذلك الوقت مئتين وأربعين ريالاً، ربما كان ذلك عام 1968م، وبعد ذلك عملت في مكتب جريدة عكاظ بالرياض، حينها وجدت الأستاذ سباعي عثمان القاص الجميل وكان مشرفًا على صفحة الأدب، أرسلت إليه أربع قصص، فنشرها ولم يكن يعلم أني أعمل معه في عكاظ، فكتب تحت النص إشارة، تدعو كاتب هذا النص أن يتصل به، وأذكر أن اسم نص القصة الجائزة، وحدث بعدها اتفاق كامب ديفيد، فكنا مجموعة شباب، لم نكن نعرف من السياسة شيئًا، وخرجنا غاضبين من جريدة عكاظ، لأنها كانت تؤيد الاتفاق إلى جريدة الرياض، ودخلنا تحت عباءة الأستاذ تركي السديري، فقال لي بالتحديد، لا قصة، ولا فن، وبلاش خرابيط، عملك صحفي فقط، وفوجئت به يسلمني الإشراف على ملحق سياسي اقتصادي اجتماعي، يصدر كل يوم جمعة، وكان إلى جانبه ملحق أدبي، وملحق رياضي، وملحق فني، وكان الملحق السياسي مميزًا ومقروءًا. من كان يكتب فيه؟ * أحمد التويجري، والدكتور عبد العزيز الداغستاني، والكثير من الأسماء المميزة في تلك الفترة لا أتذكرها الآن، لكن هذا مكنني من معرفة حركة البلد، وماذا كان يحصل في تلك الأيام من أمور سياسية واقتصادية، وفتحت لي أبواب لم أكن أحلم بها، ولكني لم استفد منها، فتنازلت عن راتب سبعة عشر ألفًا في ذلك الزمن، وقبلت براتب أربع آلاف ونصف من أجل الأدب، وعملت في مكتبة بإحدى الوزارات، وهجرت العمل بالصحافة إلى الأبد، كنت أقفل باب مكتبي على نفسي، وتفرغت للكتابة الأدبية والقراءة بكثافة، ولم أعد إلى الصحافة إلا لكتابة العمود الصحفي الأدبي.