أحضرت قارة بأكملها إلينا، بحروبها الأهلية، بمعتقداتها، بملامح أهلها، بفنونها، وشوارعها وبيوتها، وأغنياتها ولهجاتها المتعددة، وعبرت بنا إلى جبال الأنديز هناك، وعرجت بنا على جزر بعيدة عنا، واريوتنا بمنظر شلالات مهيبة، وكأنك كنت تقول هنا قارة بدأت ترسم لها وجودًا ثقافيًا عبر العالم، فانصتوا إليها. اتذكر أنني أتيت معرض للكتاب لأجل التقيك وأنصت لك، كنت تتكلم بثقة، كانت كلماتك تعليقاتك مقتضبة لكنها عميقة، وأيقنت أن الترجمة شغف سرمدي، وإنني أسير في الطريق الوارف المخيف ذاته، ولكنك لم تكن تترجم، أنت كنت تعزف لنا موسيقى شعوب اللغة الإسبانية، أنت كنت تمطر لنا من حكاياتهم وكانت ترجماتك ترسم هالات ضوء حول هويات إنسانية بعيدة، وهكذا هي الترجمة الأدبية الباذخة. أيها الكولونيل، تدين لك ايزابيلا الليندي، بورخيس، بوكاشيو، ماركيز، وساراماغو وغيرهم من مبدعي أمريكا اللاتينيه بأنك أدخلتهم إلى مكتبات العالم العربي، ويدين لك المثقف والقارئ العربي بأنك عرفته على هوية شعوب أمريكا اللاتينية. أيها الأديب نعم كان الطريق متعبًا وشاقًا، ولكنه كان مفعمًا بشذى الفن الباسق. اعتقد وصلت رسالة الترجمة الأدبية العظيمة عبرك بعمق. ** **