يشهد يوم الأربعاء المقبل بداية تداول سهم شركة أرامكو بعد أن حقق اكتتابها نجاحاً ضخماً تجاوزت التغطية فيه أكثر من ستة أضعاف المبلغ المستهدف من أول مرحلة لطرح أسهم الشركة أما كمية الأسهم التي طلبت فقاربت 14 مليار سهم رغم أن المطروح حسب نشرة الإصدار للأفراد والمؤسسات 3 مليارات سهم أي أكثر من 4.5 ضعف الكمية التي طرحت للاكتتاب، وبلغ إجمالي الأموال المجمعة 446 مليار ريال وحصيلة الاكتتاب ستكون هي الأكبر بالتاريخ عالمياً بمبلغ 25.6 مليار دولار وتسبق بذلك اكتتاب شركة علي بابا الصينية التي جمعت 25 مليار دولار، وفي حال قررت أرامكو رفع حجم الطرح بأي كمية للمؤسسات فسيرتفع حجم المبلغ النهائي بفارق كبير عن أي اكتتاب ضخم عالمياً والسبب في هذا النجاح للاكتتاب لا يتطلب شرحاً أو تفسيراً لأن الشركة هي أرامكو أكبر شركة بالعالم للطاقة وكذلك من حيث القيمة حيث تزيد على أقرب منافسيها بنادي التريليون دولار شركتي آبل ومايكروسوفت بأكثر من 60 %. وبعد أن انتهى الاكتتاب وما رافقه من تساؤلات والبحث عن المعلومات من قبل الراغبين بالاستثمار بالشركة بدأ التساؤل حول مسار حركة السهم في الأيام والأسابيع الأولى لنداوله وعادة ما يكون هذا السؤال من قبل من يرغبون بالمضاربة على السهم وتحقيق أرباح رأسمالية سريعة لأن المستثمرين الاستراتيجيين يبحثون عن العائد والنمو النستقبلي للشركة والقطاع، من الملفت بداية عودة الأرقام الكبيرة للاكتتاب على الشركات التي تدرج محلياً فاكتتاب البنك الأهلي وصل عدد المكتتبين فيه إلى 1.260 مليون مكتتب وبقية الاكتتاب لا تبتعد عن هذا الرقم أو تقل عنه بكثير لكن اكتتاب أرامكو بلغ عدد المكتتبين أكثر من 5 ملايين مكتتب بقليل وهذه إشارة أولية مهمة لعودة الزخم للسوق المحلي مما يعني أننا سنشهد زيادة في عدد المشاركين بالسوق بالفترة المقبلة وارتفاع كبير بأحجام التداول عن المتوسط الحالي البالغ حوالي 2.5 مليار ريال يومياً. أما ما يؤثر بمسار حركة السهم فهي تنقسم لإيجابية متمثلة بعدة عوامل: - تعيين مدير للاستقرار السعري بنك جولدمان ساكس سيسمح له بشراء 15 % من الأسهم المطروحة للاكتتاب. - الإعلان عن نية مؤشرات الأسواق الناشئة مورجان ستانلي وفوتسي وإس آند بي ضم سهم أرامكو لمؤشراتها بعد أيام قليلة من بداية تداوله، مما يعني ارتفاع حجم السوق السعودي فيها وستقوم الشركات والمستثمرون الذين يتبعون هذه المؤشرات بزيادة وزن السوق السعودي في محافظها من خلال سهم أرامكو مستقبلاً. - أيضاً ستقوم صناديق الأسهم وكل المحافظ الاستثمارية التي تديرها المؤسسات المالية التي تعتمد الأسلوب الكلاسيكي ببناء استثماراتها بوضع وزن لسهم أرامكو في محافظها. - ويلعب حافز المنحة لمن يحتفظ بالسهم دون تخارج لمدة ستة شهور بالحصول على منحة تصل لعشرة بالمئة بحد أعلى 100 سهم للفرد، دوراً مهماً بامتناع البعض عن بيع أسهمه مما يسهم بتقليل العرض. - وللعوامل الخارجية دور بارز بدعم اتجاه السهم إيجاباً ومنها زيادة خفض إنتاج النفط للفترة المقبلة من قبل «أوبك بلس» مما يعني بقاء سعر النفط في المنطقة التي تم اكتتاب السهم وإدراجه عندها وهي حول 60 إلى 65 دولاراً، ولهذا العامل دور مهم بدعم استقرار السهم ودعم الاتجاه الصاعد مستقبلاً. - أيضاً يعد احتمال قرب توقيع اتفاقية التجارة بين أميركا والصين التي ستنهي الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين داعماً كبيراً للاتجاه الصاعد لأسعار النفط، وقد أعلن مستشار الرئيس ترمب للمفاوضات مع الصين أن الاتفاق بات قريباً. - أيضاً يعد الترام الشركة بتوزيعات تعادل قرابة 4.5 % سنوياً لمدة خمسة أعوام مقبلة داعم لتعزيز سعر السهم حول سعر الاكتتاب في حال حصول أي ضغوط تأتي من تراجع مفاجئ بأسعار النفط والإيرادات عموماً. - أما العوامل السلبية فتتمحور حول احتمال هبوط حاد ومفاجئ بأسعار النفط وهذا العامل مستبعد لحد كبير بالفترة الحالية إذ لا يوجد أي عامل يدعم هذا الاحتمال، وسيحد من أثره لحد كبير الالتزام بالتوزيعات لخمسة أعوام بحد أدنى تم ذكره في العامل السابق. - والعامل الثاني هو أي تطور مفاجئ بالأحداث الجيوسياسية بالمنطقة، خصوصاً أي مواجهة بين إيران وأميركا وهو عامل لا يمكن توقعه لأنه محكوم بحسابات دقيقة ومعقدة. قد تكون هناك عوامل عديدة أخرى لم تذكر تؤثر بحركة سعر سهم أرامكو بالأسابيع الأولى لإدراجه لكن على المتعاملين بالسوق النظر لمجمل هذه العوامل وترجيح أي كفة يرونها أكثر تأثيراً، لكن المستثمر بالتأكيد لن يهتم كثيراً لحركة الأسعار بقدر اهتمامه بالمستقبل والتوزيعات وأهمية القراءة الاستراتيجية البعيدة لشركة أرامكو، حيث إنها عملاق الطاقة عالمياً التي تعد الدم الذي يغذي جسد الاقتصاد العالمي وسيحتفظ النفط تحديداً بموقعه الرئيسي والبعيد عن أي منافس لعقود قادمة إذ لا يوجد بديل يغطي استخدامات النفط وخصائصه ومزاياه وتكلفته كافة، ولكن بعيداً عن أي تحليل لاتجاه سعر سهمها فإن أرامكو تمثل أول استثمار مباشر يطرح محلياً بشركة تنتج النفط الثروة الكبرى التي تمثل العامل الأساس بتنشيط اقتصاد المملكة وأسهمت ببنائه وبما وصل إليه من كونه بين أكبر عشرين اقتصاداً عالمياً.