تجري هذه الأيام عملية اكتتاب على 1،5 % من أسهم شركة أرامكو وهي الأكبر من نوعها ليس بالسوق المحلي فقط بل على مستوى العالم في حال تم تحديد السعر عند النطاق الأعلى 32 ريالاً حيث سيجمع الاكتتاب بهذه الحالة 25،6 مليار دولار ليفوق بذلك اكتتاب شركة علي بابا الذي جمع 25 مليار دولار. بداية فقد نشرت كافة المعلومات عن الشركة في نشرة الإصدار كما أن تحديد النطاق السعري بين 30 و32 ريالاً وضعها في مستوى تقييم يتراوح بين 1،6 الى 1،707 تريليون دولار، هذا الرقم الضخم يفوق قيمة أكبر عشر شركات نفط وغاز مدرجة عالمياً من بينها اكسون موبيل وشل وتوتال وبريتش بتروليوم وهو ما يكفي لمعرفة مدى ضخامة أرامكو وقيمتها وأهميتها ليس محلياً بل عالمياً فهي تملك امتيازاً لإنتاج أكبر احتياطي عالمي لدى أي شركة نفط بالعالم، فمعروف أن النفط والغاز هي ثروات سيادية وأرامكو فقط تملك امتيازاً محدداً بمدة زمنية طويلة أي أن أرامكو بهذه المزايا تصبح الشركة الأكبر تأثيراً بأسواق الطاقة وكذلك الأكثر تأثيراً على نتائج قطاع الطاقة عالمياً، أما من حيث الأرباح فقد حققت في التسعة أشهر الأولى من هذا العام 68 مليار دولار أي 255 مليار ريال وهو ما يفوق بأربعة أضعاف أرباح كامل الشركات المدرجة بالسوق المالي السعودي لنفس الفترة، أما من حيث الملاءة المالية فهي تمتلك أرباحا مبقاة حجمها 918 مليار ريال وهي تغطي رأس مالها البالغ 60 مليار ريال بحوالي 15 ضعفاً مما يثبت قوتها المالية الكبيرة ولذلك حصلت على تصنيفات ائتمانية عالية ودائماً ما يتم تغطية أي سندات تطرحها بعدة أضعاف. أما من ناحية الاستثمار بشركة أرامكو فقد تعهدت الشركة بتوزيع ما لا يقل عن 75 مليار دولار سنوياً لمدة خمسة أعوام أي أن نسبة التوزيع ستكون ما بين 4.4 إلى 5 % بحسب السعر النهائي للاكتتاب الذي حدد بالنطاق السعري المعلن، لكن تبقى النظرة للمستقبل هي ما يهم المستثمر فمما لاشك فيه أن أي صناعة أو سلعة عالمية كالنفط تواجه تقلبات سعرية وتتأثر بعوامل الاقتصاد العالمي لكن النظرة لدى أرامكو وكذلك لمنتجي النفط تكون طويلة الأمد فرغم المد والجزر بأسعار النفط لكن على مدى العقود الماضية حتى يومنا الحاضر هي صناعة تحقق أرباحا ولذلك يتم ضخ استثمارات كبيرة لزيادة الإنتاج لأن العالم ينمو سكانياً وتنمو معه الحاجة للطاقة ويبقى النفط هو أهم مصادر الطاقة، ولذلك عند مقارنة أسعار النفط من خمسة عقود على أبعد تقدير حتى يومنا الحاضر نجد أنها ترتفع وباتجاه صعودي دائماً عند الأخذ بعين الاعتبار قياس مدى زمني طويل وليس لفترات قصيرة أي أن الاستثمار بشركات النفط هو دائماً يقوم على النظرة الطويلة الأمد، كما أن أرامكو تتميز عن غيرها من شركات النفط المدرجة عالمياً بأنها الأقل تكلفة بإنتاج النفط بينهم وهو ما يضعها في المرتبة الأولى دائماً من حيث نسبة الربح للتكلفة. أما نسبة التخصيص فلا يمكن الإجابة على هذا السؤال لأنه سيتحدد بحسب عدد المكتتبين وحجم الطلب وقد صدرت أول نشرة إحصائية قبل ثلاثة أيام عن نسبة التغطية وعدد المكتتبين في أول خمسة أيام وكانت النتائج كبيرة حيث تمت التغطية بحوالي 75 % لإجمالي حجم الاكتتاب أما الأفراد فقد ضخ 1،825 مليون مكتتب 14 مليار ريال أي بمتوسط 365 ألف مكتتب يومياً، والمتعارف عليه أن الاكتتابات السابقة دائماً ما ترتفع وتيرة الإقبال على الاكتتاب من الأفراد في آخر أربعة أيام ولذلك تعد البداية جيدة ومتوافقة مع ما حدث بأغلب الاكتتابات السابقة بما فيها الكبيرة منها كالبنك الأهلي، أما أداء السهم فهناك عوامل عديدة تدعم استقراره أو تحقيقه لمكاسب بالأسابيع الأولى للإدراج منها إعلان مورجان ستانلي وفوتسي واس اند بي عن نيتهم إدراج أرامكو بمؤشر الأسواق الناشئة بعد أيام قليلة من إدراجه مما يعني أن من يتبعون هذه المؤشرات لابد أن يزيدوا وزن السوق السعودي في محافظهم ومن المنطقي أن تكون الزيادة من خلال إضافة شركة أرامكو لسلة استثماراتهم، يضاف لذلك أن الصناديق الاستثمارية والمحافظ الكبيرة لابد أن تعيد توزيع استثماراتها بعد إضافة أرامكو لمؤشر السوق كونهم يتبعون الطريقة الكلاسيكية في بناء استثماراتهم بالأسواق، يضاف لذلك التحفيز المقدم للأفراد بمنحهم عدداً معيناً من الأسهم المجانية في حال احتفاظهم بالسهم لستة شهور، بالإضافة لتعيين بنك جولدمان ساكس مسؤولاً عن الاستقرار السعودي لمدة 30 يوماً من بدء الإدراج حيث سمحت له أرامكو بشراء 15 % من الكمية المطروحة بالسوق، كما أن التعهد بالتوزيعات النقدية لخمسة أعوام قادمة كما هو معلن سيكون عاملاً مهماً يدعم الاحتفاظ بالسهم من المستثمرين، يضاف لذلك العوامل التي تدعم استقرار أسعار النفط عند المستويات الحالية بحكم أن أوبك مع المنتجين من خارجها ما زالوا متمسكين بالاتفاق على إعادة التوازن لأسواق النفط، كما أن احتمال الاتفاق قريباً بين الصين وأميركا على إنهاء الحرب التجارية بينهم سيدعم الاتجاه الصاعد المتوازن لأسعار النفط وهذا ما يعني أن أداء سهم أرامكو سيكون مقروناً بعوامل عديدة. طرح أرامكو سمي باكتتاب القرن فهو سيجمع أموالاً تفوق ما جمع في أكبر عشر شركات طرحت بالسوق المحلي، ولأهمية هذا الاستثمار ودوره في التأثير على مستقبل السوق المالي المحلي الذي سيصبح عاشر أكبر سوق عالمياً من حيث القيمة، فإنه من المهم الاطلاع على نشرة الإصدار التي وصل عدد صفحاتها إلى 806 صفحات والتي تجيب على كل سؤال واستفسار يهم المستثمر الذي يبحث عن الفرص أما المضارب فهو يهتم بحركة واتجاه الأسعار فهو يشتري سهماً وليس شركة كما يفكر المستثمر.